نسائم الإيمان ونبذه عن حياة حمزه بن عبد المطلب
بقلم / محمـــــد الدكـــــرورى
حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير بن العوام، وأمه هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشية ، وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
وهو عم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، وأخوه من الرضاعة، وأرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب ، فقد أرضعت حمزة بن عبد المطلب ، ثم محمدا ، ثم أبا سلمة عبد الله المخزومي القرشي، فكانوا جميعا إخوة من الرضاعة .
وكان حمزة أسن من رسولِ محمد صلى الله عليه وسلم ، بسنتين وكنيته أبو عمارة و أبو يعلى، ولقبه سيد الشهداء، وأسد الله، وأسد رسوله ، وولد في مكة قبل عام الفيل بسنتين.
وعُرِف بلقب أسد الله ، واشتهر به،وقال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ، ” سيد الشهداء، حمزة بن عبدِ المطلبِ ” ولقب كذلك بسيد الشهداء ، وكان له العديد من الأولاد، منهم: يعلى وعامر من زوجته بنت الملة بن مالك بن عبادة، وعُمارة من زوجته خولة الأنصارية، ورزق من البنات بأمامة من زوجته سلمى بنت عميس أخت أسماء الخثعمية
وقد ولد حمزه رضى الله عنه في مكة المكرمة ، فنشأ رضي الله عنه وتربى بين قومه بني هاشم سادة قريش ومكة معززا مكرما، وكان موصوفا بالشجاعة والقوة والبأس حتى عُرف أنه أعز فتى في قريش وأشدهم شكيمة .
وكان يشارك في الحياة الاجتماعية مع سادة قومه في أنديتهم ومجتمعاتهم، ويهوى الصيد والقنص وكل أعمال البطولة والفروسية، وشهد وهو ابن اثنين وعشرين عاما حرب الفجار الثانية بين قومه قريش وحلفائهم وبين قيس وحلفائها، وكان النصر لقريش .
وكان تربا لرسول الله وصديقا له ، لذا كانت بذور الإسلام موجودة في نفسه ولكن لم يعلن إسلامه إلا في السنة السادسة من البعثة إثر موقف غيرة وانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان عائدا من الصيد مرة وبلغه أن أبا جهل بن هشام المخزومي لقي النبي صلى الله عليه وسلم عند الكعبة فتعرض له بما يكره وسبّه سباً قبيحاً وآذاه .
فغضب وأقبل على أبي جهل بعد أن طاف بالبيت، وضربه على رأسه بقوسه فشجه شجة منكرة، وقال: أتشتمه وأنا على دينه، أقول ما يقول، فاردد علي إن استطعت ؟ ثم مضى إلى رسول الله في دار الأرقم وأعلن إسلامه، ففرح به الرسول عليه السلام والمسلمون فرحاً كبيرا، وعز جانبهم بإسلامه .
ولما أسلم عمر بن الخطاب بعده بفترة وجيزة، خرج المسلمون من دار أبي الأرقم بقيادة حمزة وعمر الفاروق وهم يكبرون ويهللون جهاراً نهاراً ، وفي السنة السابعة من البعثة شارك حمزة قومه بني هاشم وبني المطلب الحصار الذي فرضته عليهم قريش في شعب أبي طالب وعانوا منه المشقة والعذاب، ولكنهم خرجوا منه في السنة العاشرة وهم أشد قوة وأكثر صلابة .
وكان لإسلام حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه الأثر الشديد على قريش ، إذ ظهر أمر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وانتشرت رسالته بين الناس بشكل أكبر، مما كان سببا في عرض قادات قريش المنصب، والملك، والمال على النبي، فرفض، وتمسك بالدعوة إلى توحيد الله.
ولما أمر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين بالهجرة إلى المدينة، هاجر حمزة مع من هاجر إليها قبيل هجرة النبي الكريم عليه السلام بوقت قصير، ونزل فيها على سعد بن زرارة من بني النجار، وآخى الرسول الكريم عليه السلام بينه وبين زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وبعد مرور سبعة شهور على الهجرة النبوية عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم أول لواء لحمزة بن عبد المطلب، وبعثه في ثلاثين رجلا من المهاجرين لاعتراض عير قريش القادمة من الشام إلى مكة المكرمة بقيادة أبي جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، ولم يحصل بين الطرفين قتال، إذ حجز بينهما مجدي بن عمرو الجهني، وكان حليفا للطرفين .
وكان أول لواء عقده الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، لحمزة بن عبد المطلب، إذ بعثه في سرية إلى سيف البحر من أرض جهينة، وقيل إن أول لواء عقده لعبيدة بن الحارث بن المطلب، وقال ابن إسحاق: فكانت رايةُ عبيدة بن الحارث ، فيما بلغني ، أول راية عقدها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في الإسلام لأحد من المسلمين.
وكان حمزة رضي الله عنه شجاعا في الجاهلية ، وزاده الإسلام شجاعة على ما به من شجاعة ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم هذه الخصلة في عمه رضي الله عنه ، وفي غزوة بدر أبلى بلاءً حسناً منذ بداية المعركة إلى نهايتها ، فلما عسكر المسلمون في بدر وبنوا حوضا يتجمع الماء فيه فيشربون منه و لا يشرب المشركون .
فغاظ ذلك المشركون ومنهم الأسود بن عبد الأسد المخزومي وكان رجلا شرسا سيء الخلق فخرج من صف المشركين فقال : أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهد منه أو لأموتن دونه، فخرج إليه حمزة بن عبدالمطلب فلما التقيا ضربه حمزة ضربة قطعت ساقه وهو من دون الحوض فوقع على ظهره تشخب رجله دماً ، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه فاتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض .
وفي غزوة بدر أيضا خرج ثلاثة من أبطال المشركين هم شيبة بن ربيعة وأخوه عتبة والوليد بن عتبة يطلبون المبارزة فخرج لهم ثلاثة من الأنصار فسألوهم من أنتم ؟ قالوا رهط من الأنصار فقالوا: لا حاجة لنا بكم، يا محمد، أخرج لنا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا عبيدة بن الحارث .
وقم يا حمزة وقم يا علي ، فلما قاموا و دنوا منهم ، قالوا : من أنتم ؟ قال عبيدة : أنا عبيدة وقال حمزة : حمزة، وقال علي: علي ، قالوا نعم ، اكفاء كرام ، فبارز حمزة شيبة بن ربيعة فقتله خمزه ، وبارز علي الوليد بن عتبة فقتله على ، وتبادل عتبة وعبيدة ضربتين كل منهما جرح صاحبه ، فكر حمزة وعلي على عتبة بن ربيعة فأجهزا عليه واحتملا صاحبهما إلى المعسكر .
وقد كان لهذه النتيجة أثر على الفريقين ، فقد رفعت معنويات المسلمين و انهارت بها معنويات المشركين و هم يرون ثلاثة من أصحابهم يصرعون على أيدي المسلمين وقد كان حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه يعلم في الحرب بريشة نعامة ، وقاتل يوم بدر بين يدي رسول الله بسيفين .
وقال بعض الأسرى من الرجل المعلم بريشة نعامة؟ قالوا :حمزة، قال: ذاك فعل بنا الأفاعيل ، وعادت فلول قريش من بدر إلى مكة تتعثر في هزيمتها وخيبتها، ورجع أبو سفيان مخلوع القلب، مطأطئ الرأس. وقد خلّف على أرض المعركة جثث سادة قريش .
وجاءت غزوة أحد حيث خرجت قريش على بكرة أبيها، ومعها حلفاؤها من قبائل العرب، وبقيادة أبي سفيان مرة أخرى ، وكان زعماء قريش يهدفون بمعركتهم الجديدة هذه إلى رجلين اثنين هما: الرسول صلى الله عليه وسلم، وحمزة رضي الله عنه وأرضاه ، وقد جاهد حمزة رضى الله عنه مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .
وكان يقاتل بسيفين يوم غزوة أحد، وقد قَتل رضي الله عنه أكثر من ثلاثين مشركا في المعركة، وكان محط أنظار المشركين، ومؤامراتهم في أرض غزوة أُحد ، حيث أغرى جبير بن مطعم عبدا له يقال له الوحشى بالتصيد لحمزة، وقَتله، وجعل حريته مقابل ذلك
ولقد اختاروا قبل الخروج، الرجل الذي وكلوا إليه أمر حمزة، وهو عبد حبشي، كان ذا مهارة خارقة في قذف الحربة ، وجعلوا كل دوره في المعركة أن يتصيّد حمزة ويصوب إليه ضربة قاتلة من رمحه .
ونهاه عن الانشغال بأي شيء آخر في المعركة، وزادت هند بن عتبة التي فقدت أباها، وعمها، وابنها، وأخاها من تحريضه على قتل حمزة ، انتقاما منه، وأغرته كذلك بالمال، والأشياء الثمينة، وقد استشهد حمزه رضي الله عنه ، على يد الحبشي وحشى ، في هذه المعركة .
ووقف عليه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد مُثّل به، فجعل ينظر إليه منظرا، لم يكن أوجع لقلب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، منه، ودفن حمزة رضى الله عنه وعبد الله بن جحش رضي الله عنهما، ودفنهما النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، في قبر واحد.