هل يصبح العراق مسرحا للحرب العالمية الثالثة؟

الكاتب الصحفى / مدحت مكرم

 

مدير عام و مدير تحرير جريدة اليوم التامن

 

بعد 3 أشهر من احتجاجات عنيفة اجتاحت أنحاء العراق بدءًا من مطلع أكتوبر الماضي، اعتراضًا على فساد النخبة السياسية وتردي الأوضاع المعيشية والنفوذ الإيراني، ظلت أنظار العالم معلقة بالعراق، الذي تحول من ساحة للاحتجاج إلى حلبة للملاكمة، تتبادل فوقها الولايات المتحدة وإيران الضربات الانتقامية، وكانت آخرهما الضربة الصاروخية التي نفذتها إيران فجر اليوم على القواعد الأمريكية في العراق.

وبدأ التصعيد الأخير في 27 ديسمبر بمقتل متعاقد مدني أمريكي جراء قصف صاروخي على قاعدة K1 العراقية بالقرب من كركوك، والتي تستضيف عسكريين أمريكيين.

استهداف القواعد الأمريكية في العراق:

وتعرضت القواعد العسكرية العراقية، التي تنتشر فيها قوات أمريكية، لهجمات صاروخية متكررة خلال الأسابيع الماضية.

واتهمت الولايات المتحدة، على لسان وزير خارجيتها، مايك بومبيو، “إيران وأتباعها” بالوقوف وراء هذه الهجمات، متعهدة بأن ترد بحزم حال تضرر الكوادر الأمريكيين أو حلفائهم العراقيين جراء هذه الاعتداءات.

ضرب مقرات حزب الله في العراق:

وردًا على ذلك، شنت قوات أمريكية ما قالت إنها “ضربات دفاعية دقيقة” ضد خمس منشآت تابعة لكتائب “حزب الله” العراقي في العراق وسوريا، يوم الأحد 29 ديمسمبر، لإعاقة قدرة الحزب على شن هجمات مستقبلية ضد قوات عملية “العزم التام”.

وقال المتحدث باسم البنتاجون جوناثان هوفمان، في بيا، إن هذه الضربات نفذت “ردًا على هجمات متكررة لكتائب حزب الله (العراقي) على قواعد عراقية تضم قوات أمريكية”، مؤكدًا “أنها ستضعف قدرات كتائب حزب الله على شن هجمات مستقبلًا على قوات التحالف”.

وشمل القصف ثلاثة أهداف في العراق وهدفين في سوريا. ونقلت الوكالة عن المتحدث قوله إن القصف جاء ردًا على هجمات وقعت مؤخرًا ضد قوات التحالف. واستهدف القصف منشآت لتخزين الأسلحة ومواقع للسيطرة والقيادة.

تظاهر مؤيدي الحشد الشعبي أمام السفارة الأمريكية:

وبعد يومين، في 31 ديسمبر، تظاهر الآلاف من مؤيدي الحشد الشعبي المدعوم من إيران أمام السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد، وأضرموا النيران في أحد بوابات السفارة، وبدأ عشرات المتظاهرين في نصب خيام أمام مقر السفارة تمهيدًا للاعتصام، فيما حاولت قوات الامن العراقية إبعادهم بالقوة عن محيط السفارة.

الهجوم على السفارة الأمريكية في العراق:

واتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إيران بتدبير حصار الآلاف من مؤيدي الحشد الشعبي في العراق، للسفارة الأمريكية في بغداد، وحمل ترامب طهران مسئولية الهجوم على السفارة، مطالبًا السلطات العراقية بمنع بحماية السفارة وتأمينها.

وكتب ترامب في تغريدته “قتلت إيران أمريكيًا، وأصابت آخرين، لقد استجبنا بقوة، وسنقوم بذلك دائمًا، الآن تقوم إيران بتنظيم هجوم على السفارة الأمريكية في العراق، وسوف يتحملون المسئولية الكاملة”.

مقتل قاسم سليماني:

وخلال الساعات الأولى من صباح الثالث من يناير دخل التصعيد منعطفًا خطيرًا، عندما استهدفت طائرة أمريكية موكب سيارات في مطار بغداد كان يستقل إحداها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، أحد أهم مهندسي التدخلات الإيرانية في المنطقة والمشرف الأول على الوكلاء والميليشيات الموالية لإيران في الدول العربية.

وقُتل في نفس الغارة مع سليماني نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي الموالي لإيران أبو مهدي المهندس، وقيادات رفيعة من ميليشيات كتائب حزب الله في العراق والحرس الثوري الإيراني.

تعليق إيران على مقتل قاسم سليماني:

وتوعدت إيران برد موجع وقوي على مقتل قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني. وأعلن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الحداد الرسمي لثلاثة أيام وتوعد بالانتقام ممن أسماهم “بالمجرمين قتلة سليماني”.

قصف قاعدة عين الأسد العسكرية بالعراق:

وجاء الرد الإيراني المنتظر خلال الساعات الأولى من صباح اليوم، حيث أعلن الحرس الثوري الإيراني عن قصف قاعدة “عين الأسد” العسكرية بالعراق التي تستضيف قوات أمريكية بالصواريخ الباليستية، إضافة إلى قاعدة أمريكية أخرى في مطار أربيل.

وعقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اجتماعا، عقب الهجوم، مع كبار مسئولي الأمن القومي الأمريكي وبينهم وزيري الدفاع مارك إسبر والخارجية مايك بومبيو ونائب الرئيس مايك بنس.

رد أمريكا على استهداف قواعدها العسكرية في العراق:

وقال ترامب، في تغريدة عبر حسابه على تويتر، إن “كل شيء على ما يرام، أطلقت صواريخ من إيران على قاعدتين عسكريتين في العراق”، مضيفا: “يجري تقييم الأضرار والضحايا، كل شيء جيد حتى الآن، لدينا الجيش الأقوى والأكثر جهوزية في العالم بفارق شاسع”.

ومن جانبه، نشر وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف تغريدة قال فيها إن بلاده أنهت اتخاذ إجراءات “مناسبة” للدفاع عن النفس وفقا للمادة رقم 51 من ميثاق الأمم المتحدة مؤكدا أن إيران لا تريد التصعيد لكنها ستدافع عن نفسها في وجه أي “عدوان” عليها.

الحرس الثوري يهدد بضرب الداخل الأمريكي:

وهدد الحرس الثوري الإيراني بضرب الداخل الأمريكي في حال قرر البنتاجون توجيه ضربة مضادة لطهران ردا على استهداف القاعدتين الأمريكيتين في العراق، وذلك عبر قناته على تليجرام.

وبحسب قناة “سي إن إن”، قال المتحدث باسم الجيش العراقي، إن بلاده تلقت رسالة شفوية من إيران، بشأن الهجوم الصاروخي على قاعدتين عسكريتين أمريكيتين في العراق، قبل حدوثه، مؤكدًا عدم وقوع أي خسائر بشرية في ذلك الهجوم الذي يأتي ردًا على مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني في غارة جوية أمريكية، يوم الجمعة الماضي.

ماذا قال الجيش العراقي عن الضربة الصاروخية الإرانية:

وأضاف المتحدث، في بيان نشره حساب المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي على تويتر، الأربعاء أن إيران أبلغت بغداد أن “الضربة ستقتصر على أماكن تواجد الجيش الأمريكي في العراق دون أن تحدد مواقعها”، وأنه “في نفس الوقت بالضبط اتصل بنا الجانب الأمريكي وكانت الصواريخ تتساقط على الجناح الخاص بالقوات الأمريكية في قاعدتي عين الأسد في الأنبار وحرير في أربيل وفي مواقع أخرى”.

وأكد البيان أن “العراق يرفض أي انتهاك لسيادته والاعتداء على أراضيه”، وأن “الحكومة مستمرة في محاولاتها الجاهدة لمنع التصعيد واحترام الجميع لسيادة العراق وعدم التجاوز عليها وعدم تعريض أبنائه للخطر”، مشيرًا إلى أن بغداد تدعو إلى “ضبط النفس وتغليب لغة العقل والتقيد بالمواثيق الدولية واحترام الدولة العراقية وقرارات حكومتها ومساعدتها على احتواء وتجاوز هذه الأزمة الخطيرة التي تهددها والمنطقة والعالم بحرب مدمرة شاملة”.

ولم تسفر الهجمات الإيرانية على قاعدتين عسكريتين للقوات الأمريكية في العراق، عن وقوع أي إصابات، فيما أطلقت إيران نحو 22 صاروخًا باتجاه القاعدتين في إطار الرد على مقتل قاسم سليماني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *