غموض قرار مجلس الأمن، و من يقوم بتمويل السد؟ (الجزء الأول)
غموض قرار مجلس الأمن، و من يقوم بتمويل السد؟ (الجزء الأول)
متابعة/ مدحت مكرم،
مدير عام جريدة العمق نيوز.
و هكذا وكما كان متوقعا، أثبت رهان مصر والسودان على تحرُّك مجلس الأمن لحفظ حقوقهما المائية أنه مقصر ولا طائل أو فائدة منه ولكنه كان خطوة من ضمن الخطوات لظهار للعالم أجمع مدى تعنت أثيوبيا.
في النهاية، انحازت الصين أحد أهم وأكبر المستثمرين في سد النهضة لمصالحها الاقتصادية، في حين رفضت واشنطن وموسكو تلميحات القاهرة باللجوء للعمل العسكري وطالبتا بالعودة إلى التفاوض تحت المظلة الأفريقية عديمة الجدوى. كانت جلسة الأمس بمثابة موت إكلينكي للحلول السياسية، ولم يتبقَ لمصر والسودان بعدها سوى التحرك منفردين لحماية مصالحهما، بعد أن نجحت إثيوبيا في وضع نفسها ومشروعها الطموح في قلب شبكة معقدة من المصالح الدولية، التي لا تعبأ فيما يبدو بالأخطار التي تهدّد الأمن القومي والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لدولتي المصبّ.
“على مَن يريد أن يركب بحر النيل أن تكون لديه أشرعة منسوجة من الصبر”، هكذا كتب الروائي البريطاني الشهير الحائز على جائزة نوبل، وليام غولدنغ، قبل أكثر من ثمانية عقود، ويبدو أن مقولته تلك لا تزال صائبة إلى اليوم، وهي تنطبق بشكل خاص على طموحات إثيوبيا طويلة الأمد للسيطرة على النيل، بواسطة سد ضخم يُبنى فوق موقع مختار بعناية على النيل الأزرق، أهم روافد النهر الكبير.
في ضوء ذلك، لا يبدو مفاجئا أن نُشير إلى أن البدايات الأولى لمشروع سد الألفية، أو سد النهضة الإثيوبي الكبير كما يُعرف الآن، تعود إلى عقود طويلة سالفة، وتحديدا إلى منتصف القرن الماضي بين عامَيْ 1956-1964 حين قام مكتب الولايات المتحدة لاستصلاح الأراضي بإجراء مسح شامل للنيل الأزرق لتحديد أنسب الأماكن لإقامة سد ضخم على النيل الأزرق، وذلك في زمان رئيس الوزراء الإثيوبي أكليلو هابتي ولد، وتحت حكم الإمبراطور هيلا سيلاسي آخر الأباطرة الإثيوبيين، وكان من المخطط آنذاك أن يُمَوَّل السد الكبير بواسطة الولايات المتحدة ومؤسسات التمويل الدولية، ولكن هذه الخطط تعطّلت فجأة إثر انهيار الملكية الإثيوبية بواسطة الانقلاب الذي قاده ضبط الدرج عام 1974، لتسقط إثيوبيا بعد ذلك في حقبة طويلة من الحكم العسكري المدعوم من السوفييت.
و للحديث بقية مادام فى العمر بقية.