17 مارس العيد الوطني لـحي الجمرك
17 مارس العيد الوطني لـحي الجمرك
الإسكندرية_محمد يحيي الدمرداش
وافق الدكتور محمد سلطان، محافظ الإسكندرية، على إقتراح اللواء محمد عقل، رئيس حي الجمرك، بوضع يوم تاريخي مميز ليصبح عيدًا وطنيًا لحي الجمرك بالإسكندرية، وذلك لغرس روح الإنتماء والوطنية لدى الشباب، ووضع تضحيات الأجيال السابقة نصب أعينهم.
وقال اللواء محمد عقل، إنه قام بالبحث مع أساتذة التاريخ بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، عن يوم تاريخي يتميز به الحي أو منطقة “بحري”، وتم الاستقرار على يوم 17 مارس ليصبح عيدًا وطنيًا لحي الجمرك، لما له من ذكرى تضيحة ومقاومة الإحتلال البريطاني عام 1919م.
فقد عانت مصر بعد الحرب العالمية الأولى، ولاسيما الإسكندرية التي كانت تتمتع بمركز حربي ممتاز، حيث كانت قاعدة مهمة للأسطول البريطاني وللعمليات الحربية في مصر، ومن ثم كانت قبضة سلطات الإحتلال على أهلها شديدة، فانتهكت حرماتهم، وآهدرت آدميتهم، وسخروا لخدمة الأغراض الحربية الإنجليزية في حرب لا ناقة بهم ولا جمل.
وعندما وضعت الحرب أوزارها، وطالب سعد زغلول وزملاؤه بإلغاء الأحكام العرفية والاعتراف بحق مصر في الاستقلال، والسماح له ولبعض رفاقه بالسفر إلى فرنسا لعرض قضية استقلال مصر على مؤتمر الصلح، ورفضت بريطانيا هذه المطالب، وتطورت الأمور في مصر سراعًا حيث تم القبض على سعد زغلول وبعض زملاؤه ونفيهم إلى جزيرة مالطا، فتعالت صيحات الاحتجاج من كل جانب، وقامت المظاهرات في أنحاء البلاد للتعبير عن سخطها لهذا الإجراء التعسفي.
وشهد شهر مارس عام 1919 ذروة النضال الوطني في كل المدن المصرية ضد الاحتلال الإنجليزي، ففي محافظة الإسكندرية كان ميدان مسجد المرسي أبو العباس قاعدة للمتظاهرين، وكانت المظاهرات تنطلق ناحية مبنى المحافظة القديم في شارع رأس التين، وقد بدأت هذه المظاهرات العنيفة عندما أتفق طلاب المدارس والمعاهد الدينية على الإضراب يوم الأربعاء 12 مارس، وبدأت المظاهرة في التحرك من ميدان مسجد المرسي أبو العباس إلا أن حكمدار الإسكندرية الأميرالي “جارفزبك” والمستر “انجرام” مأمور الضبط قد أمروا مأمور قسم الجمرك بتفريق المظاهرة تنفيذًا للأمر العسكري الصادر بمنع الاجتماعات والمظاهرات، ولكن المتظاهرين لم يتفرقوا وساروا متجهين إلى ميدان محمد علي فأوقفتهم قوة من بلوك الخفر وتفرق المتظاهرون، وتم القبض على خمسين شخص وتم احتجازهم في أقسام المدينة، وتجددت المظاهرات يوم الجمعة 14 مارس ثم يومي السبت والأحد، وشارك في المظاهرات الطلاب والتجار والصناع وعمال السكة الحديدية والفنارات والأحواض وورش الحكومة.
ويوم الاثنين 17 مارس تجمعت مظاهرة كبرى من طلبة المدارس الثانوية ومدرسة محمد علي الصناعية والمعاهد الدينية والعمال، وكانت القوات الإنجليزية منتشرة في الشوارع استعدادًا للتصدي للمتظاهرين، وبدأت المظاهرة من ميدان أبي العباس وساروا إلى الأنفوشي، ولكن جنود الإنجليز منعوا المتظاهرين من السير وأصر المتظاهرون على التحرك فاطلق الجنود الإنجليز النار فسقط من المتظاهرين ستة عشر قتيلًا، وأربعة وعشرين جريحًا ونقل الجميع إلى الإسعاف بحالة مروعة.
وقد أحدث تدخل القوات ابريطانية استياءً شديدًا لأهل الإسكندرية فتجددت الإضرابات في مختلف أنحاء المدينة واعتصم سكان رأس التين داخل حيهم بعد أن أقاموا المتاريس في كل الشوارع المؤدية إليه كما قاموا بحفرها لعرقلة سير سيارات الشرطة والجيش البريطاني.
ومما سبق ذكره يتضح كيف أشتعلت مظاهرات يوم 17 مارس 1919 في حي الجمرك، ودماء الشهداء التي سقطت، مسلمين ومسيحين، في نفوس أهل الإسكندرية فانطلقت المظاهرات الكبرى من ميدان أبي العباس منذ هذا اليوم عادة كل يوم عقب الصلاة، وتعالت صيحات الاحتجاج مطالبة بسقوط الاحتلال واستقلال مصر.
وأضاف رئيس حي الجمرك، إنه سيتم عمل نصب تذكاري بمنطقة قلعة قايتباي أمام نقطة الأنفوشي، وعليه جدارية تحكي ذكرى التاريخ للأجيال الجديدة، ونصب آخر مصغر في بهو الحي، وأكد على أن هذا العمل سيكون بالجهود الذاتية من حي الجمرك والمجتمع المدن