العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

الدكروري يكتب عن الجدال الديني في العصر العباسي

0

الدكروري يكتب عن الجدال الديني في العصر العباسي

بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن الخلافة العباسية وهي الخلافة الثانية بعد الخلافة الراشدة والخلافة الأموية، وقيل أنه كان هناك قضايا كانت محط جدال في العصر العباسي كالجدال حول رؤية الله في يوم القيامة أو نفيه، والجدل المتعلق حول جنس الملائكة، والجدل المتعلق بالجبر والاختيار، وغير ذلك من القضايا، ومع كون الإسلام هو دين الدولة، لا يمكن تحديد مذهب من مذاهبه أو طوائفه دينا رسميا فخلال خمسة قرون من عمر الخلافة في بغداد، كان دين الدولة يتأثر بطائفة الخليفة، فالمأمون والمعتصم والواثق أعلنوا الاعتزال عقيدة الدولة، وقام المتوكل بتعيين الشافعية مذهبا رسميا، أما المستعصم بالله فكان يميل نحو الشيعة، وكذلك الخلفاء الذين تعاقبوا خلال الدولة البويهية.
على عكس الخلفاء الذين تعاقبوا خلال الدولة السلجوقية ومالوا نحو السنة، وخلال عصر القوة والازدهار العباسي، كانت العلاقة بين الدولة ومواطنيها غير المسلمين تصنف على أنها في أحسن الأوضاع، خصوصا خلال خلافتي المنصور والرشيد، وقد جاء في كتاب المنتجب العاني، لمؤلفه أسعد علي أن الخلفاء كانوا يحتفلون بالأعياد المسيحية كعيد الميلاد، وأحد الشعانين، حتى في قصر الخليفة، فيضع الخليفة وحاشيته أكللة من زيتون، ويرتدون الملابس الفاخرة، وقد تم بناء في بغداد كاتدرائيتان مع تشييد المدينة، ولعل أبرز الدلائل والشواهد على التعايش الديني والعيش المشترك، أشعار أبي زيد الطائي والأخطل التغلبي، كذلك ما رواه ابن فضل العمري بكتابه مسالك الأبصار، وما جاء في كتاب مسالك الممالك.
من وصف للحياة بين المسلمين والمسيحيين في البلاد التي زارها، وقد نقل في كتابه ذاته أنه كان في الرها العباسية وجوارها ثلاثمائة دير، كذلك فإن كتابات المؤرخين السريان، كالتلمحري وميخائيل الكبير وغيرهم تدل على ذلك، وكذلك مراسلات طيموثاوس الأول، بطريرك كنيسة المشرق، الذي جمعته صداقة مع أبي جعفر المنصور، حتى لقبه أبو النصارى، ويذكر أيضا عددا من الخلفاء والأمراء والولاة، كانوا يقيمون خلال تنقلاتهم في الأديرة، وقد سجلت أديرة الرصافة ودير زكا ودير القائم قرب البوكمال زيارات لخلفاء عباسيين، كما أن العباسيين لم يجبروا القبائل المسيحية العربية كتغلب ونمر وطيء وبني شيبان وقبيلة إياد على الإسلام، وإنما الأسلمة جاءت في القرون اللاحقة التي شهدت اضطهاد الأقليات.
خصوصا القرن العاشر، وكما كان للمسيحيين، خاصة السريان من يعاقبة ونساطرة، دور مهم في الترجمة والعلوم والطب، ولقد ترجم المسيحيون من اليونانية والسريانية والفارسية، واستفادوا من المدارس التي ازدهرت فيها العلوم قبل قيام الدولة العربية، خصوصا مدارس مدن الرها ونصيبين وجنديسابور وإنطاكية والإسكندرية المسيحية، والتي خرج منها فلاسفة وأطباء، وعلماء ومشرّعون، ومؤرخون وفلكيون، كما حوت مستشفى، ومختبرا، ودار ترجمة، ومكتبة ومرصدا.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد