نسائم الإيمان ومع نبى الله إسماعيل ( الجزء الثالث )
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
قد ذكر الله سبحانه وتعالى نبيه إسماعيل عليه السلام، في سبع من سور القرآن المجيد، هي على التوالي: سورة البقرة، سورة آل عمران، سورة النساء، سورة الانعام، سورة إبراهيم، سورة الأنبياء، وسورة ص، والنبي إسماعيل ورد ذكره في سورة مريم في قوله تعالى: (واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا. وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا).
ونبى الله إسماعيل هو نطق بالعربيه و تزوج من قبيلة جرهم اللذين سكنوا بجواره وجوار امه ويعتبره النسابه ابو العدنانيون لان عدنان ولده فاذا اسماعيل هو ابو العرب المستعربه، وأن النبى الكريم محمد بن عبد الله رسول الإسلام، من نسل إبراهيم وإسماعيل وإنه قام ووالده إبراهيم ببناء الكعبة، وقد عاش 137 سنة، وقد دفن بجوار والدته السيده هاجر، في مكة في المكان المسمى بحجر اسماعيل الداخل في الكعبه.
ولم يستطع أحد إثبات أنه مدفون بالحجر المسمى حجر إسماعيل وذلك لأن الحجر جزأ من الكعبة، ولو كان حجر اسماعيل جزأ من الكعبة لكان ذكر المؤرخون بأنه دفن في داخل الكعبة، ولو كان حجر إسماعيل هو قبر إسماعيل لكن حرم على الناس المشي من فوق القبر، واذا كان قد أرسل إلى قوم أخرون فهذا يعني بأنه لم يدفن بمكة، ويترجح حسب المؤرخين المسلمين أنه أرسل إلى القبائل العربية التي عاش في وسطها، من قبائل اليمن، والعماليق.
ولقد عاش نبى الله إسماعيل عليه السلام، فى شبه الجزيرة العربية ، وساعدت مياه زمزم على سكنى المنطقة وتعميرها، وكبر إسماعيل عليه السلام وبلغ أشده ، وقتها رجع إبراهيم عليه السلام إلى مكة بعد مرور أعوام كثيرة ليبحث عن زوجته وولده إسماعيل ، وبعد معرفته مكانهما لقى ولده شب على الصلاح وحسن الخلق والطاعة ، وكان رجوع إبراهيم بأمر من الله وقال لولده إسماعيل إن الله أمرني أن ابني هنا بيتا ، وها هو قد صدر الأمر الإلهي ببناء بيت الله الحرام فى نفس المكان الذى ترك فيه إبراهيم عليه السلام، إسماعيل عليه السلام وهو طفل رضيع مع أمه هاجر.
وهو أول بيت وضع للناس فى الأرض ، هو أول مكان يعبد فيه الإنسان ربه ، وبدأ بناء الكعبة، وقد غاب الخليل إبراهيم عليه السلام، مدة لم ير خلالها ابنه إسماعيل عليه السلام، حتى أمره الله سبحانه تعالى، أن يبني له بيتا في مكة، يكون مثابة للناس، ولم يعرف إبراهيم أين يبني البيت، وتحير في الأمر، فبعث الله عزوجل جبريل عليه السلام، فأشار إليه بالمكان المناسب، وجاءه بالقواعد من الجنة، وقصد إبراهيم عليه السلام، منزل ولده إسماعيل، وأبلغه الأمر الإلهي، فقال إسماعيل عليه السلام، تبنيه وأساعدك.
وبدأ إسماعيل بنقل الأحجار، من ذي طوى وجبل أبي قبيس، وراح إبراهيم عليه السلام، يبني البيت ويدعو مع إسماعيل: ( ربنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم ) ورفع إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بناء البيت، حتى بلغ يوم بنائه تسعة أذرع، وقد جعلا له بابين: شرقيا وغربيا يسمى المستجار، وانتهى بناء البيت وأراد إبراهيم أن يضع حجرا مميزا يكون علامة خاصة يبدأ منها الطواف حول الكعبة، وأمر إسماعيل أن يأتيه بحجر مميز يختلف عن لون الحجارة المستخدمة فى البناء وسار إسماعيل عليه السلام على قدر ما فى وسعه من جهد وذلك تلبيه لأمر أبيه.
وحين عاد كان الخليل إبراهيم عليه السلام، قد وضع الحجر الأسود فى مكانه فقال له إسماعيل عليه السلام من الذى أحضره إليك؟ قال أحضره جبريل عليه السلام، ثم إن جبريل عليه السلام، دل إبراهيم على موضع الحجر الذي كان الله تعالى قد أنزله على آدم، والذي يروى أنه كان أشد بياضا من الثلج، وإنما اسود بعدما لمسته أيادي الكفار، فأخذ إبراهيم عليه السلام، الحجر الأسود ذاك، ووضعه في المكان الذي هو فيه اليوم، وانتهى بناء الكعبة وبدأ طواف الموحدين والمسلمين.
وعند انتهاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، من بناء بيت الله الحرام، عهد الله إليهما أن يقوما على خدمته: ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركّع السجود) وجعله مثابة للناس، وأمرهم باتخاذه مصلى: ( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) ثم أمر الله سبحانه خليله إبراهيم عليه السلام، أن يعلو ركنا من أركان البيت.
وينادي في الناس: ألا هلم إلى الحج: ( وأذَّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على مارزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير. ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوَّفوا بالبيت العتيق ).
ولما أحس إبراهيم عليه السلام، بقرب وفاته، أوصى ابنه إسماعيل عليه السلام، أن يقوم بخدمة بيت الله الحرام، ويدبر شؤونه، وهكذا كان، فبعد وفاة إبراهيم عليه السلام، قام إسماعيل برعاية البيت والسهر على شؤونه، ثم إن الله سبحانه وتعالى نبأه وأرسله إلى العماليق وقبائل اليمن، فأخذ ينهاهم عن عبادة الأوثان ودعاهم إلى عبادة الرحمن، الواحد الأحد الفرد الصمد، فآمن بعضهم وكفر آخرون.
والنبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، هو أبو العرب، وعاش مائة وسبعا وثلاثين سنة على مايذكر الرواة، وقد رزق عليه السلام، من الأولاد اثنا عشر ذكرا هم: فائت، قيدار، إربل، ميم، مسمع، دوما، دوام، ميشا، حداد، حيم، قطورا، وماش، وويذكر أن نبي الله إسماعيل عليه السلام، لما أحس بدنو أجله، أوصى إلى أخيه إسحاق بتدبير شؤون البيت الحرام، وتوفي سلام الله عليه، ويقال أنه دفن في المسجد الحرام في المكان الذي فيه الحجر الأسود، وومات عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة بعد أن أدى رسالة ربه وبلّغ ما أمره الله بتبليغه.
ودعا إلى دين الإسلام وإلى عبادة الله الملك الديان، ويقال أنه دُفن عليه السلام قرب أمه هاجر في الحجر، وتتضمن قصة نبى الله إسماعيل عليه السلام عددا من المضامين التي فيها العبر والمواعظ، وهي مواعظ عميقة تجلّت فيها حكمة الله تعالى، وبدا واضحا فيها تربية الأنبياء ونشأة أبنائهم وأهلهم، وكيف أن إبراهيم عليه السلام، امتثل لأمر ربه، وأخذ أهله ووضعهم بواد غير ذي زرع، وهو يعلم علم اليقين أن الله لن يتركهم، وتتضمن عبرة عميقة تظهر أن الله تعالى لا يُضيّع أهله أبدا.
وتتضمن معنى تضحية الأم، وهي التضحية العظيمة التي قامت بها هاجر، وكيف أنها كانت خائفة على ابنها إسماعيل وقد تحركت أمومتها، وانشغلت بابنها في ظل غياب الأب، وتتضمن عبرة كبيرة في برّ الابن لأبيه وكيف أن إسماعيل عليه السلام استجاب لأبيه وقال له: “افعل ما تُؤمر”، دون أن يناقشه، عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام .