الاقتصاد العالمي سينهار إذا سحبت النساء أيديهن منه
الاقتصاد العالمي سينهار إذا سحبت النساء أيديهن منه
كتبت / رحاب نوح
«لا يوجد مستحيل على الأرض، وبالحب يستطيع الإنسان أن يصبح قادرًا على كل شىء».. كلمات جاءت على لسان هاربين أرورا، السيدة الهندية التي اختير اسمها العام الماضى ضمن قائمة الأكثر تأثيرًا في العالم، كونها استطاعت تكوين اتحاد نسائى دولي، أطلقت عليه المنتدى الاقتصادي العالمى للمرأة.
التقيت «هاربين» على مدار ثلاث ساعات أثناء زيارتها للقاهرة، للإعداد للمنتدى الذي نقلته إلى مصر، وسيعقد خلال أيام، بناء على وعدها للرئيس عبدالفتاح السيسى.
الجميلة الهندية كما يلقبونها «هاربين» تعتبر أن المرأة أكثر من نصف المجتمع، وأن الاقتصاد سيسقط فورا إذا سحبت السيدات أيديهن من أسفله، لافتة إلى أن المصريات يأخذن حقوقهن أفضل من أماكن أخرى، وأن تمكين المرأة يحتاج مقومات شخصية، فضلا عن رغبة الإدارة في ذلك واحترامها وتقديرها لحواء التي تصفها بأنها أساس نجاح أي مكان.
«أرورا» أفصحت عن حبها لمصر، وكشفت عن متابعتها الأحداث السياسية، قائلة: «مصر الجديدة أجمل، وستصبح من البلاد المتقدمة في وقت قريب». وأوضحت أوجه التشابه بين بلدنا والهند، لافتة إلى أن الدولتين بينهما مشتركات كثيرة، أهمها الود المتبادل بين الشعبين.. وإلى نص الحوار:
■ في البداية، كم مرة زرتِ مصر؟
– هذه المرة الثانية، إذ تشرفت بحضور مؤتمر الشباب 2018 بعد أن تمت دعوتى من قِبَل القائمين على المؤتمر، وكنت سعيدة جدا، والآن أنا جئت من أجل الإعداد للمنتدى الاقتصادى العالمى للمرأة، الذي سيقام في مصر الشهر المقبل بعد أن وعدت الرئيس عبدالفتاح السيسى بنقل نسخة المنتدى لعام 2020 إلى مصر.
■ ماذا عن كواليس الحديث بينك وبين الرئيس عبدالفتاح السيسى بخصوص المنتدى؟
– الحقيقة أننى كنت قد وجهت دعوة قبل عامين إلى رئيس مصر بصفته لحضور المنتدى الاقتصادى العالمى للمرأة بالهند، حيث إننا نقوم بدعوة معظم رؤساء العالم والرموز الدولية، وبالطبع لابد أن يكون رئيس مصر من بين المدعوين لأنها من أكبر وأهم الدول في منطقة الشرق الأوسط، فجاء رد السيسى على الدعوة جميلًا، حيث أكد سيادته أنه يقدر الدعوة ويتمنى التوفيق للمؤتمر لكنه مرتبط بأشياء لا تسمح له بالحضور، ومع ذلك أكد أن مصر ستشارك، وقال سأرسل لكم شخصية مصرية مهمة جدًا، وهى الدكتورة مايا مرسى، رئيسة المجلس القومى للمرأة، موضحا أن مصر لن يفوتها أبدا التواجد الفعّال في كل المنتديات الهادفة التي تعمل من أجل الخير للبشرية، وبالفعل حضرت، وكان حضورها مفيدا وإيجابيا.
■ كيف جاءت مشاركتكِ في مؤتمر الشباب في عام 2018؟
– بعد انتهاء المنتدى تلقيت دعوة من إدارة مؤتمر الشباب العالمى الذي تنظمه مصر، وعندما تسلمت الدعوة سعدت بها واعتبرتها فرصة لرؤية هذا البلد والتعرف عليه أكثر، وأيضا اكتساب معارف وعلاقات جديدة، وجئت بالفعل وتم تكريمى في المؤتمر، وأثناء تسلمى درع التكريم من الرئيس قلت له: أنا في منتهى السعادة بمشاركتى ووجودى في مصر، ولم أكن أتوقع كل هذه الروعة في التنظيم والأداء والإيجابيات التي حدثت في المؤتمر، ولذلك أعدك بأن أنقل إحدى نسخ المنتدى إلى القاهرة، وها نحن نستعد لذلك، وستبدأ فعالياته ٤ مارس المقبل
ماذا كنتِ تعرفين عن بلادنا؟
– الحقيقة أعرف مصر جيدًا، وكنت أشعر بأننى سأكون سعيدة، لكن بهجتى فاقت توقعاتى، وذلك لأننى استفدت من مؤتمر الشباب كونه يجمع أشخاصا من كافة دول العالم، لكل منهم فكر ورؤى مختلفة تفيد الحضور، أيضا وجدت ودًا وكرمًا وأجواء رائعة في العموم، والأكثر من ذلك أن إعجابى زاد بعد أن شاهدت مصر الجديدة وما يحدث فيها من تطور وحركة من أجل التقدم على أيدى الرئيس السيسى الذي يعمل بقوة من أجل هذا الهدف، وأراه يختصر المسافات والوقت لكى يصل بمصر إلى مكانتها اللائقة، وخرجت من هنا وروحى شغوفة بالعودة مرة أخرى إلى ذلك المكان الساحر الجاذب للأرواح والأفئدة، وها نحن نعود مرة أخرى، وللعلم هذه أول مرة أقوم فيها بإخراج المنتدى من الهند إلى دولة أخرى، وذلك دليل على احترامى وتقديرى لمصر.
■ كيف تم اختياركِ ضمن المائة شخصية المؤثرة في العالم؟
– هذا شىء جميل في حياتى ومن الأمور التي أعتز بها، فاختيارى ضمن أبرز مائة شخصية مؤثرة على مستوى العالم يمثل فخرا بالنسبة لى، وبالطبع من الأسباب القوية لإدراجى في هذه القائمة ما فعله المنتدى الاقتصادى العالمى للمرأة من إيجابيات في شتى أنحاء الأرض، حيث استطاع أن يخلق شبكة تواصل ما بين نساء الأرض ما سهل عليهن مساعدة بعضهن البعض، ومكنهن من تحقيق أشياء كن يرين أنها مستحيلة، فمساعدتى لشقيقاتى النساء في كل مكان على وجه الأرض هي الأهم، خاصة أن المرأة قد وجدت نصيرا وطريقا ممهدا لتحقيق أحلامها، وتحقق بالفعل كثير من الأمنيات لسيدات وفتيات بفضل تقديم المساعدات التي لا تتوقف على جغرافيا أو مسافات، فمن الممكن أن تجد سيدة في الصين تمد يد المساعدة إلى أخرى في المنطقة العربية مثلا، عموما الارتباط قوة وطريقة مثلى لتخطى الصعاب، خاصة أننا في عالم ملىء بالتعقيدات التي تحتاج إلى الاقتراب والتشاور من أجل الوصول إلى المبتغى، أيضا نجاح أعمالى داخل وخارج الهند، فأنا سيدة أعمال ولى مشروعات كبرى في كل مكان وتسير بطريقة ممتازة وتعود بالنفع على بلادى والدول الأخرى، وهو ما يؤدى بكل تأكيد إلى أن نكون محل نظر من القائمين على مثل هذه الترشيحات.
■ ماذا عن كواليس إنشاء مؤتمر اقتصادى عالمى للمرأة؟
– المنتدى كان حلما قديما لى منذ الطفولة، وهذا ليس مبالغة بل حقيقة، حيث انشغلت منذ فترات طويلة بأمنية لم تكن واضحة المعالم في البداية، وهى محاولة عمل شىء للمرأة لإيمانى الشديد بإمكانياتها، وإيمانى بأن هناك سيدات وفتيات مظلومات وغير قادرات على أن يأخذن حقهن في هذا العالم الملىء بالأشياء الصعبة، وتبلورت الفكرة في رأسى ووجدتها، كما قال نيوتن، في تجميع كل نساء الأرض في رابطة واحدة، بهدف مساعدتهن لتحقيق أحلامهن والسعى نحو الأفضل دائما، واستخدام إمكانياتهن الساكنة بعد تحريكها في الاتجاه الصواب، وبالطبع بواسطة إكسابهن مهارات جديدة ومختلفة ودعمهن بكافة طرق الدعم، من أجل هدف أسمى وأكبر، وهو خدمة المجتمعات والبشرية بشكل عام، وبالفعل تحركت نحو هذا الهدف، وبدأت أتحدث مع شخصيات بارزة في كل مكان، وبحكم علاقاتى الدولية وجدت دعما كبيرا، ولاقت الفكرة تأييدا لم أتوقعه.
وما طبيعة عمل المنتدى؟
– تجمع غير هادف للربح، ومنذ عام 2015 يُعقد المنتدى في دورته الكبرى سنويًا ويكون في الهند بحضور سيدات من كافة أنحاء الأرض وشخصيات لها ثقل دولى ورؤساء دول، فضلا عن عقده اجتماعات ولقاءات في مختلف دول العالم، ويناقش في خلال اجتماعاته كيفية دعم المرأة في شتى المجالات، ويتم التركيز بالطبع على الاقتصاد، ويكون بمثابة إكساب مهارات وفتح آفاق جديدة للحضور، وتوسيع دائرة العلاقات والترابط بين نساء الأرض من أجل التطور، ويتم نقل الخبرات من مكان لآخر عبر الاستماع والمناقشة والاتفاق على العمل المشترك، وهو ما أسهم بشكل كبير في نجاحات لكثيرات ممن حضرن المنتدى حيث استطعن الاستفادة من شبكة العلاقات الدولية التي أصبحن عضوات فيها، وأنا أشبهه بأنه حركة اقتصادية نسائية تفتح مجالات عديدة أمام المرأة للمعرفة.
■ كم عدد عضوات المنتدى؟
– تقريبا وصل العدد الآن إلى مائتى ألف سيدة من مختلف دول العالم، وهدفنا حتى 2022 أن نصل إلى مليون عضوة، حيث هناك إقبال متزايد، خاصة بعد معرفة الفتيات والسيدات أن المؤتمر ليس اقتصاديا فقط بل يشمل كافة نواحى الحياة من عمل اجتماعى ورياضى وثقافى، فكما قلنا الهدف هو تمكين المرأة.
بمناسبة المرأة، هل تعتقدين أنها حصلت على حقوقها كاملة أم أن هناك أشياء مازالت ليست في متناول يدها؟
– الحقيقة أن المرأة تغيرت عن الماضى، فالآن هي قادرة على أن تُمسك بكل ما ترغب فيه وتحصل على كل ما تريد، وإن كانت هناك استثناءات تتمثل في إهدار حقوق المرأة في بعض الدول، وللأمانة لم يعد هو الأساس كما كنا قديما، ونعمل جاهدين على أن نصل إلى عموم المساواة على الأرض بين الرجال والنساء، ولا نخفى أن ما وصلت إليه المرأة الآن شىء رائع جدا، وللأمانة توجد دول كثيرة استفادت من المرأة أكثر من غيرها، وهى الدول التي يقطنها سكان قليلون حيث لا مجال أمامها سوى الاستفادة من كل شخص ينتمى لذلك البلد، ومن هنا ظهرت قدرات تفوق المرأة، وأى دولة تضع حواء في أولويات اهتماماتها وتسند إليها أعمالاً كبرى تجدها في تقدم، لأن السيدات بالفعل يحركن المياه الراكدة ويُذللن الصعاب.
■ وفى مصر كيف ترين المرأة؟
– بكل صراحة أجدها تحصل على معظم حقوقها، وأيضا أراها ناجحة ومتطورة وتملك الموهبة، وازداد تمكين المرأة في تلك السنوات الأخيرة في مصر الجديدة، وبين النساء ناجحات ومبدعات أيضا، وأدعوهن جميعا إلى مضاعفة العمل والاجتهاد والصبر مع التفكير دائما في تقديم أشياء متميزة، كل واحدة في مجالها، فالعمل هو الذي يصنع الإنسان ويجعل له قيمة في المجتمع، ولقد عرفت سيدات رائعات هنا في القاهرة لديهن الطموح والرغبة في النجاح، واستشعرت طاقاتهن الداخلية، فقط لا يحتجن سوى إعطائهن فرصا لإثبات وجودهن، وأنا كلى أمل في الإدارة المصرية الواعية التي تثبت يوميا أنها تقدر المرأة وتجلها وتضعها نصب أعينها، وسنرى خلال الفترات المقبلة نساء مصريات حققن نجاحات كبرى، وهى أمنيتى أينما أذهب، أن أرى نماذج لنجاح الفتيات والسيدات، فالأصل أن ينجحن ويبهرن العالم.
■ ماذا عن طرق تمكين المرأة؟
– تمكين المرأة يعتمد بالدرجة الأولى على الثقة بالنفس، فهى الأساس القوى الذي يُبنى عليه شخصية متزنة قادرة على اختراق الصعاب وترويض ما يسمى المستحيل، أيضا ترابط النساء بطريقة علمية بمعنى أن يساعدن بعضهن البعض بخبرات ونصائح مفيدة والتعليم بهدف إعداد كوادر منهن، أيضا من الأهمية أن تمتلك الأنثى الطموح والصبر والإصرار، فهى أدوات الحصول على المراد، ولن تتحقق الأحلام بدون تلك الأدوات، ويبقى أخيرا رغبة الإدارة في إعطاء المجتهدات حقوقهن، ولاتزال أوروبا وأمريكا أكثر المناطق تحفيزا للنساء ولإعطائهن فرصا للنجاح.
هل تعتقدين أن هناك متشابهات بين الهند ومصر؟
– بالطبع هناك كثير من الأشياء التي تتشابه بين الدولتين، فالبلدان لديهما حضارة عريقة وتاريخ طويل من التحدى والنجاح، أيضا بينهما مشتركات، مثل الشعب المحب لوطنه، المخلص لبلاده، القادر على تحمل الصعاب في الأزمات دون أي تأفف أو زهق، وهى ميزة مهمة وتفتقرها دول كثيرة، فضلا عن مقومات السياحة، وأرى أن مصر بها أماكن غير موجودة في مكان آخر، ولننظر الآن إلى الهند حيث أصبحت الثالثة عالميا من حيث قوة الاقتصاد، ودون أي تهويل من الممكن جدا أن تصل مصر إلى ما وصلت إليه الهند، ولا ينقصها سوى العمل والالتفاف حول قيادتها ومساعدة الدولة على النهوض وإعادة أمجاد الفراعنة العظماء الذين سبقوا العالم من آلاف السنين، وهى الحقيقة المؤكدة التي لا تقبل مجالا للشك ويعرفها الجميع، وللعلم فإن الشعب الهندى محب للمصريين ويعرف عن طباعهم وعاداتهم وبلدهم أشياء كثيرة، وهو ما أجده في نفوس كثير من المصريين أيضا، فهم يحترمون الهند ويقدرون شعبها، والأفلام الهندية لها عشق خاص لدى أبناء هذا الوطن العريق، وأنا شخصيا أجد ترحابا وكرما شديدا بمجرد أن يعرف الناس أننى هندية، وهو شىء جميل.
■ كيف لمصر الوصول إلى القوة الاقتصادية العالمية في أقرب وقت؟
– بكل أمانة المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي السر الأكبر في إمكانية نقل مصر بسرعة إلى موقع اقتصادى متميز عالميا، وهى تجربة هندية أثبتت نجاحها بقوة، ولك أن تتخيل أن الهند تضع 5 تريليونات سنويا لتنمية تلك الصناعات بعد أن اكتشفت بالتجربة أنها فكرة ساحرة ومؤثرة للغاية، وأنا أرى أن مصر بها مثل تلك المشروعات لكن تحتاج مضاعفة العمل في هذا الإطار، والآثار المصرية وموقعها الجغرافى وطبيعة أجوائها كلها عوامل يمكن أن تقفز بها إلى مكان آخر، وسيحدث ذلك قريبا جدا.
ماذا تتوقعين للمنتدى الاقتصادى العالمى للمرأة في مصر؟
– أتوقع أن يحقق إيجابيات متعددة، منها مساعدة نساء البلد على تطوير أنفسهن في المجالات التي يرغبن في العمل بها، وتعريف الشخصيات العالمية على فكر المرأة المصرية وإمكاناتها الشخصية، وهو أمر في غاية الأهمية حيث من الممكن أن تنصهر الأفكار في بوتقة واحدة وتتحرك لعمل كبير يجلب الخير للجميع، أيضا من أمنياتى أن يسترجع العالم ذكرياته الجميلة عن السياحة في تلك البقع الساحرة الخلابة التي تمتلكها مصر، فهنا أماكن لا يوجد لها مثيل في أي مكان، كما أن وجود المنتدى الاقتصادى العالمى يلفت نظر المهتمين بالاقتصاد إلى الوطن، ويمكن أن يساعدهم في عمل شىء مفيد لهم وللمكان أيضا، وعموما التجمع البشرى للعلماء والمثقفين والمجتهدين لابد أن يُنتج ثمارا طيبة، وهو ما نرجو حدوثه.
■ ما هي نسبة الاعتماد على المرأة كعامل نجاح في الدول بشكل عام؟
– أكثر من نسبة الاعتماد على الرجل، فأنا على يقين أن المرأة قادرة على العطاء والتحمل بما حباها الله من قدرات تفوق ما عند الرجال، فهى قادرة على العمل في الخارج وتحمل المتاعب بصبر، وأيضا تعود إلى المنزل لتعمل كى تكمل رسالتها وتمنح بيتها المجهود والاهتمام، وهى أدوار عظيمة تؤديها على أكمل وجه، ويجب أن تعرف أيضا أن المرأة تتفوق على الرجل في الحرف الناعمة، مثل الحرف اليدوية والمشروعات الصغيرة التي تعتبر من أهم الأشياء لتحسين اقتصاد الدول، وأؤكد لك أن المرأة تحمل بين أيديها الاقتصاد العالمى، وإذا ما سحبت يديها من تحته فسيقع الاقتصاد في كل مكان، فهى العمود الرئيسى في رفع الاقتصاد عاليًا