الجندي المجهول يقود الجيش الأخضر لانتصار جديد
الجندي المجهول يقود الجيش الأخضر لانتصار جديد
بقلم: وائل سعد
التعليم قضية وطن ” هل انتهيت من امتحان اللغة العربية اليوم يا بني؟” بدأ الأب حديثة مع ابنه طالب الصف الأول الثانوي عقب انتهاء الامتحان التجريبي لليوم الأول، فأجابه الابن: ” نعم يا أبي. لقد انتهيت منه منذ دقائق.” فبادره الأب سائلا: “وماذا تتوقع، هل تتوقع نتيجة جيدة؟” فأجابه الابن: ” لقد حصلت بالفعل على نتيجة جيدة يا أبي. وأستحق المكافأة. ” وهنا التفت الأب إلى ابنه مندهشا وقال له: ” وكيف عرفت نتيجتك؟ هل أنت واثق من إجاباتك إلى هذا الحد؟” فأجابه الابن: ” ليست الفكرة هكذا، بل لقد أرسلت لي الوزارة تصحيحها لإجاباتي.” وهنا رفع الأب صوته وبدا الغضب مسيطرا على لهجته قائلا: ” لم يدق أحدا بابنا. وأيضا وانا في هذا العمر لم أسمع يوما أن الوزارة ترسل للطالب النتيجة أو الامتحان مصحح فور انتهاءه. هل تمزح معي؟” لكن الابن أجاب بكل ثبات: ” هذا لأنك لم تمتلك تابلت يوما هدية من الوزارة يا أبي. لقد انتهيت من الامتحان على التابلت. وفور الانتهاء منه فوجئت بالوزارة ترسل لي الإجابات الصحيحة. وتصحح الأسئلة الاختيارية. هذا الحديث الافتراضي هو أقرب للواقع وهذه الحقائق عشناها اليوم بشكل غير مسبوق. ولكن هل فكرت عزيزي القارئ في المجهودات الضخمة وراء هذا النجاح. لقد مر اليوم الأول من الامتحان التجريبي لطلاب الصف الأول اليوم، ذلك الامتحان الذي حارب البعض لإلغائه. لكن دعونا بشيئ من الإنصاف نناقش حصيلة هذا اليوم. بداية طيلة الامتحانات التكنولوجية السابق لم يثبت تجربة السحابة الالكترونية، وكان لابد من خوض التجربة حتى تطمئن الوزارة إلى إمكانية امتحان جميع طلاب مصر من خلال السحابة الالكترونية ومن أي مكان. ومن هذا المنطلق كان من الأهمية للوزارة كما للطالب خوض هذه التجربة الفريدة، وكان أول عقبة قابلت الجيش الأخضر ( وهو فريق عمل تكنولوجيا التعليم بوزارة التربية والتعليم) هي عدم تسلم طلاب الخدمات ببعض المدارس للتابليت. ولقد جاءتنا استغاثة من السيد ش.ع والد الطالبة ف.ش.ع بعدم استلامها وزميلاتها من طلاب الخدمات للتابلت، وكان هذا في وقت متأخر من ليلة الامتحان الأول، فتواصلنا فورا مع الجندي المجهول قائد العمليات التكنولوجية بالوزارة الرجل الذي يعمل في الظل ولا يحب الظهور المهندس أحمد ضاهر نائب الوزير للتعلم التكنولوجي، ولم يمنعه تأخر الوقت من الرد والاهتمام بالمشكلة، ووعد بحل المشكلة ومحاسبة المقصرين. بل وتعويض أولئك الطالبات بامتحان آخر في اللغة العربية لأنها تجربة تستحق. نمت يومها مطمئنا على مستقبل الطلاب في ظل مسئولين يقدرون العمل في هدوء بعيدا عن الأضواء، وأيقظني باكرا صوت هاتفي لمتصل يلح في الاتصال. فقمت من نومي مندهشا من هذا الإصرار، وفوجئت أنه ولي أمر الطالبة وأبلغني وهو في غاية الامتنان والاندهاش بأن مسئولي المدرسة اتصلوا به في ساعة مبكرة جدا ليذهب للمدرسة لاستلام التابلت، وكذلك فعلوا مع بقية الطالبات. حقا تناقل الطلاب امتحان اليوم فيما بينهم، بعضهم قرر ألا يستفيد من التجربة القيمة. حقا واجه بعضهم بعض المشكلات، مثل غلق المنصة قبل الانتهاء من الامتحان، مثل الطالبة م. ع بالقاهرة والتي تواصل والدها مع الوزارة فأرسلت له رابط (مرفق في نهاية المقال) لكتابة ووصف المشكلة. وفوجئ بعد دقائق بحل المشكلة. حقا لا يهم إن لم يتغلب الفريق القومي في مبارياته الودية، بل الأهم أن يجرب لاعبيه وخططه، حتى يكون جاهزا. واليوم نجحت الوزارة في الاطمئنان لفكرة استخدام السحابة الإلكترونية وامتحان الطلاب حتى من خلال الشبكة العنكبوتية في المنازل، مما سيكون له أكبر الأثر في القضاء على ظاهرة الغش تماما في حال قام الطلاب بآداء الامتحان داخل المدارس من خلال الإنترنت فائق السرعة بالمدارس. نجحت الوزارة ولأول مرة في إرسال نتيجة الطالب له فور الانتهاء من الامتحان. كما نجحت في إزالة مخاوف الطالب من الظلم في التصحيح من خلال التصحيح الإلكتروني لأسئلة الاختياري، مما سيوفر تصحيحا عادلا إلى حد كبير ويوفر مصححين ويقلل تظلمات الطلاب إن سار الأمر كما اليوم، علما أن الامتحان في كثير من المواد يمكن أن يكون بنظام الاختيار من متعدد. نجحت دعوتنا التي طالبنا بها المجتمع بعدم الإسراف في استخدام الإنترنت في أوقات الامتحانات لمساعدة الطلاب في الحصول على سرعات مناسبة، هذه الدعوة التي أطلقناها في مقال سابق يوم الثاني من أبريل وتبنتها عديد من الصفحات والشخصيات المهتمة بالتعليم. مما يدل على تكاتف المجتمع. حقا كان للوزارة أهداف رائعة وكبرى من هذه التجربة التي أرى أنها تجربة مفيدة وناجحة، وبالفعل نجح الجندي المجهول م/ أحمد ضاهر في قيادة الجيش الأخضر ومعه الفريق المعاون وعلى رأسه المقاتل/ وليد الفخراني في تحقيق حلم الوزير المقاتل د/ طارق شوقي ونائبه رئيس الأركان د/ رضا حجازي. اليوم أبارك لكل المهتمين بالتعليم هذا الإنجاز التاريخي الذي يضع مصر في مصاف الأمم في التعليم. تحيا مصر. تحيا مصر. تحيا مصر.