العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

ابتلعه البحر 6 أيام.. رحلة جثة “عبد الرحمن” وأسرته مع الأمواج العاتية بالإسكندرية

0

كتبت:وفاءالبسيوني

يظل الموت هو أكثر الأشياء قسوة في الحياة، صحيح أنه حق على كل إنسان، لكن ما يتركه من ألم في القلب على فراق من نحبهم لا يمحيه الزمن مهما مرت الأيام والسنوات.

على رمال شاطئ أبو يوسف غربي الإسكندرية كان هناك ما هو أكثر ألمًا ووطأة من الموت.. “نعم” فالجميع تقبل نبأ غرق “عبد الرحمن” ولكن أبى البحر الهائج أن يعيد لهم جثته طيلة 6 أيام كاملة

مع انتهاء امتحانات الصف الثاني الثانوي العام ودع “عبد الرحمن” صاحب الـ 17 ربيعًا والده “إبراهيم صديق” وشقيقيه وأسرته في القاهرة قاصدًا الإسكندرية رفقة أصدقائه لقضاء إجازة بعد عناء الامتحانات.

ومع دقات الساعة الثالثة عصر الإثنين الماضي، كانت النهاية لـ “عبد الرحمن” أو “بودي” كما يناديه أصدقائه، نزل البحر ولم يخرج، هرع مرافقيه وباقي رواد شاطئ أبو يوسف بحثًا عنه دون جدوى

شاطئ أبو يوسف شمال قرية الروضة الخضراء.. الغريق اسمه عبد الرحمن إبراهيم صديق، 17 سنة، طالب من القاهرة”.. هكذا قيد البلاغ في اتصال عاجل لشرطة النجدة.

أخطر اللواء خالد البروي، مساعد وزير الداخلية مدير أمن الإسكندرية، بالواقعة سريعًا من قسم شرطة الدخيلة، وعلى الفور تحرك ضباط القسم رفقة الإنقاذ النهري إلى الشاطئ المشار إليه

غواصين الخير وبالأخص غواصين الإسكندرية.. لدينا حالة غرق لشاب اسمه عبد الرحمن في شاطئ أبو يوسف شمال الروضة الخضراء.. نرجو من الغواصين سرعة الوصول لمكان الغرق وندعو الله سبحانه وتعالى أن يظهر في أقرب وقت وربنا يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته وربنا يرزق أهله الصبر والسلوان”.

نداء استغاثة كتبه الكابتن إيهاب سعد، قائد فريق غواصي الخير بالإسكندرية، لاقى انتشارًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسرعان ما استجاب الجميع، وانتشر الغواصون المتطوعون بطول سواحل غرب عروس المتوسط بحثًا عن جثمان “عبد الرحمن”

لم تفارق الأسرة الشاطئ، الكل يرفع أيديه إلى السماء، يناجي الله أن يلفظ البحر جثمان “عبد الرحمن” لكن مرت الأيام، يومًا تلو الآخر، دون جديد، ابتلعت الأمواج العاتية جسد الشاب.

أرجع الجميع عدم ظهور الجثمان إلى الرياح وسوء الأحوال الجوية التي تتعرض لها الإسكندرية ومعظم محافظات الجمهورية في هذا الوقت، ما أدى إلى ارتفاع أمواج البحر وشدة التيارات المائية

وبمرور الأيام وعدم ظهور الجثمان، زاد صدمة الموت والفراق بألم الجثمان المفقود، إذ كتبت شقيقة “عبد الرحمن” عبر صفحتها الشخصية على “فيسبوك”:”وجعت قلبي عليك يانور عيني.. ربنا يرحمك ويغفر لك ويجعل مأواك الجنة ياحبيبي”.

لم يفقد الأهل الأمل طوال تلك الأيام في العثور على آخر ما تبقى من نجلهم، ظلوا يقضون الليل والنهار على شواطئ غرب الإسكندرية، أعينهم معلقة بالبحر تارة، وتارة أخرى بالسماء يدعون الله أن يعيد إليهم “الأمانة” كما أسموها

وفي اليوم السادس وعلى بعد 25 كيلو متر من موقع الغرق ظهر جثمان “عبد الرحمن” طافيًا على سطح البحر واستجاب الله لدعوات أسرته وأصدقائه ليكون له قبرًا معلومًا يخفف ولو قليل من ألم الفراق.

“بسبب شدة التيار وارتفاع أمواج البحر”، هكذا أرجع الكابتن إيهاب المالحي، قائد فريق غواصين الخير بالإسكندرية، تأخر العثور على الجثمان، مناشدًا رواد الشواطئ بالالتزام بتعليمات المنقذين والامتناع عن نزول البحر عند رفع الرايات الحمراء.

لم تنته ساعات الانتظار لأسرة “عبد الرحمن” إذ تجمعوا مرة أخرى اليوم الأحد أمام مشرحة مستشفى برج العرب، انتظارًا لتشريح الجثمان، لنقله إلى محافظة الفيوم لتشيع الجنازة ويوارى جثمانه الثرى بمقابر العائلة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد