العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

ما هي العُنُوسة (Spinsterhood) ؟

0

 العُنُوسة (Spinsterhood)

بقلم/ طارق رضوان

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴿سورة النساء » الآية ١﴾

الله هو الخالق، هو الصانع، هو العالم بضعف نفوسنا فيوصينا أن يرفق بعضنا ببعض.
الزواج حلم يُداعب خيال كل فتاة. ولكنه بسبب ظروف حياتية مختلفة وعادات وموروثات عقيمة بدا أن يتلاشى ويتوارى. المرأة الركن الركين والأساس المتين فى البناء الأُسرى تذوق صنوف العذاب والحرمان من غريزة الأمومة التى أودعها الله فيها. تنال قسطاً عظيماً من تنمر المجتمع أو سخريته منها لأنها لم يصبه الحظ وتجد شريكاً لرحلة حياتها. فيجود المجتمع عليها بلقب “عانس”. فما أقساه من مجتمع. وهنا يحضرنى قول الأستاذ أحمد خالد توفيق: ” لماذا كان قياصرة روما وعامة الشعب يحبون رؤية العبيد وهم يقطعون بعضهم بعضاً ؟ لماذا لم يمنح الفقر الفقراء بعض الرحمة ؟ على قدر علمي فإن مزاج الأباطرة يختلف تماماً عن مزاج العامة .. فلماذا اتفق المزاجان على شيء واحد , القسوة ؟” فنحن لا نجتمع إلا على كارثة أو أمر فاضح. فإذا أردت أن يقرأ الناس لك فاكتب “فضايح”. صار هذا حال الكثير منا إلا من رحم ربى. إلى متى سنعيش مثل النعامنخفى حقيقتنا ونهرب من واجهة عيوبنا؟!

المحتويات

1- ما هى العنوسة؟
2- صدع العنوسة فى كيان الوطن العربى
3- رَأْيٌ الأدباء فى العنوسة كظاهرة مهددة للمحتمع.
4- محتمع مفكك نفسياً وقنبلة موقوته
5- الشاعرة ضحى جبر
6- ما أسباب العنوسة؟
7- ما هو الحل ؟ وما الحل البديل ؟
8- دور الأدب فى معالجة ظاهرة العنوسة
9- الخاتمة
10- المصادر
العنوسة:
العنوسة في اللغة هي الصخرة في الماء التي تسبب الركود، ويقال: عنس الرجل : كبر ولم يتزوج، ويطلق على الرجل عانس إذا شب وأدرك سن الزواج ولم يتزوج، وعنست المرأة فهي عانس، إذا كبرت وعجزت في بيت أبويها.وفي اللسان:عنست البنت البكر ؛ أي طال مكثها في بيت أهلها بعد إدراكها ولم تتزوج فهي عانس، والرجل أسن ولم يتزوج فهو أيضا عانس. يختلف عمر العنوسة من بلد لآخر.
صدع العنوسة فى كيان الوطن العربى
العديد من المراكز البحثية في الوطن العربي أجرت دراسات وأصدرت إحصائيات بأرقام مقلقة بالفعل لهذه الظاهرة، وأحدث تلك البيانات ما أصدرته مؤسسة بشر (الشرق الأوسط لتنمية المجتمع) بالتعاون مع مركز أبحاث ميسود اند سليوشن للدراسات والأبحاث حيث كشفت عن أن نسبة العنوسة في مصر وسوريا تشكل 50 %، أما في السعودية فتبلغ النسبة 5 %، وفي قطر تبلغ نسبة العنوسة 15 في المئة، الكويت 18%، الإمارات 60 %، المغرب 60 %، الجزائر 38 % العراق 85 %، لبنان 91 % (وهي أكبر دولة عربية من ناحية نسبة العنوسة)، تونس 81% .
رَأْيٌ الأدباء فى ظاهرة العنوسة
يقول الأستاذ أحمد خالد توفيق :” “تضايقني في الأقلام العربية السخرية المبتذلة من العوانس والبدينين ، يظهرون العانس امرأة تعوي طول اليوم من أجل الرجال ، والبدين خنزير لا يكف عن الأكل ، مشاعر المرأة مقدسة لا يجب أن تعرض بهذه الفجاجة ، وليتهم جربوا عذاب البدين العاجز عن فقدان الوزن لحظة ، الباقي أن يسخروا من واحد محروق أو مبتور القدم. ”

مجتمع مفكك نفسياً وقنبلة موقوته

ويتطرق حديثنا غلى ظاهرة لا تقل خطورة عن العنوسة وهى ظاهرة تفكك المجتمع العربى نفسياً وعاطفياً بشكل مخيف…بمعنى ساهمت شبكات التواصل الإجتماعى فى التقارب بين الناس، وكان لهذا عظيم الأثر فى تفكك شمل الأسرة، وصار كلاً منا شخص منعزل رغم أننا نعيش تحت سقف واحد. فالجميع مشغول بهاتفه او على الكمبيوتر يتصفح شبكات التواصل الإجتماعى..فما العيب فى ذلك؟ للأسف الشديد البعض من الناس يعتقدون أنهم مساكين وعليهم أن يتخلصوا من قمة الظلم الواقع عليهم، صار الناس غير راضيين عن شريك حياتهم . واصبحت

مُشكلة المرأة أنها لا تُقابل الرجال المُناسبين إلا بعدما يكونون قد تزوجوا من إمرأة غير مناسبة. وصارت مشكلة الرجال أنهم لا يجدون المرأة المناسبة إلا بعدما يَكُنَ قَد أنجبنَ ، هُنا تَبرز المُشكلة. فنحن نحيا بين قنابل موقوته تهدد بيوتنا واستقرارنا. كنت أتمنى أن يكون هناك شبكات تواصل توازى وتعادل وتصحح ما أفسدته هذه الشبكات العنكبوتية التى عششت بمنازلنا وعقولنا صغاراً وكباراً. كنت أتمنى أن يكون لنا ومن بيننا إعلام موازى صادق.

الشاعرة ضحى جبر

تقول الشاعرة المصرية ضحى جبر:
أنا البنت اللى فى حالها وعيون الناس مبترحمهاش / وأنا اللى جامدة فى مشاعرى وبين نفسى بدوب إحساس/ وإيه يعنى فى وسط التوهه والزحمه بلاقى عيال تقولى يا طنط/ وايه يعنى الاقى العمر بيعدى وانا بجرى مبلحقهوش/ وايه يعنى اشوف حلمى ولا اطولهوش/ وايه يعنى تشوفنى الناس مش حلوه …وبردو فيا بيعاكسو
بشعرى ولا بحجابى ومهما البس….يشوفوا جسمى يتهامسوا / وايه يعنى الاقى الضحك جوايا مبيضحكش/ حاجات كتير بتتغير ومبترجعكش/ ملامحى ولبسى وكلامى… صحابى وأهلى وجيرانى/ بقيت ساكنه فى احزانى بحوش فيها من صغرى/ ما أنا اتعودت أنى أحلم والاقى نفسى جوا كابوس/ ما أنا البنت اللى مهما تشوف بتمشى ع الوجع وتدوس/ منيش خايفه منالدنيا ولا حاسبه اللى راح منها/ أنا اللى كل باتمناه اعيش نفسى تفاصيلها/ أنا البنت اللى مكبوته وعايوه تحب/ وأنا البنت اللى محطوطه فى خانة الكدب / وأنا الحاجه اللى مش حاجه/ وأنا اللى مشاعرى محتاجه تعيش فى أمان/وانا البنت اللى مغصوبه على واحد مبتحبوش/وأنا البنت اللى حبت حد ولكن أهلها مرضوش/ أنا البنت اللى طماعه فى احلامها واخدها الحماس جدا/

ما أسباب العنـــو ســـة؟
ظاهرة العنوسة تعود إلى أسباب منها :
1. البطالة، بحيث لايستطيع الرجل ان يزوج وينفق على اسرته.
2. غلاء المهور، وعدم قدرة الشباب على تحمل تكاليف الزواج.
3. قلة عدد الرجال الراغبين للزواج.
4. غلاء المعيشة وصعوبة توفير سكن.
5. التبرج والسفور وعدم الإهتمام بأمور الدين يجعل الشاب يرغب بها خليلة وليست زوجة. فالشاب يبحث عن كائن جميل يفتخر به أمام الرفاق ، والفتاة تفعل نفس الشيء
6. البطالة، وضعف الاجور التي يتقاضاها الشباب

ولخص أحد الشعراء أسباب العنوسة فى محادثة شعرية طريفة ، اضطررت لكتابتها بهذا الشكل لتقليل حجم المقال، تدور بين شاب يريد أن يتزوج ويعف نفسه وبين أب لا يفقه سوى ثقاليد عقيمة لم يأمر بها أى دين.

أيا عماه… يُشَرِفُني…أمُد يدي…لكي أحظى كريمتكمْ…وأن تُعطُونَنَا وعداً…أتينا الله داعِينا
فإن وافقت يا عماه…دعنا نفصل المهرَ…وخير البرِّ عاجله…ونحن البرَّ راجينا…
فقال الرجل: أيا ولدي…لنا الشرف…فنعم الأهل من رباك…ونعم العلم في يمناك…وإن العلم يغنينا…وأما المهر ياولدي…فلاتسأل…لأنا نشتري رجلاً…وليس المال يعنينا…ولكن هكذا العرف…وإن العرف يا ولداه…يحميكم ويحمينا…فمليون مقدمها…وأربعة مؤخرها…وضع في البنك…للتأمين عشرينا…وبيت باسم ابنتنا…وملبوس على البدن…من الفستان للكفن…و”لامبورجيني”…وان صَعُبَت…فإن “البيجو ” تكفينا…وأما العُرس يا ولدي…ففي “الشيراتون”…فشأنُ صغيرتي شأنٌ…سعادٍ بنت خالتها…وهندٍ بنت عمتها…وشيرينا…
فإن وافقت…قلنا بارك الله…وقال الكلُ…آمينا.

فقلت له:أيا عماه خلِلها… وضعها فوق رف البيت زيتونا…فلو بيديّ ربع المهر…كنت اليوم قارونا…أيا عماه…أنا رجل بسيط في موارده…ودخلي بضع ألاف…وزادي مثلُ كل الناس…فحينا يقدر المولى…وتفرج حالنا حينا…أقول الحمد لله…خالقنا وبارئنا وساترنا وكافينا…أيا عماه…
أنا رجل أحب بكل إحساسي…وقلبي ليس من ذهب…ترى ان كان من ذهب…أكان الحب يأتينا…ترى هل يشعر الأنسان…حين يكون خافقه…من الألماس معجون…اأيا عماه…لماذا صارت الدنيا…طريدَتنا…وقد كانت بأيدينا…لماذا نحن أصنام…وكيف يحاور الأنسان…حين يصير جبصينا…خلقنا نحن من روح ومن طين…نسينا روحنا حتى…غدت في جسمنا طينا…
لماذا في مدينتنا…يعيش المرء للعادات مسجونا…وكيف يفكر الأنسان…حين يكون مسجونا…
تطورنا…وعدنا في تخلفنا…لوقت كانت الأنثى…تباع كأنها عقد…فنخاس ينادي هذه بكر…
وآخر هذه أحلى…وثالث هذه أطول…يعود التاجر الميسور منزله…
وفي يده اشترى امرأة…وفروجاً وليمونا…لماذا صارت الأنثى…تساوم في أنونثتها…فتعطوها…لمن ترضونه مالاً…وقال الله من ترضونه دينا…أيا عماه…عفواً إن تماديت…ولكني عزفت الآن عن طلبي…فلو كان الزواج بعصرنا عقلا…سأمضي العمر مجنونا…
صحيح قبل أن أنسى…سؤال حز في نفسي…سعاد بنت خالتها…وهند بنت عمتها…فماذا عنها شيرينا !!!!؟؟
ما هو الحل ؟ وما الحل البديل ؟
دائمًا ما تُثار مسألة تعدد الزوجات وهذه لا اعتراض عليها فهي منزلة بأحكام إلهية من الله سبحانه وتعالى، إلا أن التعدد يُشترط فيه القدرة والعدل، ومع ذلك، فهو – أي تعدد الزوجات – ليس حلًا جذريًا. ولكن أقترح حلاً بديلاً فلماذا لا يتزوج الرجال والنساء ممن تقدموا فى السن من بعضهم البعض؟ لابد من تنسيق ما لكى يتم هذا بلا حرج للطرفين. وللجكومات والمنابر الدينية والمؤسسات الإجتماعية دور هام ، ولابد من تكاتف لتجاوز مثل هذه الأفات الإجتماعية.
دور الأدب فى معالجة العنوسة كتصدع إجتماعى هائل
هناك أعمال فنية وأدبية كثيرة تعرضت لهذه الظاهرة ومنها فيلم “ابن حميدو، فيلم “أحلام الفتى الطايش”، مسرحية “سك على بناتك”، فيلم “البحث عن فضيحة”:وفيلم “بنتين من مصر” وهو فيلم مصرى تناول مشكلة العنوسة بكل ما تحمله من شجن وألم.
يبدو الفيلم متشائماً وحاداً في نقمته، وينجح من خلال سيناريو يتسلل إلي المشاعر في أن يحول قضية الفتاتين داليا وحنان من قضية طبيبة وموظفة تأخر بهما سن الزواج إلي قضية أوطان افتقد فيها الناس حقوقهم الإنسانية البسيطة. عنوان الفيلم باللغة الإنجليزية Egyptian Maidens أو (عذراوتان من مصر) الأقرب لموضوعه، فالبطلتان يشغلهما مصيرهما، هما عذراوتان ترفضان لأسباب دينية واجتماعية إقامة أي علاقات جنسية خارج نطاق الزواج رغم أن بعض زميلاتهما تفعلان ذلك بمبررات وتحت غطاء الزواج العرفي أو المسيار، وفي نفس الوقت شبح العنوسة يخيم علي حياتهما بعد فشلهما في الارتباط أكثر من مرة.

وأبرز رواية تحدثت عن العنوسة فى الأدب الانجليزى هى رواية الأديبة جاين أوستن بعنوان “كبرياء وهـوى” أو Pride And Prejudice
ففي غضون الثلاث وعشرين سنة التى مضت من زواجهما لم تنجح السيدة بينيت من فهم عقل وشخصية زوجها الغريبة، كانت هي إمرأة بسيطة أسهل منه بكثير فهي محدودة الذكاء وتعرف القليل فى الحياة. وكان الهدف الرئيسى الذى يشغل بالها في حياتها هو أن تُزوج بناتها.
الخاتمة:
تنعى الشاعرة ضحى جبر حظ البنت التى لم تنل حظها من الزواج، والتى يعاقبها المجتمع على ذنب ليس لها يد فيه فتقول: “أنا البنت اللى سابها حبيب وعشمها يوم بجواز/ وأنا البنت اللى متباعه عشان قايمه ودهب وجهاز/ وأنا البنت اللى لما اغلط مبتعلمش/ وأنا اللى مهما كسرونى مبستسلمش ”
المصادر
• لسان العرب ، ابن منظور ، دار المعارف ، 6 / 149 . باختصار .
• • العنوسة والغلاءدراسة في الأحكام الشرعية والقيم الأخلاقية ، محمد عبد اللطيف محمود البنا ، موقع إسلام أون لاين.ص 5.
• • العنوسة وخطرها على المجتمع ، مصطفى محمد أمين ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ،المجلد السابع ، العدد 14/2 ، (1434هـ – 2013م) . العراق .
• • ظاهرة العنوسة في المجتمع المصري دراسة ميدانية، مهدي قصاص ، جامعة المنصورة ، كلية الآداب ، مصر.
• تأخر زواج الفتيات ، عثمان هارون ، دار خالد اللحياني للنشر ، عمان – الأردن ، الطبعة الأولى ، 2017 م ، ص 17

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد