تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
عاجل
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الأسبق
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يعزي الدكتور أحمد رشاد مدير مكتب وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية في وفاة والده .
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن السنة مصدر من مصادر تفسير القراّن الكريم
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فلسفة الإعلام
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن التجربة الشعرية بين الفن والمعتقد
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإعجاز العلمى فى القراّن الكريم
- “البرلمان العربي” يثمن جهود الملك عبدالله الثاني في دعم وتعزيز العمل العربي المشترك والدفاع عن فلسطين
- جامعة الوادي الجديد تواصل تنظيم ندوات الدعم النفسى والاجتماعى لطلاب المدارس الثانوية
- جامعة الوادى الجديد تشارك فى برنامج ” هُوّية ” بمعهد إعداد القادة
- جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة تدفع بفرص التعاون مع نامبيا في مؤتمر افتراضي.
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن التقاليد الإفريقية
بقلم \ المفكر العربية الدكتور خالد محمودعبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
من الشعوب الإفريقية ما تجري تقاليدُها باعتبار القرابة من جهة الأم أساسًا لجماعة القرابة، فجماعة القرابة لديها تضم أولئك الأشخاص الذين نزلوا من أصل نسائي مشترك؛ ولذلك فإن الأولاد لدى هذه الشعوب لا يعتبرون أعضاء في جماعة أبيهم؛ وإنما يتبعون جماعةَ الأمِّ، وينبني على ذلك أن الحقوق والالتزامات التي مناطها الانتماء إلى جماعة قرابة واحدة – تترتب في العلاقة بين المرء وأقاربه لأمه، فالأقارب من جهة الأم أو ذَوو الأرحام يلعبون في حياة الأولاد دورًا يفوق كثيرًا في أهميته الدورَ الذي يلعبه الأقارب من جهة الأب أو العَصَبة، ولا أدل على ذلك من أن للخال، لدى هذه القبائل، من الحقوق، وعليه من الواجبات في مواجهة أولاد أخته – ما يتجاوز بكثير حقوقَ الأب أو واجباته قِبل أولاده.
ولتوضيح مدَى ما يتمتع به الخال من حقوق على أولاد أخته، وما يتحمله من التزامات في صالحهم؛ يكفينا أن نشير إلى تقاليد أحد الشعوب الإفريقية التي تسير على نظام الأمية، وهو شعب الجوكون، الذي يَقطن في الشمال الشرقي من نيجيريا؛ فللخال لدى الجوكون مكانة ممتازة تتضاءل إلى جانبها مكانة الأب، فالرجل من الجوكون لا يسعه الإقدام على أي أمر هام قبل استشارة خاله، بل إن الرجل منهم يَهاب خالَه أكثر مما يهاب أباه أو عمه، وقد كانت التقاليد لدى الجوكون تقر للخال بالحق في بَيع أحد أولاد أخته أو رهنه ضمانًا للوفاء بدَين عليه، في الوقت الذي لم يكن يعترف فيه للأب بشيء من ذلك، وكان الخال هو الذي يتولى تأديب أولاد أخته وتوقيع العقاب عليهم، بينما كان الأب يجد حرجًا في عقاب أبنائه، بل إن الأب إذا أساء معاملة ابنه، كان الخال يستدعيه ويعنفه ويقول له: أتظن أنك بزواجك من أختي قد اشتريتها وذريتها؟ وإذا تكررَت الإساءة كان الخال يستدعي أخته وأولادها للإقامة في بيته، وعندما كان الثأر شائعًا، كان الخال يثأر لابن أخته، لا الأب لابنه، فإذا قُتل رجل كان أبوه يبلغ خالَه بقتله، وكان على الخال الانتقام من القاتل، وإذا تعذر عليه قتل القاتل، لجأ إلى قتل ابن أخت القاتل، وكانت التركة تَؤول إلى ابن الأخت دون الابن، وكان ابن الأخت يلتزم بدفع ديون خاله، وكانت لابن الأخت حقوق معينة قِبل خاله، فقد كان من حقه في أي وقت أن يتوجه إلى بيت خاله، وأن يستولي على أي مالٍ من أمواله، كما كان له الدخول إلى حقله وأخذ بِضع حزمات من القمح لنفسه، كذلك كان من الممكن إجبارُ الخال على الوفاء بديون ابن أخته.
هذه إذًا صورة لما تكون عليه العلاقات، في المجتمع الأمِّي، بين الخال وأولاد أخته أو أخواته، والأب وأولاده، ومن الواضح أن النظام الأمي على هذا النحو يختلف تمامًا عن النظام الذي يأخذ به الإسلام؛ فالإسلام لا يعرف نظام الجماعات المقفلة، التي تقوم على أساس القرابة الأبوية فحسب، أو القرابة الأمية فحَسْب؛ وإنما يأخذ نوعَي القرابة مأخذَ الاعتبار، ويرتب على كل منهما الحقوق والواجبات، إلا أن الإسلام لا يضعُ نوعَي القرابة على قَدم المساواة، بل يختص القرابةَ الأبوية بالقدر الأكبر من الحقوق والواجبات، فالإسلام مثلاً يرتِّب في العلاقة بين الأب وأولاده من الحقوق والواجبات ما يفوق بكثير الحقوق والواجبات التي يرتبها في العلاقة بين الخال وأولاد أخته.
واعتناق أحد الشعوب الأمية الإسلام يقتضيه التخليَ عن نظام الأمية، والأخذ بالنظام الإسلامي الذي يقرُّ للأقارب من جهة الأب بدور أكثر أهمية من دور الأقارب من جهة الأم.
وإذا طالعْنا تقاليد عدد من الشعوب الأمية الإفريقية التي اعتنقت الإسلام، وجدنا بالفعل اتجاهًا واضحًا لديها نحو التخلِّي عن نظامها الأمي، وإحلال النظام الإسلامي محله.
ولما كان من العسير على شعبٍ عاش حياتَه عبر قرون عديدة في ظل نظام الأمية أن يتخلى عنه في سهولة ويسر، كان طبيعيًّا أن يتطلب حلولُ النظام الإسلامي محل النظام الأمي وقتًا طويلاً، وكان طبيعيًّا أيضًا أن يتفاوت مدى تخلي الشعوب عن هذا النظام، تبعًا لعراقة أو حداثة إسلامها، وتبعًا لعمق تأثرها بتعاليم الإسلام، فهناك شعوب أمية اعتنقت الإسلام منذ قديم، وتمكنَت من إحلال النظام الإسلامي محل نظامها الأمي، وهناك على العكس، شعوب حديثة العهد بالإسلام؛ ولذلك ما زالت تحتفظ بنظامها الأمي، على أننا نستطيع أن نتبين في تقاليد الشعوب الأمية التي تخلَّت – تحت تأثير الإسلام – عن نظامها الأمي بعضَ رواسب تخلفَت عن النظام القديم، كما نستطيع أن نلمح لدى الشعوب الأمية حديثة العهد بالإسلام اتجاهًا نحو الأخذ ببعض مظاهر النظام الإسلامي.
وسنعرض فيما يلي أمثلة لشعوب اعتنقت الإسلام منذ قديم؛ لنرى مدى تطبيقها للنظام الإسلامي، ولنرى ما تخلف عن النظام القديم من رواسب، كما سنعرض أمثلة لشعوب أمية حديثة العهد بالإسلام؛ لنقف على مظاهر اتجاهها نحو تطبيق النظام الإسلامي.
من الشعوب الأمية التي اعتنقت الإسلام منذ زمنٍ بعيدٍ البجة في جمهورية السودان، والطوارق في الصحراء الكبرى.
فالمقْرِيزي يتحدث عن قبائل البجة في زمانه بقوله: “وهم بادية يتبعون الكلأ حيثما كان المرعَى، بأخبية من الجلود، وأنسابهم من جهة النساء، ولكلِّ بطنٍ رئيس، وليس عليهم متملك ولا لهم دين، وهم يورثون ابن البنت وابن الأخت دون ولد الصُّلب، ويقولون: إن ولادة ابن الأخت وابن البنت أصح؛ فإنه إن كان من زوجها أو من غيره، فهو ولدها على كل حال”.
وفيما بعد اعتنق البجة الإسلام، وترتب على اعتناقهم إياه أن أخذ نظامُهم الأمي يسير تدريجيًّا نحو الزوال، ومع ذلك فقد بقيت في عادات القوم حتى اليوم بعض رواسب لهذا النظام، فما زال العرف مثلاً يقضي بأن يعيش الزوجُ مع زوجته في حوش أسرتها، خاضعًا لأمها حتى ولادة طفله الأول، وكثيرًا ما يعيش هناك مدة أطول من ذلك، وفي الحياة العملية تمارس أسرة الزوجة – لا سيما أخوها – نفوذًا كبيرًا على الأولاد، ولدى العلباب من البشارين يتمثل الحد الأدنى للأموال التي تدفع بمناسبة الزواج في ناقة وشاة، لكلٍّ من الفتاة وأبيها وخالها، فالأم والخال يحصلان إذًا على نصيب كبير في الأموال التي تُدفع بمناسبة زواج البنت.
ومن الشعوب الأمية التي اعتنقت الإسلام منذ زمن قديم الطوارقُ، وقد رَوى لنا ابن بَطُّوطة شيئًا من عاداتهم في هذا الخصوص فقال: “وشأن هؤلاء القوم عجيب وأمرهم غريب؛ فأما رجالُهم فلا غَيرة لديهم، ولا ينتسب أحدهم إلى أبيه بل ينتسب لخاله، ولا يرث الرجلَ إلا أبناءُ أخته دون بَنيه، وذلك شيء ما رأيتُه في الدنيا إلاَّ عند كفار بلاد المليبار من الهنود، وأما هؤلاء فهم مسلمون، محافظون على الصلوات وتعلم الفقه وحفظ القرآن، وأما نساؤهم فلا يحتشمن من الرجال ولا يحتجبن، مع مواظبتهن على الصلوات، ومن أراد التزوُّج منهن تزوج، لكنهن لا يسافرن مع الزوج، ولو أرادت إحداهن ذلك لمنعها أهلُها!”.
وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، روى أحدُ الرحالة الأوروبيين أن الطوارق يعلقون على النسب الأمي نفس الأهمية التي يعلقونها على النسب الأبوي، وأن بعض الأموال يورث طبقًا للقرابة الأبوية، والبعض الآخر يؤول إلى الابن الأكبر للأخت الكبرى، وفي النصف الثاني من القرن العشرين ذكر أحدُ الباحثين الأوروبيين في دراسة له عن الطوارق أن: “الولد الذي يولد من والدين من الطوارق يرث المركز والامتيازات عن طريق أمه، بغضِّ النظر عما إذا كانت عضوًا في عشيرة الأب أم لم تكن، لكن الولد يعرف بأنه ابن فلان، وتورث الأموال عن الوالدين طبقًا للشرع الإسلامي، الذي يقضي بأن ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11]”.
وما زالت لدى الطوارق بعضُ الآثار الأخرى لمبدأ الأمية القديم؛ فالعروسان يقيمان في مضرب والدي العروس مدة سنة تقريبًا، ثم ينتقلان إلى مضرب أهل الزوج، وأحيانًا يقيمان بصفة دائمة بين أقارب العروس، إذا كانت وزوجها من عشيرتين مختلفتين.
وفي فاتوروا “في السنغال”، على الرغم من أن الإسلام قد أضعَفَ العلاقة بين الخال وابن الأخت، فإن التوكولور ما زالوا يعلِّمون أبناءهم أنه يوم البعث لن تتعرف الأم على ابنها، ولا الأب على ابنه؛ وإنما الخال وحده هو الذي سيتعرف على ابن أخته.
كذلك الحال بالنسبة لسكَّان جبل ميدوب في الشمال الشرقي من دارفور، فرغم اعتناقهم الإسلام ما زالوا يتبعون النظامَ الأمي بالنسبة للميراث، ويقولون في ذلك إن “العظم من الأم، واللحم من الأب”.
وللتوفيق بين ما يتطلبه الإسلام وبين ما يقضي به العرف القديم، تجري عادتهم في الوقت الحاضر بأن يوزِّع الرجل ثروته على أبنائه أثناء حياته؛ حتى لا يترك وراءه شيئًا يرثه أبناء أخته.
ومن الشعوب الأمِّية حديثة العهد بالإسلام قبيلة الديجو في كينيا، وقبيلة الياو في نياسلاند.
فقد اعتنقت قبيلة الديجو الإسلام على نطاقٍ واسع؛ حيث يقر حوالي 80% من أفرادها بأنهم مسلمون، لكن عمق إسلامهم – مقدرًا في ضوء فهمهم للإسلام واحترامهم لتعاليمه – يتفاوت تفاوتًا شديدًا بين العنصر الإسلامي الحق في المدن الساحلية، وأولئك الذين يحيون حياة قبلية في الداخل، وقد كانت قبيلة الديجو تتبع في الأصل النظام الأمي، وكان الوارث العادي الخال أو ابن الأخت، وما زال هذا النظام سائدًا لدى الوثنيين ولدى المسلمين الذين يقيمون في الداخل بعيدًا عن الساحل، إلا أن الشريعة الإسلامية قد كان لها من الأثر في بعض الجهات، ما أدى إلى إحلال أبناء الأخت بوصفهم الورثة الأصليين، ففيما يتعلق بالديجو المسلمين الذين يقيمون في المدن بعيدًا عن الحياة القبلية، تطبق الشريعة الإسلامية تطبيقًا كاملاً، وفيما عدا ذلك من الجهات تطبق قواعد الشريعة الإسلامية على المسائل الخاصة بالميراث، في حالة عرضها على القضاة المسلمين، أمَّا في حالة عرضها على المحاكم القبلية، فيطبق عادة نظام القرابة الأمية.
ويمكن القول بصفة عامة: إن الشعور بوجوب توريث الأبناء؛ أي: بوجوب سيادة النظام الأبوي، آخذٌ في الانتشار قرب الساحل، وأن الابن الأكبر يسعى – أحيانًا على الأقل – إلى استبعاد ابن الأخت، واقتسام التركة مع إخوته وأخواته.
وفي قبيلة الياوو يخضع الميراث على الدوام للعرف القبلي؛ فاسم الميت ولقبه ومنصبه وأمواله تؤول إلى الابن الأكبر للأخت الكبرى، الذي قد يقتسم الأموالَ مع بعض أصحاب الحقوق الآخرين داخل جماعة الأخت، ومع ذلك يبدو أنه من الشائع في الوقت الحاضر ترك بعض الأموال للأولاد وأمهم تحت تأثير الإسلام.
يتبين من العرض السابق أن اعتناق أحد الشعوب الأمية الإسلام يستتبع تخلِّيه عن النظام الأمي، والأخذ بالنظام الإسلامي، وهو نظام يقر كما رأينا بنوعَي القرابة، وإن كان يعير القرابة الأبوية قدرًا أعظم من الاهتمام، غير أن عملية التحول هذه تستغرق عادة وقتًا غير قصير؛ نظرًا لرسوخ هذا النظام في عادات القوم وأفكارهم، ولا مناص من مرور هذه الشعوب بفترة انتقال، تحتفظ خلالَها ببعض آثار النظام العرفي القديم، وتأخذ فيها ببعض مظاهر النظام الإسلامي، وتطول هذه الفترة أو تقصر تبعًا لمدى تعرض أفراد القبيلة أو الشعب للثقافة الإسلامية، ومدى تغلغل العقيدة الإسلامية في نفوسهم