العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

ممدوح العيسوى يكتب : المَسيح الدَجَّال بين الإعتقادات وأوهام التَّدَيُن

0

ممدوح العيسوى

يكتب :

المَسيح الدَجَّال

بين الإعتقادات وأوهام التَّدَيُن

لقد أنزلَ اللهُ لنا كتاباً فيه ذكر الأولين والأخرين ومنحنا إجابات لكلِ ما يُمكن أن يدور فى أذهانِنا عن بدءِ الخليقةِ وعن يومِ القيامةِ وعلامات السَّاعة والجَنَّة والنَّار، ووضَع لنا أنظمةً ودساتير وسَنّ لنا قوانين نسيرُ عليها فى حياتِنا وفى العبادات والمواريث والزَّواج الطلاق والتحليل والتحريم وقص علينا احسنَ القَصص بدءً من قصة أدام وحواء وقصة خروجهم من الجنة وقصة نوح وقوم عاد وقوم ثَمود وقصة إبراهيم وقوم لوط وقوم مدين ثم قصة يعقوب ويوسف وإخوتهِ ثم قصة موسى وفِرعَون وبنى إسرائيل وشق البحر وقصة البقرة واصحاب السبت ثم عيسى بن مريم وما عاناه من بنى إسرائيل وأصحاب الأُخدود وأصحاب الكهف ثم قصة محمد (عليه الصَلاة والسَّلام) وقال سبحانه وتعالى ( وما من دابةٍ فى الأرضِ ولا طائرٍ يطيرُ بجناحيهِ إلا أُمُمٌ أمثالكُم ما فرطنا فى الكتابِ من شيئ ثم الى ربِهم يُحشَرون ) الأنعام 38 ، وهذا حق ما فرط الله فى الكتابِ من شيئ ” صدق الله العظيم ” ولكِنَّنا نجد من يخرج علينا فى خطبهِ الرَنَّانة بأن هناك ما يُدعى بالمَسيح الدَّجال سيجوب الأرض شرقا وغربا ومن اقصاها الى اقصاها وينشرُ الكُفرَ والفساد ويقبض على ثرواتِ الأرضِ ويتحكم فيها ويُجَفِف الأنهار ويدعو الى الشِركِ بالله وهناك من يقول أنه سَيدّعى أنه هو الله وأنه سَيُحي المَوتىَ ، وذكروا وصفه أنه أعور ومكتوب على جبينه ( كافر ) إستناداً لأحاديث عن الرسول (صلى الله عليه وسَلَّم)، ولكنَّه لم يردْ عن ذكرهِ شيئ فى القرآن الكريم ولا مُجرد الأشارة إليه فى أى آية من آيات القرآن الكريم ، وأنه سيظهر رجل من آل بيت الرسول (صلى الله عليه وسَلَّم) يُدعى مُحَمد بن عبدالله وهو المَهدى المُنتَظر ويقتله .
وهناك من يقولون أن مُجرد ذكره فى الأحاديث فهو حقيقة لابُد من تصديقها والإيمان بها لأن الأحاديث مكملةً للقرآنِ الكريم ، وذلك إستناداً إلى قوله تعالى ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ولكن فى الواقع أن ما ذكروه فهو ليس الآية بأكملها ولكنهم اجتزؤا منها ما يوفى بالغرض فى الموضوع الذى يريدون ترسيخه فى عقول النَّاس وترهيبهم من الأحاديث ووضعها سواءً بسواء مع كتاب الله عز وجل ولكنَّ الآية تقول (ما أفاء اللهُ على رسولهِ مِن أهل القُرىَ فللهِ وللرسولِ ولذى القُربى واليتامى والمَساكين وأبن السبيل كى لا يكون دُولة بين الأغنياءِ مِنكُم ، وما آتاكم الرسولُ فخذوهُ وما نهاكُم عنه فانتهوا واتقوا الله إنَّ الله شديد العقاب) الحشر 7 ، وقد ورد فى كتاب المختصر فى تفسير القرآن بخصوص تفسير هذه الآية ما نصه (ما أنعمَ اللهُ على رسوله من أموال أهل القُرىَ من غير قتال فللهِ ، يجعله لِمن يشاء ، وللرسول مِلكاً ، ولذى قرابته من بنى هاشم وبنى عبدالمُطَّلب ، تعويضاً لهم عمَّا مُنِعَ عَنهُم من الصدقة ، وللأيتام ، وللفقراء ، وللغريب التى نفدت نفقته ، لكى لا يُقتَصر تداول المال على الأغنياء دون الفقراء ، وما اعطاكم الرسول من اموال الفيء فخذوه ، ايها المؤمنون ، وما منعه مِنكُم ونهاكم عنه فانتهوا ، واتقو الله بالأمتثال لأوامره ، واجتناب نواهيه ، إن اللهَ شديدُ العقاب ، فاحذروا العقاب .) المختصر 546 ،وبما أنَّ اللهَ أنزل القرآن عربياً لعلنا نعقله فلا بد لنا أن نَعى أن هناك حرف عطف (الواو) وهى تعطف اللاحق على السابق فى الآية الكريمة ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) فإن حرف (الواو) الذى يسبق كلمة (ما آتاكم) فهو يعطف ما يلحق على ما سبق فى المعنى وبذلك يتضح لنا أن الآية تخُص توزيع الأموال بمعرفة الرسول كيفما يشاء ، فكيف تكون الأحاديث مُكمِلةً للقرآن وقد قال الله تعالى (مافرطنا فى الكتاب من شيئ) فهل أنزل الله القرآن الكريم ناقصاً (حاشا لله) وكان فى انتظار الأحاديث لتكمِلة القُرآن ، ونجد بعض علماء الدين يقولون أنَّ الأحاديث التى لا توافق القرآن الكريم فإنَّ فيها شك فى صحتها ولا يعتد بها ، فهل هذه الأحاديث يجب ان يعتد بها أم لا ، وكما نعرف أن القُرآن الكريم هو النَّص الأول فى الدين الأسلامى وأنَّه لا ريب فيه من رب العالمين ، ولا تشوبه شائبة ، وإنَّ الأحاديث هى النصوص الثوانى ، وأنَّها نُقلت لنا عن بعض الصحابة وهم بشرٌ ، فمن الجائز ان يكون هناك سهوٌ أو نسيان فلا ضير فى أن يكون البشر خطائين أو نسّايين فتلك هى الطبيعه البشرية ، ولماذا نَغُض ابصارنا عن الحديث الذى يقول ( لا تكتبوا عنى إلَّا القُرآن ومن كَتَبه فليمحه ، وحدِّثوا عنِّى ولو آية) رواه مسلم ، فمِن الجائز أن يكون فى هذه الأحاديث نسبة شك ولو طفيفة
ولقد ذكر الله لنا فى القرآن الكريم عن ( يأجوج ومأجوج ) وأنَّهم مُفسدون فى الأرض وأنَّهم مِن كُل حَدَبٍ ينسلون وأنَّ ظهورهم هو من اشراط السَّاعة الكبرى ، فلماذا لم يذكر لنا الله أى إشارة عن المَسيح الدَجَّال فى القُرآن الكريم إذا كان هو أيضا من اشراط السَّاعة الكبرى، وإذا كان ظهوره هو فتنة للنَّاس مِن الله ليختبر قوة إيمانهم فهل هذه الفتنة ستكون لمن يعاصرونه فقط أم أنَّ الذين ماتوا من الآف السنين سوف يبعثون من قبورهم ليشهدوا هذه الفتنة أيضا ، وهل يستقيم أن يبعث الله فى الأرض من ينشر فيها الفساد والشرك بعد أن بعثَ الله رُسلَه وكُتبه ونشروا الدين والهداية والعدل وعرف النَّاس أنَّ الله هو الواحد الأحد الفرد الصَمد الَّذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وأنَّ ليس له شريكٌ فى الملك وأنَّ هناك فى الأخرة جنَّة ونار وثواب عقاب وأنَّ اللهَ شديد العقاب وأنَّه هو العزيز الغفَّار .
أنا لا اشكك فى شيئ ولكنى اتساءل فهل من مجيب ؟؟؟
بين الأعتقاد والوهم
عندما كان يريد الدكتور: طه حسين عميد الأدب العربى رحمه الله ان يبدى برأيه فى موضوع ما ، دون ان يقحم نفسه ، فإنه كان يقول عبارة معينة وهى ( إنَّنى أميلُ إلى الأعتقاد فى هذا الموضوع إلى كذا ….. ) وانا ايضاً اميل إلى الأعتقاد فى موضوع المَسيح الدَجَّال والمهدى المُنتظر إلى أنَّه فى الأصل مفهوم يهودى ثم تلقفه رجال الدين المَسيحى ثُم التقطه رجال الدين الإسلامى وقد وضع كل منهم بصمته الخاصة فى الموضوع ثم توارثته الأجيال إلى أن وصل وارتقى أعلى المنابر .
كان اليهودُ من بعدِ موسى عليه السلام يعيشون حياة البؤس والشقاء بين الأُمم والشعوب وكانوا مشردين فى البلاد ، وكانوا يتخذون فى كل بلد يقيمون فيها مكاناً خاصاً بهم يُسَمونَه (الجِتِّو) ، وكانوا لا يندمجون ولا يتداخلون مع باقى الأُمم الأُخرى بزعم أنَّهم شعب الله المختار وأنَّهم أبناء الله وأحباؤه وأنَّ باقى الأُمم ماهم إلَّا أمَمٌ وثنيين وليسوا أمثالهُم ومن المفترض ان تكون تلك الأُمَم مُسَخَّرة لخِدمَتهُم ، ولذلك كان الناس ينبذونهم ويكرهونهم ، وقد عانوا كثيرا وخصوصاً أنَّهُم لم يقدِّموا للبشَرية أى شيء يُذكر من الحضارة فى تلك الحُقبة مِن الزَّمان ، وكان لديهم اعتقاد بإنَّ الله سوف يبعث لهم ملكاً يخلصهم من هذا العذاب والشَتات ويجمع شَملهم ويجعلهم ملوكا على كل أنحاء الأرض المعمورة وهو (الماشيح) أى (المخلص) ، وقد ظهر بالفعل عدة أشخاص من بنى إسرائيل يدّعون أنهم هذا الماشيح فكان أحبارهم يتحققون من ذلك بطريقة ما ، فيكذبوهم ثم يقتلونهم صلباً على أعمدة خشبية كما كان مُتَّبع فى ذلك الحين ، إلى أنَّ ارسل الله المسيح (عيسى بن مريم) رسول الله وكلمته الَّتى ألقاها إلى مريم ، ولكِنَّهُم أيضاً كذبوه ولم يعترفوا به وذلك إلى الأن ، وهم إلى الأن ينتظرون المسيح المُخلص ، ثم انتشرت الديانة المسيحية بعد إعلان الأمبراطور الرومانى (قسطنطين) بأن تكون الديانة المسيحية هى الديانة الرسمية فى الأمبراطورية الرومانية التى كانت فلسطين جزء منها ، وهنا وقعت الطامة الكبرى فوق رأس اليهود الذين ازداد اضطهادهم من المسيحين وقتلهم لليهود ، وزداد تمَسُك اليهود بإنتظار المُخَلِّص الَّذى سوف يُخَلِّصهم من هذا العذاب ، وهُنا يأتى دور بعض رِجال الدين المَسيحى فى التقاط معلومة الماسيح المنتظر من اليهود ليضيفوا إليها أنَّه من سيأتى بعد ذلك فهو (دجال) وذلك تكذيباً لما يقول اليهود ومن هنا تاتى معلومة (المسيح الدَجَّال) ، ولما جاء الأسلام وكان بعض الصحابة يأخذون الروايات من بعض أحبار اليهود الَّذين دخلوا فى الأسلام وهو ما يسمى بالإسرائيليات ، فدخل هذا الموروث الثقافى من اليهودية إلى المَسيحية ثم إلى الإسلام ، فألتقط بعض رجال الدين الإسلامى هذه المعلومة ثم اضافوا إليها أنَّه سيظهر رجل من آل بيت الرسول (صلى االه عليه وسَلَّم) ويُكنى بإسم الرسول (صلى الله عليه وسَلَّم) محمد بن عبدلله ثم يقتل هذا المسيح الدَجَّال ، وتلك هو اعتقادى فى الموضوع ( والله اعلم ) .
بقلم / ممدوح العيسوى
قد يكون فن ‏تحتوي على النص '‏كافر‏'‏
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد