نسائم الإيمان ووقفه فى حياة أسماء بنت النعمان
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
أسماء بنت النعمان بن الحارث بن شراحيل وقيل بنت النعمان بن الأسود بن الحارث بن شراحيل الكندية، وقال أبو عمرأجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد تزوجها واختلفوا في قصة فراقها إلى أن قال قتادة هي أسماء بنت النعمان من بني الحارث لما أدخلت عليه دعاها فقالت تعالى أنت وأبت أن تجئ، وقال قتادة وقيل إنها قالت له أعوذ بالله منك فقال قد عذت بمعاذ وقد أعاذك الله مني فطلقها، ولكن هذا باطل وقيل إنما قالت هذا امرأة أخرى من بني سليم، وقال قتادة وهذا باطل إنما قال هذا لامرأة جميلة تزوجها من بني سليم فخاف نساؤه أن تغلبهن على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
فقلن لها إنه يعجبه أن تقولي له أعوذ بالله منك فقالت لما دخلت عليه أعوذ بالله منك قال قد عذت بمعاذ وقال أبو عبيدة كلتاهما عاذتا بالله منه، وقال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ونكح رسول الله صلى الله عليه وسلم، امرأة من كندة وهي الشقية التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردها إلى قومها وأن يفارقها ففعل وردها مع رجل من الأنصار يقال له أبو أسيد الساعدي، وقال آخرون كانت أسماء بنت النعمان الكندية من أجمل النساء فخاف نساؤه أن تغلبهن عليه فقلن لها إنه يحب إذا دنا منك أن تقولي له أعوذ بالله منك فلما دنا منها قالت إني أعوذ بالله منك فقال قد عذت بمعاذ.
فطلقها النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، ثم سرحها إلى قومها وكانت تسمي نفسها الشقية، وقال الجرجاني النسابة صاحب كتاب الموفق أسماء بنت النعمان الكندية هي التي قالت لها نساء النبي إن أردت أن تحظي عنده فتعوذي بالله منه فلما دخل عليها قالت أعوذ بالله منك فصرف وجهه عنها وقال الحقي بأهلك فخلف عليها المهاجر بن أبي أمية المخزومي ثم خلف عليها قيس بن مكشوح المرادي، وقال آخرون التي تعوذت بالله من النبي هي من سبي بني العنبر يوم ذات الشقوق وكانت جميلة وأراد النبي أن يتخذها فقالت له هذا، وقال آخرون بل كان بأسماء وضح كوضح العامرية ففعل بها مثل ما فعل بالعامرية
وذكر ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال وفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخت بني الجون من أجل بياض كان بها، قال أبو عمر الاختلاف في الكندية كثير جدا منهم من يقول هي أسماء بنت النعمان ومنهم من يقول هي أميمة بنت النعمان ومنهم من يقول أمامة بنت النعمان واختلافهم في سبب فراقها على ما رأيت والاضطراب فيها وفي صواحبها اللواتي لم يجتمع عليهن من أزواجه اضطراب عظيم وقيل أنه قدم النعمان بن أبي الجَون الكندي، وكان ينزل وبني أبيه نجدًا مما يلي الشَّربـَّة، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلما فقال: يا رسول الله ألا أُزوجك أَجمل أَيِّم في العرب كانت تحت ابن عم لها
فتوفي عنها فتأيمت وقد رغبت فيك وحطّت إليك؟ فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، على اثنتي عشرة أوقيّة ونشّ، فقال: يا رسول الله لا تقصر بها في المهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ما أَصدَقْت أَحدا من نسائي فوق هذا ولا أصدق أحدا من بناتي فوق هذا” فقال النعمان: ففيك الأسى، قال: فابعث يا رسول الله إلى أهلك من يحملهم إليك فأنا خارج مع رسولك فمرسل أهلك معه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أبا أسيد الساعدي، فلمّا قدما عليها، جلست في بيتها، وأذنت له أن يدخل، فقال أبو أُسيد: إن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَراهُن أحد من الرجال.
فقال أبو أسيد: وذلك بعد أن نزل الحجاب، فأرسلت إليه فيسّرني لأمري، قال: حجاب بينك وبين من تكلمين من الرجال إلا ذا محرم منك، ففعلت، وقال أبو أسيد: فأقمت ثلاثة أيام ثم تحمّلت معي على جملٍ ظعينة في محفّة، فأقبلت بها حتى قدمت المدينة فأنزلتُها في بَني سَاعدة، فدخل عليها نساء الحيّ فرحّبن بها وسهّلن، وخَرجن من عندها فذكرن من جمالها، وشاع بالمدينة قدومها، قال أبو أسيد ووجّهت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في بني عمرو بن عوف فأخبرته، ودخل عليها داخل من النساء فَدَأَين لها لما بلغهنّ من جمالها وكانت من أجمل النساء.
فقالت: إنّك من الملوك فإن كنت تريدين أن تحظي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك فاستعيذي منه فإنك تحظين عنده ويرغب فيك، وقيل عن أبي أُسيد الساعدي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الجونيّة فحملتها، وكانوا يكونون بناحية نجد، حتى نزلت بها في أطم بني ساعدة ثمّ جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على رجليه حتى جاءها فأقعى على ركبتيه ثمّ أهوى إليها ليقبّلها، وكذلك كان يصنع إذا اجتلى النساء، فقالت: أعوذ بالله منك، فانحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها.
وقال لها: “لقد استعذت معاذا” ووثب عنها وأمرني فرددتها إلى قومها، ويذكر بعض أهل العلم أن سبب استعاذتها من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ما غرها به بعض أزواجه صلى الله عليه وسلم ، حيث أوهموها أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب هذه الكلمة ، فقالتها رغبة في التقرب إليه ، وهي لا تدري أن النبي صلى الله عليه وسلم سيعيذها من نفسه بالفراق إن سمعها منه، وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: الجونيّة استعاذت من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقيل لها هو أحظى لك عنده، ولم تستعذ منه امرأة غيرها وإنّما خدعت لما رُئِي من جمالها وهيئتها.
ولقد ذكر لرسول الله مَن حَملها على ما قالت لرسول الله فقال رسول الله: “إنّهن صواحب يوسف وكيدهن عظيم” وعن بن أبي عون قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكندية في شهر ربيع الأول سنة تسع من الهجرة، وقيل أن الوليد بن عبد الملك كتب إليه يسأله هل تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أخت الأشعث بن قيس قتيلة فقال ما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ولا تزوج كندية إلا أخت بني الجون فملكها فلما أتي بها وقدمت المدينة نظر إليها فطلقها ولم يبن بها، وعن بن عباس قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان وكانت من أجمل أهل زمانها.
قال فلما جعل رسول الله يتزوج الغرائب قال عائشة قد وضع يده في الغرائب يوشكن أن يصرفن وجهه عنا وكان خطبها حين وفدت كندة عليه إلى أبيها فلما رآها نساء النبي صلى الله عليه وسلم حسدنها فقلن لها إن أردت أن تحظي عنده فتعوذي بالله منه إذا دخل عليك فلما دخل وألقى الستر مد يده إليها فقالت أعوذ بالله منك فقال أمن عائذ الله الحقي بأهلك، وعن حمزة بن أبي أسيد الساعدي عن أبيه وكان بدريا قال تزوج رسول الله أسماء بنت النعمان الجونية فأرسلني فجئت بها فقالت حفصة لعائشة أو عائشة لحفصة اخضبيها أنت وأنا أمشطها ففعلن، ثم قالت لها إحداهما لها.
إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول أعوذ بالله منك فلما دخلت عليه وأغلق الباب وأرخى الستر مد يده إليها فقالت أعوذ بالله منك فتال بكمه على وجهه فاستتر به وقال عذت معاذا ثلاث مرات قال أبو أسيد ثم خرج علي فقال يا أبا أسيد ألحقها بأهلها ومتعها برازقيتين يعني كرباستين فكانت تقول دعوني الشقية وعن بن عباس قال خلف على أسماء بنت النعمان المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة فأراد عمر أن يعاقبهما فقالت والله ما ضرب علي الحجاب ولا سميت أم المؤمنين فكف عنها قال محمد بن عمر وقد سمعت من يقول تزوجها عكرمة بن أبي جهل في الردة ولم يكن وقع عليها حجاب رسول الله وليس ذلك بثبت.