ترامب هل يتحول بعد حرب غزة ام سيرجع كما كان

ترامب هل يتحول بعد حرب غزة ام سيرجع كما كان

كتب ضاحى عمار
عودة دونالد ترامب ا إلى البيت الأبيض بعد حرب غزة يثير أسئلة حول مدى تأثير هذا الحدث على القضية الفلسطينية والموقف العربي بشكل عام. في ظل التغيرات المتسارعة في السياسة العالمية، خصوصًا مع تصاعد العداءات في منطقة الشرق الأوسط وانعكاسات الحرب الأخيرة في غزة على الرأي العام، قد تكون عودة ترامب نقطة تحول مؤثرة، وإن كانت غير محسومة الاتجاه.
الدكتور طلعت آدم، عميد جامعة الإمارات والمتخصص في الشؤون الدولية، يرى أن تأثير عودة ترامب على ملف الصراع العربي الإسرائيلي سيكون واسع النطاق، خاصة بالنظر إلى سجله السابق في تعزيز التحالف مع إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية. “عودة ترامب قد تعني إحياء ما يعرف بـ’صفقة القرن’، لكن في سياق جديد مرتبط بالتطورات الأخيرة”، يقول آدم. ويضيف: “قد يحاول ترامب إعادة طرح هذه الصفقة بشكل يُظهره كوسيط للسلام، خاصة مع تعهده بإنهاء الحروب حول العالم، وهو أمر يراه البعض وسيلة لتخفيف التوترات في المنطقة”.
من جهته يرى المهندس فتحي شومان، رئيس الاتحاد الشبابي لدعم مصر والمتابع للسياسات منه، إلى أن العلاقة بين ترامب ونتنياهو قد تكون متوترة نوعًا ما، خاصة في حال حاول الأخير اتخاذ خطوات استفزازية قبل تسلم ترامب لمنصبه، مثل إعلان ضم الضفة الغربية أو التحرك بشأن المسجد الأقصى. ويوضح شومان: “ترامب قد لا يتفق تمامًا مع نتنياهو، خصوصًا أن الرأي العام الأميركي، خاصة بين الشباب، بات أكثر انتقادًا لإسرائيل نتيجة للمجازر التي ارتُكبت في غزة”. ويرى شومان أن ترامب قد يتبنى توجهات أكثر ليونة لتحقيق تسويات سياسية من شأنها تهدئة الشارع العربي والدولي.
الدكتور إبراهيم أبراش، الأكاديمي الفلسطيني والمتابع لشؤون القضية الفلسطينية، يؤكد أن السياسة الأميركية تجاه إسرائيل لن تشهد تغييرًا جوهريًا حتى لو تغيرت الإدارة. ويفسر ذلك بأن العلاقات الأميركية-الإسرائيلية تتسم بعمق استراتيجي لا يتأثر بتغير الأحزاب أو الرؤساء. يقول أبراش: “التزام واشنطن بأمن إسرائيل وتفوقها العسكري في المنطقة سيظل ثابتًا، بغض النظر عن من يحكم البيت الأبيض. لكن المتغيرات تأتي من الرأي العام الأميركي نفسه، والذي شهد تحولًا ملحوظًا مع الانكشاف الإعلامي لممارسات إسرائيل في غزة
ويعزو أبراش هذا التحول إلى تزايد وعي الشباب الأميركي بالحقائق، مشيرًا إلى أن المشاهد الصادمة للحرب الأخيرة في غزة أثرت بشكل كبير على الرأي العام. “هذا التغير قد يكون بطيئًا، لكنه سيكون مؤثرًا. أي رئيس، بمن فيهم ترامب، سيتعين عليه أن يأخذ هذا التغير بعين الاعتبار”، يوضح أبراش.
في المقابل، تتزايد المخاوف من أن يتخذ نتنياهو إجراءات تصعيدية قبل تنصيب ترامب، مثل اتخاذ قرارات توسعية في الضفة الغربية أو مهاجمة أهداف إيرانية. يرى طلعت آدم أن هذه الخطوات قد تتسبب في فوضى إقليمية، مشددًا على أن “ترامب سيجد نفسه أمام تحدٍ كبير لترميم علاقات الولايات المتحدة بالشرق الأوسط في حال أقدم نتنياهو على خطوات منفردة”.
وفي ضوء هذا، يبدو أن العودة المحتملة لترامب قد تعني انبعاث ما تبقى من “صفقة القرن”، لكن في صيغة أكثر براغماتية. ترامب قد يعيد طرحها، مدعيًا أنها وسيلة لتحقيق السلام وتثبيت التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، ولكن يبقى السؤال الأهم: كيف سيتجاوب العرب والفلسطينيون مع هذه العودة؟
يشير شومان إلى أن الدول العربية قد تكون أكثر مرونة في التعامل مع ترامب، نظرًا لتنامي التوجه نحو التطبيع في المنطقة. ويضيف: “هناك بالفعل دول عربية ترغب في تعزيز علاقتها مع الولايات المتحدة، وربما ترى في ترامب فرصة لتحقيق استقرار إقليمي ودعم اقتصادي”. لكنه يحذر في الوقت نفسه من أن أي مبادرات تطبيعية قد تثير غضب الشارع العربي وتزيد من حالة الاحتقان الشعبي، خصوصًا في ظل زيادة وعي الشباب العربي بالقضية الفلسطينية.
أما من ناحية القيادة الفلسطينية، فالعلاقة مع ترامب كانت متوترة خلال فترة رئاسته الأولى. ويرى أبراش أن هذه العلاقة قد لا تتحسن، إلا إذا قدم ترامب إشارات قوية بخصوص استعداده لمفاوضات شاملة وحقيقية. لكن السؤال المحوري الذي يطرحه أبراش هو: هل الفلسطينيون والعرب مستعدون للتعامل مع سياسة ترامب التي كانت تحمل طابعًا منحازًا بشدة لإسرائيل؟
وفي نهاية التحليل، يظهر أن العودة المحتملة لترامب إلى السلطة قد تكون عاملًا محفزًا لمزيد من التوتر في المنطقة، لكنها قد تفتح أيضًا نافذة للمفاوضات، بشرط أن يتخذ ترامب نهجًا أكثر توازنًا يتجاوب مع متغيرات الرأي العام الأميركي والعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *