العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

نسائم الإيمان ومع السيده زينب بنت النبى

0

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

السيده زينب ، هي زينب بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، القرشيَّة الهاشميَّة، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سيِّد البشر أجمعين صلى الله عليه وسلم، وأمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، وهي كبرى بنات النبي الكريم محمد الله عليه وسلم وثاني أبنائه بعد القاسم أوَّل أبناء النبيِّ وبه كان يُكنَّى، ووُلِد بعدها عبد الله ورقية وأم كلثوم وفاطمة.

فهي زينب بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من زوجته خديجة بنت خُويلد رضي الله عنهما وأرضاهما، وهي أكبر بنات النبيِّ الكريم صلى الله عليه وسلم من الإناث وثاني أبنائه من الذكور والإناث حيث إنَّ القاسم والذي يُكنَّى به النبيِّ هو أكبر أبنائه ، وُلدت قبل البعثة بعشر سنين أي بعد مولد النبيِّ بنحو ثلاثين عامًا .

وتزوَّجت من ابن خالتها أبو العاص بن الربيع وكان عمرها آنذاك أقل من عشرة أعوام، وكان زوجها أحد أشراف مكة كما أنَّه كان صاحب مالٍ وتجارة وكانا نِعمَ الزوجين لبعضهما، أسلمت بداية البعثة مع أمِّها وبقي زوجها أبو العاص على دينه، ورغم ذلك لم يقبل مفارقتها حين طلبت قُريش ذلك، وقال: “لا والله، إنِّي لا أفارق صاحبتي، وما أحبُّ أنَّ لي بامرأتي امرأة من قريش” .

ولها من زوجها ولدًا اسمه عليّْ والذي تُوفيَ صغيرًا وبنتًا اسمها أمامة والذي تزوجَّها علي بن أبي طالب بعد وفاة زوجته فاطمة الزهراء ثم تزوَّجت من المغيرة بن نوفل، وذلك بعد وفاة علي .

وُلِدَت السيِّدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثلاثين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، أي قبل البعثة بعشر سنين، وأسلمت مع أمِّها وأخواتها في أوَّل البعثة ، ولم تكن السيده زينب رضي الله عنها قد جاوزت العاشرة من عمرها حين رَنَتْ إليها عيون الهاشميِّين .

وتنافست بيوتات مكَّة على الظفر بها عروسًا لمن يختاره أبواها من كرام الفتية القرشيِّين، وكان الذي ظفر بها أبو العاص بن الربيع رضي الله عنه، ابن خالتها هالة بنت خويلد، وهو من أشراف مكة، وكان ذلك قبل مهبط الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد كانت السيِّدة زينب رضي الله عنه قد تعلَّمت الوفاء والإخلاص والمودَّة من أبويها، فكانت نِعْم الزوجة والحبيبة لزوجها وابن خالتها أبي العاص بن الربيع، وهو أيضًا ، لم يكن بأقلَّ منها وفاءً وإخلاصًا ومحبَّةً ، فعلى الرغم من أنَّ زوجها أبو العاص ثبت على دين قريش، وكان من معدودي رجال مكَّة مالًا وأمانةً وتجارةً، فإنَّه حين مشت إليه وجوه قريش، وقالوا: اردد عَلَى مُحَمَّد ابنته، ونحن نزوِّجك أيَّة امرأةٍ أحببت من قريش.

فقال: لا، والله، إِذَا لا أفارق صاحبتي، فإنَّها خير صاحبة ، ولمـَّا سارت قريش إلى بدر كَانَ معهم، فأُسر فِي المعركة ، وعن عائشة رضي الله عنها: لمــَّا بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت عند خديجة أدخلتها بها على أبي العاص قالت: فلمَّا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة .

وقال: “إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا”. فقالوا: نعم. وكان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أخذ عليه أو وعده أن يخلِّي سبيل زينب إليه، وبعث رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم زيدَ بن حارثة رضي الله عنه ورجلًا من الأنصار، فقال: “كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا” .

وكان أبو العاص قد خرج في سنة ست إلى الشام في تجارةٍ له، فلمَّا انصرف بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة مولاه في كثفٍ من المسلمين لاعتراض العير التي أقبل فيها أبو العاص، فاستاقها وأسره، فأُتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى زينب رضي الله عنها يستجير بها، ويقال: بل حاص حيصة حتى أتى زينب، فاستجار بها ، فأجارته.

فلمَّا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، قالت، وهي في صفة النساء: أيُّها الناس، إنِّي قد أجرت أبا العاص ابن الربيع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أَيُّهَا النَّاسُ، أَسَمِعْتُمْ مَا سَمِعْتُ؟ قالوا: نعم. قال: فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا عَلِمْتُ بِمَا كَانَ حَتَّى سَمِعْتُ مَا سَمِعْتُمْ، إِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ. ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عند انصرافهم من المسجد، فقال: يَا بُنَيَّةُ: أَكْرِمِي مَثْوَاهُ، وَلَا يَخْلُصَنَّ إِلَيْكِ. وبعث إلى المسلمين ممَّن كَانَ فِي السريَّة: إِنَّكُمْ قَدْ عَرفْتُمْ مَكَانَ هَذَا الرَّجُلِ مِنَّا، فَإِنْ تَرُدُّوا عَلَيْهِ مَالَهُ فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، وَإِلَّا تَرُدُّوهُ فَأَنْتُمْ أَمْلَكُ بِفَيْئِكُمْ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ لَكُمْ ” .

فقالوا: بل نردُّه يا رسول الله ، فردُّوا عليه ماله وجميع ما كان معه ، وأسلم أبو العاص رضي الله عنه، فردَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليه زينب رضي الله عنها بنكاحٍ جديد ، ويُقال: بل ردَّها بالنكاح الأول ، ردَّها في المحرم سنة سبع .

وكان إسلامه بعد أن ردُّوا عليه ماله ما فقد منه شيئًا، احتمل إلى مكة، فأدَّى إلى كلِّ ذي مالٍ من قريشٍ ماله الذي كان أبضع معه، ثم قال: “يا معشر قريش، هل لأحدٍ منكم مالٌ لم يأخذه؟” قالوا: جزاك الله خيرًا، فقد وجدناك وفيًّا كريمًا. قال: “فإنِّي أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام إلَّا تخوُّف أن تظنُّوا أنِّي آكل أموالكم، فلمَّا أدَّاها الله عزَّ وجلَّ إليكم أسلمت”. ثم خرج حتى قَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمًا، وحسن إسلامه، وردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته عليه .

وولدت السيدة زينب رضي الله عنها عليًّا وأمامة، وكان أبو العاص رضي الله عنه قد جعل عليًّا ابنه وهو سبط الرسول في قبيلةٍ للرضاعة، ثم استرجعه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعد رضاعته وربَّاه في كنفه، وعليٌّ رضي الله عنه هو الذي ردف النبيَّ على ناقته يوم الفتح، وتُوفِّي وهو في عمر الشباب.

وكانت السيدة فاطمة البتول رضي الله عنها قد أوصت زوجها عليًّا رضي الله عنه بأن يتزوَّج أُمامة، فتزوَّجها بناءً على هذه الوصيَّة، وكان سيدنا علي بن أبي طالب رضي لله عنه قد أمر المغيرة بن نوفل بن الحارث أن يتزوَّج أُمامة زوجته بعده، فتزوَّجت المغيرة بإذن الحسن رضي الله عنه، فولدت أُمامة للمغيرة ابنًا اسمه يحيى ولم يعقب ، وقيل: إنَّها لم تلد لا لعليٍّ ولا للمغيرة رضي الله عنهم أجمعين.

وكان سبب وفاتها أنَّه لمـَّا رجع أبو العاص إلى مكَّة وقد خُلِّي سبيله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلًا من الأنصار مكانه، فقال: ” كُونَا بِبَطْنِ يَأْجُجَ ، حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا فَتَأْتِيَانِي بِهَا ” فخرجا مكانهما وذلك بعد بدر بشهر أو قريب منه، فلمَّا قَدِمَ أبو العاص مكَّة أمرها باللحوق بأبيها، فخرجت تتجهَّز، فلمَّا فرغت من جهازها قَدَّمَ إليها أخو زوجها كنانة بن الربيع بعيرًا فركبته، وأخذ قوسه وكنانته، ثم خرج بها نهارًا يقود بها وهي في هودجٍ لها، وتحدَّث بذلك رجالٌ من قريش، فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى .

وكان أوَّل من سبق إليها هبَّار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العُزَّى والفهري، فروَّعها هبَّار بالرمح وهي في الهودج وكانت حاملًا ، وقد اختلف الرواة في حملها ، فطَرَحَت، وبرك حموها كنانة ونثر كنانته، ثم قال: والله لا يدنو منِّي رجلٌ إلَّا وضعت فيه سهمًا ، فتكركر الناس عنه.

ولم تمكث زينب بنت محمدٍ -رضي الله عنها وأرضاها- بعد عودة زوجها إليها طويلًا، لأنَّها تُوفيت في العام الثامن من الهجرة وكان عمرها آنذاك ما يقارب التاسعة والعشرون وقد تُوفيت في حياة أبيها -صلى الله عليه وسلم ، وقيل أنَّ سبب وفاتها ما تعرضت له أثناء هجرتها من مكة المكرَّمة إلى المدينة المنوَّرة من إسقاط جنينها .

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” هِيَ أَفْضَلُ بَنَاتِي أُصِيبَتْ فِيَّ ” فلازمها المرض من وقتها حتى تُوفِّيت في سنة ثمان من الهجرة بالمدينة، فغسَّلتها أم أيمن، وأم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة، وأم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنهن أجمعين. وصلَّى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل في قبرها ومعه أبو العاص، وجُعِل لها نعشٌ، فكانت أوَّل من اتُّخذ لَهَا ذلك، والذي أشارت باتِّخاذه أسماء بنت عميس ، حيث رأته بالحبشة وهي مع زوجها جعفر بن أبي طالب .

ولم تعِش زينب رضي الله عنها طويلاً بعد إسلام زوجها والتقائها به، إذ توفِّيت رضي الله عنها في العام الثامن من الهجرة النبوية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأما وفاة أبي العاص فقد تأخّرت عن وفاتها رضي الله عنها، قال الذهبي: “زينب كانت رضي الله عنها أَكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفيت فى السنه الثامنه من الهجره .

وقال: “ومات أبو العاص في شهر ذي الحِجَّة، سنة اثْنَتَيْ عَشْرة في خِلافة أبى بكر الصديق ، وقال ابن حجر: “مات أبو العاص بن الربيع في خلافة أبي بكر في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة من الهجرة ، وفارقت زينب رضي الله عنها الدنيا بعد أن ضربت مثلاً عالياً في صدق الإيمان ووفاء الزوجة، وبكاها أبو العاص رضي الله عنها بكاءً حارّاً، وحزن عليها النبي صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً، وأعطى النساء اللاتي يُغَسِّلنها قبل دفنها إزاره الذي يُشد على الخصر، وأمرهن أن يجعلوه يلاصق جسدها الطاهر مباشرة .

فعن أم عطية رضي الله عنها قالت: (لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلنها وتراً ـ، أى ثلاثًا أو خمسا ، واجعلن في الخامسة كافورا، أو شيئًا من كافور، فإذا غسَّلتُنَّها فأعْلِمننى، قالت: فأعلمناه، فأعطانا حِقْوَه (إزاره) وقال: أشعِرْنها أى ” أَلْفِفْنها ” إياه) رواه مسلم ، وبهذا كانت سيرة السيدة زينب رضي الله عنها أولى حبَّات العقد الفريد في بيت الرسول الطاهر المبارك عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد