حلم فى منتصف الليل(5)
حلم فى منتصف الليل(5)
بقلم/ محمد ريحان
أرسل أمين الشرطة (سامي)بصره وهو يصارع الأمواج والدوامات المائية فى هذه المنطقة من نهر النيل -إلى أى قارب أو سفينة نيلية أو أى أحد يساعده فى النجاة من هذا الغرق الذى يحوم حوله خاصة فى هذا الوقت المتأخر من الليل ،ولكنه لم يجد شيئا وكأن النيل ابتلعها جميعا كما يحاول ابتلاعه الآن فى هذه الليلة المثيرة .
نظر إلى السماء– فى إحدى نوبات غوصه وطفوه فى مياه النيل- ،وكأنه يستعطفها أن تمد له يد العون ،وتنقذه من هذه المحنة التى أوقع نفسه فيها ….هو لم يكن يرجو إلا الخير وإرضاء ربه فى عمله الشاق هذا ،ومطاردته لهذا الشخص –الذى بدا وكأنه شبح– كانت لبحث ما وراءه من مصائب قد يتمخض عنها جريمة ينتج عنها ضحايا أبرياء ….تذكر أهله وأسرته الصغيرة ،ومروا أمام عينه فى هذه اللحظات الصعبة …تذكر والدته الطيبة ودعاءها المتكرر له عندما يخرج لعمله ((ربنا يجبر بخاطرك يا بنى ويوسع رزقك …وترجع لنا مجبور الخاطر…خد بالك من نفسك يا سامى ..وأوعى يا ابنى تمد إيدك للحرام مهما حصل))
ثم تذكر زوجته عزيزة وخوفها عليه وأولادهما معاذ ذو الثمانية أعوام والذى كان يزعجه أثناء نومه بالكرة التى لا تفارق قدميه والتى لا يحلو له لعبها إلا فى الشقة ،وابنته (هنا) التى لم يتجاوز عمرها السادسة والتى لا تهدأ حتى يحملها بين ذراعيه ويقبلها ويعطيها باكو الشيكولاته التى تحبه كل يوم عند عودته صباح كل يوم من نوبتجيته الليلية.
مر كل هذا أمام عينيه وكأنه شريط فيلم سينمائى تتتابع مشاهده وتتوالى أحداثه فى لحظات ما قبل الموت .قال سامى لنفسه وهو يصارع الأمواج والدوامات المائية ،والتى تجذبه بعنف لأسفل تمهيدا للإجهاز عليه حتى تمام موته وغرقه((آه يا دنيا …بقى كده … أخرة الجرى والتعب والشقا هموت بعيد عن بيتى وأهلى ….بس أنا هكون شهيد وهطلع فوق عند ربنا وهو راضي وفرحان بيا ….ربنا قال كده فى قرآنه: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)