العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

كل شيء بقدر..

0

كل شيء بقدر..

إن الأرزاق مقسومة ومقدرة كالآجال، فالرزق مثل الموت لو هرب الانسان منه لأتاه رغماً عنه كما ياتيه الموت، وفي هذا الحديث يقول النبي صلى اللهُ عليه وسلم: “إنَّ رُوحَ القُدُسِ”، أي: جِبريلَ عليه السَّلامُ، “نَفَثَ”، أي: أوْحى، “في رُوعِي”، أي: في نَفْسي وقَلْبي، “أنَّ نَفْسًا لن تَموتَ حتى تَسْتكمِلَ أَجَلَها، وتَسْتَوْعِبَ رِزْقَها”، أي: لن يموت أحد حتى يستوفي أَجله المحدد له، ويأخذ رزقه الذي كتب له كاملًا بغير نقصان، إذا فليكن السعي للرزق له متزناً حيث التزام القيم والدين، كذلك يقول الله عز وجل في كتابه العزيز ( إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ) بغير حساب لا لشكله ولا لونه و لا أصله ولا عمره و لا مكان عيشه، فسبحانه يدبر السماوات والأرض فهو جل جلاله يتعالى عن الغفلة، مما يجعل القلب مستريح و مستراح منه، لا يضر نفسه و لا غيره في سبيل الرزق.
وعلى المسلم أن يوقن بأن رزقه مكتوب له، ومقسوم، قبل أن يوجد فى هذه الحياة الدنيا، فالرزق مقسم ولا بد أن تصل إلى كل نفس قسمتها، ولن تموت حتى توفى مالها من هذه القسمة وفي الوقت المناسب الذي حدده له الله عز وجل، قال تعالى: ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الْأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ ) سورة فصلت:9-10، والتقدير هو الخلق والإيجاد، والمقدار هو النصاب المحدود بالنوع أو الكمية، فخلق السموات والأرض وتقدير الأقوات كان قبل خلق الإنسان، الذى يأكل هذه الأقوات، وهذا مما يزيد قلب المؤمن إيمانا وتصديقا بقضية الرزق.
ولكن قدر الرزق وموعده مقدر عند الله ومعلوم أن الرزق لا يتأخر عن وقته، ولكن الإنسان قد يستعجله قبل وقته المقدر، فإذا لم يأْت قبل ذلك الوقت استبْطأَه فطلبه من الحرام، وهو ما يعرضه للخسارة، “فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه”، أي: من نَعيمٍ في الدنيا والآخرة، إلا بطاعته، حيث التزام أوامره واجتناب نواهيه، فمن كان لله كما يريد كان الله له فوق ما يريد، ويجب الإلتزام بالطرق المباحة، وإن استبطأ رزقه.
“فاتَّقوا اللهَ”، أي: اخشوه واجتنبوا ما نهاكم عنه، ولقد قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “ولا يَحْمِلَنَّ أحدَكُمْ”، أي: لا يدفعنه “اسْتِبْطاءُ الرِّزْقِ”، أي: تأخرالرزق، أن يطلبه بطرق حرام، ولكن على الإنسان أن يأخذ بطرق الرزق الحلال، فإن تحقق له ما أراد، شكر ربه وإلا صبر وقنع برزقه.
لاشك في ان الرزق بيد الله وحده وأن الإنسان مهما سعى في طلب الرزق فلن يأتيه إلا ما كتبه الله له، ورغم ذلك نجد أن بعض الناس لا يتحرز من الحرام عند تأخر الرزق، والأمثلة على ذلك كثيرة، فلا تزال فئة من الناس وخصوصاً شريحة من النساء يغرقن في مستنقع الجهل والخرافات بحثاً عن حلول غير عادية لمشاكلهن كلما اشتدت الحاجة، حيث تلجأ المرأة للاستعانة بالدجالين عندما تضيق بها الدنيا، وتعجز عن إيجاد الحلول للخلاص عند وجود صعوبة في الإنجاب، فتلجأ الزوجة إلى أى وسيلة للحمل حتى لو كانت هذه الوسيلة خرافية، وذلك لتكميم الأفواه السائلة وتحقيق حلم الأمومة، وكان عليها من باب أولى بل وعلى كل مسلم بدلاً من ذلك أن يلجأ إلى الله تعالى في كل أموره ويستعين به في كل أحواله ويسأله جميع حاجاته وأن يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وأن كل شيء بقضاء الله وقدره.
قال الله تعالى: [إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ](القمر:49)
وقال تعالى: [مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ] (التغابن: 11)
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد