نسائم الإيمان ونبذه عن حياة زليخه ( الجزء الأول )
إعداد / محمــــد الدكـــرورى
السيده زُليخا وهذا كان لقبها وأما اسمها فهى راعيل بنت رماييل وهي زوجة عزيز مصر عند قدوم نبى الله يوسف عليه السلام إلى مصر، وكان زوجها هو بوتيفار عزيز مصر على عهد الملك أمنحوتب الثالث الذي يعد من أعظم الملوك الذين حكموا مصر عبر التاريخ، وكانت مشهورة بجمالها وكبريائها الذي أضحى تكبراً وأنفة، وكان قدوم نبى الله يوسف عليه السلام إلى قصر عزيز مصر، هو بعد أن ألقاه إخوته في الجب، مرت قافلة وأرسلوا واردهم فأدلى دلوه في الجب فوجد يوسف، فقال يا بشرى هذا غلام وأخذوه معهم كبضاعة.
وذهبوا به إلى السوق في مصر، فاشتراه العزيز لامرأته وقال لها أكرمي مثواه، وقد أدخل بوتيفار نبي الله يوسف إلى بلاطه وهو طفل ولم يعامله معاملة العبيد بل أوصى زوجته زليخا بالإحسان إليه لما وجد فيه من الفطنة والذكاء والرأي الثاقب، وترعرع يوسف في بلاط العزيز بوتيفار مدة أحد عشر عاماً إلى أن صار شابا حسن الوجه حلو الكلام، شجاعاً قويا، وذا علم ومعرفة، وكان لا يمض يوم إلا ويزداد شغف زليخا بيوسف إلى أن راودته عن نفسه ظانةً منه أنه سيطيعها في معصية الله سبحانه وتعالى.
إلا أن يوسف نبي ومن المخلصين، فأبى أن يرتكب الخطيئة وهرب خارجا لكنهما وجدا بوتيفار عند الباب، وعندما رأى بوتيفار أن قميص يوسف قد قطع من الخلف أيقن أن زوجته زليخا هي الخائنة وهي من راودت يوسف عن نفسه، وهنا استشاطت زليخا غضباً ولم تطلب الصفح عما اقترفت، بل سعت جاهدةً إلى تبرير صنيعها بإقامة حفل لنساء أكابر مصر اللاتي تكلمن عنها، ثم طلبت من يوسف أن يخرج عليهن فإذا بالنسوة يقطعن أيديهن مبهورات من جمال يوسف، وعندما استعصم النبي يوسف وأبى ارتكاب الفحشاء.
وسعت زليخا إلى سجنه حتى ينصاع لرغباتها، ولكنه ثبت على موقفه، فقضى في السجن عشر سنين، لكن زليخا أخذت تعاني من آلام الفراق كثيراً وازداد عشقها وتعلقها به حتى باتت تقضي أيامها بالبكاء شوقاً إليه مما أضعف بصرها وجعلها تشيخ بسرعة وتفقد جمالها، ولما قام النبي يوسف بتفسير رؤيا ملك مصر أخناتون (أمنحوتب الرابع) وظهرت براءته باعتراف زُليخا، وكذلك باعتراف نساء مصر أن يوسف كان عفيفاً تقياً، قام الملك أخناتون بإطلاق سراحه وعينه عزيزاً لمصر.
وبعد وفاة بوتيفار زوج زليخا والذي مرض وتأثر من خيانة زوجته له، وندمه على سجن يوسف تلك المدة، ولكن هناك تفسير يجب أن نعرفه وهو أن هذه السيدة كانت أمام شاب ملك من الحسن نصف جمال العالم، وهو نبيا خلوقا، فقد أحبته وقاومت ثم ضعفت وحاولت إغواءه، ولو نظرنا إلى الآية القرآنية الخاصة بهذه اللحظة فهى واضحة جدا (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) وهذه الآية تشرح بوضوح الضعف البشرى حتى للأنبياء.
وكانت زليخة أيضا امرأة جميلة وسيدنا يوسف رجل من بنى البشر، ولكنه أيضا نبى لذا أنقذه الله حين جعله يرى برهان ربه، ويقول البعض إن برهان ربه كان سيدنا يعقوب الذى ظهر لابنه ونهاه عن الاستمرار، ويقول مفسرون آخرون إنه راى سيدنا جِبريل، المهم أنه بعد أن ضعف قلبلا قاوم ولَم يستسلم، أما السيدة زليخة فرغم أنها اتهمته بأنه هو من حاول الاعتداء عليها ورغم أنه عرف أنها هى من كانت تلاحقه فلقد زجت به فى السجن ظلما، حيث قضى سنين سبعا، وبعد خروجه من السجن أصبح عزيز مصر.
وذلك خلفا لزوج زليخة وعاشت تعانى من بُعد يوسف عنها، وقضت سنين طويلة تبكى فراقه حتى فقدت نظرها بل وتدهورت أحوالها المادية وقامت بتسريح خدمها إلا من تمسك بها ورفض تركها، ووصلت مثل يعقوب إلى درجة أنها أصبحت تشم رائحة يوسف إن مر قربها دون أن تراه، وذات يوم ذهبت إليه فسألها لم أصابها ما أصابها فقالت له من حبى لك، ولما رأى كيف أنها أصبحت شديدة القرب من الله تدعوه طوال الوقت سألها: ما الذى تطلبينه من الله؟ فأجابت: أن يرد على بصرى وشبابى وأن أكون بصحبتك فى الدنيا والآخرة.
وقيل أنه قد كان، فعادت شابة جميلة وتزوجها سيدنا يوسف عليه السلام، وقيل أنه إتضحت نبوة يوسف عليه السلام، وآمن معه الملك وأصبح له شأنه العظيم حتى أن زليخة آمنت به وبنبوته وقيل أنه مر بها يوما وقد فقدت نضارتها وبصرها ومالها فقال لها ما بال البدر أصبح شين فقالت له من فقداني لك، فكانت تدعو الله في كل وقت أن يرد لها يوسف بل قيل أنها دعت الله أن يرد لها جمالها وشبابها ومالها وإستجاب الله لها وأرسل ليوسف جبريل يأذن له في الزواج منها بعد أن رد إليها جمالها ونضارتها وعادت لسن شبابها بدعوتها أو بدعوة نبي الله يوسف عليه السلام لها .