نسائم الإيمان ومع حبيبه بنت رمله بنت أبى سفيان
إعداد / محمــــد الدكـــرورى
السيده الصحابيه حبيبة بنت أم حبيبة بنت أبي سفيان، وأمها أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان زوج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبها كانت تُكنى، وقد هاجرت مع أبيها إلى أرض الحبشة فتنصَّر أبوها هنالك، ومات نصرانيا، وقدمت مع أمها على رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، المدينة المنوره، فهي حبيبة بنت عبد الله بن جحش وقيل عبيد الله بن حجش، وهو عبد الله بن جحش المتوفي سنة ثلاثه من الهجره، وهو صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، ومن المهاجرين، وهو ابن عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد هاجر إلى الحبشة ثم إلى يثرب، وشارك في غزوة بدر، وقُتل في غزوة أحد، وقد أسلم عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر الأسدي مع أخويه عبيد الله وأبي أحمد.
وكان ذلك قبل أن يدخل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، دار الأرقم ليدعو فيها، وهو ابن أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأبوه كان حليفا لحرب بن أمية، فهم بذلك حلفاء بني عبد شمس بن عبد مناف، وقد هاجر عبد الله مع أخويه عبيد الله وأبي أحمد إلى الحبشة، فتنصّر أخوه عبيد الله، وعاد هو إلى مكة، ثم هاجر مع أخوه أبي أحمد وعكاشة بن محصن، وغيرهم الكثير، فنزلوا جميعا على مبشر بن عبد المنذر، وقد آخى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بينه وبين عاصم بن ثابت، وقد بعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن جحش على رأس سرية من المهاجرين إلى نخلة، وكتب له كتابا.
وقال له: ” إذا سرت يومين، فإنشره فإنظر فيه، ثم إمض لأمري الذي أمرتك به ” وقد شارك عبد الله بن جحش مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في غزوة بدر، وكان ممن استشارهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في أمر الأسرى، وقد دعا عبد الله بن جحش قبل غزوة أحد فقال: ” اللهم أقسم عليك أن ألقى العدو غدا فيقتلونى، ثم يبقروا بطنى، ويجدعوا أنفى، أو أذنى أو جميعا، ثم تسألنى فيما ذلك؟ فأقول فيك ” وفي اليوم التالي قُتل عبد الله بن جحش، قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي، ومُثِّل بجثته، ودُفن مع خاله حمزة بن عبد المطلب في قبر واحد، وكان عُمره يوم قتل بضع وأربعين سنة، وقيل عنه أنه كان رجلا ليس بالطويل ولا القصير، كثير الشعر.
وبعد وفاته كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وصيًا على ماله، فاشترى لابن عبد الله أرضا بخيبر، وكانت السيده حبيبه والدتها هى أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، الأموية القرشية الكنانية، وهى صحابية من المهاجرين والسابقين الأولين وزوجة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان من إخوانها الصحابي يزيد بن أبي سفيان، والصحابي والخليفة معاوية بن أبي سفيان، وهى رمله بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقد اختلف في اسمها فقيل هي رملة وقيل هند.
وأم المؤمنين السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان من بنات عمِّ رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أقرب نسائه إليه، وكانت قد تزوجت عبيد الله بن جحش وهاجر بها مع من هاجر إلى الحبشة وقيل إنها أنجبت ابنتها حبيبة بمكة قبل الهجرة، غير أنه ارتد عن الإسلام، ثم مات بعد ذلك، فطلبها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي في الحبشة، سنة سته من الهجره، وكانت أكثر نسائه صلى الله عليه وسلم صداقا، حيث أصدقها عنه النجاشي ملك الحبشة أربعمائة دينار وجهّزها وأقام وليمة كبيرة لأجل هذا الأمر، وكانت قد بلغت في هذا الوقت بضعا وثلاثين سنة، وعن السيدة عائشة قالت: “دعتني أم حبيبة عند موتها، فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك.
فقلت: غفر الله لك ذلك كله وحللك من ذلك، فقالت: سررتني سرك الله، وأرسلت إلى أم سلمة، فقالت لها مثل ذلك”، فكان ذلك دليلًا على سموِّ نفسها، وعظمة قدرها، فرضي الله عنها وأرضاها، وكانت السيده حبيبه جدتها لأمها هى السيده صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وصفية هي عمة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وكانت السيده رمله أم حبيبه عمتها هي السيده أم جميل أروى بنت حرب التي ذكرت في القرآن الكريم بوصف حمالة الحطب، وقيل عن السيده أم حبيبه أنه قد أرسل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
إلى النجاشي يخطبها، فأوكلت عنها خالد بن سعيد بن العاص وأصدقها النجاشي أربعائة دينار وأولم لها وليمة فاخرة وجهزها وأرسلها إلى المدينة مع شرحبيل بن حسنة، وقد تزوجت الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، سنة سبعه من الهجره، وكان عمرها يومئذٍ سته وثلاثين سنة، وقد أقامت مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبقية أمهات المؤمنين ومعها ابنتها حبيبة ربيبة رسول الله والتي تزوجها فيما بعد داود بن عروة بن مسعود الثقفي، وقيل أنه فى السنه الثامنه من الهجره، وقبل فتح مكة قدم أبو سفيان المدينة ليكلم النبي طالبًا في أن يزيد في هدنة الحديبية، ولما دخل على ابنته أم حبيبة حجرتها أسرعت وطوت بساطًا لديها مانعةً والدها من الجلوس عليه كونه فراش النبي.
وقالت لوالدها: ” هو فراش رسول الله وأنت امرؤ نجس مشرك ” رغم أن أباها فرح عند زواجها بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إذ قال: ذاك الفحل، لا يجدع أنفه، والسيده حبيبه بنت أم حبيبه قد تزوجها فيما بعد داود بن عروة بن مسعود الثقفي، وعروة بن مسعود الثقفي هو صحابي مشهور، وزعيم ثقيف في زمانه وهو أحد وجوه العرب، وله الكثير من المآثر والأخبار، وهو عظيم القريتين على ما ذُكر لدى المفسرين وأبوه مسعود بن معتب سيد بني ثقيف في حرب الفجار ضد كنانة ، وهو عروة بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن، والثقفي، أبو مسعود، وقيل: أبو يعفور، وكانت أمه هى سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف القرشية.
وقيل أنه يجتمع هو والمغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود في مسعود، وهو جد أم الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد ولد في الطائف في بيت عز وشرف، فأبوه مسعود بن معتب كان زعيم ثقيف وقيس عيلان في حرب الفجار أمام قريش وكنانة، وقد حضر تلك الحروب هو وإخوتة الأسود ونويرة ووحية وهم يومئذ غلمان، فكانوا في يوم عكاظ، وهى إحدى أيام حرب الفجار، يجيرون قومهم ويدخلونهم خباء أمهم سبيعة بنت عبد شمس وهي أمرتهم بذيلك ليسودوا، وبذلك تحققت لة السيادة والشرف من الصغر فأصبح مقدماً لدى قومة وأحد وجية العرب وأشرافها.