حرائق ” جبل علي ” وحدائقها
بقلم – أحمد إبراهيم
لا يوجد هناك جبلٌ اسمه”جبل علي” بمعنى هو جبلٌ لوجستي باستراتيجية تاريخ جبل طارق، أو صخري بشموخ جبال همالايا .. وإنما هو اسمٌ وموقعٌ رآهما الكثير، سمعهما الأكثر.
بل وقرأتهما عدّادات الجمارك والموانئ في الأقاليم والمحيطات قراءات تطبيقية دقيقة من كل الإتجاهات، فشهدت على أنه أكبر ميناءٍ بناه الإنسان على كوكب الأرض.!
جبل علي كانت رؤية استباقية للمرحوم الشيخ راشد بن سعيد المكتوم طيب الله ثراه”حاكم دبي آنذاك” بإرساء قواعده عام1977 بين إمارتى دبي أبوظبي .. وتدشينه للعالم في1979 من دولة الإمارات العربية المتحدة، على انها دولةٌ داخل الدولة، مدينةٌ داخل المدينة، أو بلدٌ في البلد..
وأخيراً نُصبت تلك البوابة المنافسة لجزيرة(هونغ كونغ) في دبي، وما أن أغلقت الجزيرة عائدةً الى الصين، وإذا بالمصانع والشركات العالمية تحمل ملفّاتَها وحقائبَها من شرق آسيا إلى مكاتبها بمنطقة جبل علي الحرة في دبي، وبمعدل إصدار مائة وخمسين إلى مئتين تراخيص صناعية وتجارية وحِرَفية جديدة شهريا في جبل علي بدبي.
قلمي خلاف عادته، وجدتُه هذه المرّة وللمرّة الأولى، يترنّح بين العناوين وينطّ كما تنطّ الأرانب من محطّةٍ إلى محطّة، وكأنّها محطاتُ حرائق عطاشى لخراطيم المياه والإسعافات .. فمن حرائق تونس (الكوروني) إلى حرائق إيثوبيا العدائي(المائي).. ثم ومن حرائق أفغانستان(أمريكيّاً أوصينيّاً)، الى حرائق إغلاق طوكيو الجديد(رياضيّا) والأول من نوعه في تاريخ الأولمبياد.
لكن القلم انزلق من كل هذه المحطّات عندما سمع نبرات بعض الأقلام المأجورة الدخيلة، والأبواق المشبوهةِ المُنصَبّة على منطقة جبل علي في دبي .. فترنّح القلمُ قافلاً راجعاً الى محطّتين قريبتين مكاناً وزماناً، إحداهما قبل ساعاتٍ معدودة، والثانية قبل أيامٍ معدودة.!·
لورجعنا خمسون ساعة للوراء هنا في دبي، كانت الساعة 11:46 من مساء الأربعاء، وحدث دويّاً مصحوبا بألسنة اللهب على ظهر باخرة ترفع علم جزرالقمر راسية على رصيف14 بحمولتها 130 حاوية، وبعض الحاويات تحمل مواد قابلة للإشتعال (لكنها) خالية من اي مواد مشعّة أو أي متفجرات.
هذه الخدشة هى كلٌّ المحتوى، لكنّها أخذت عناوين كلٌّ يغنّي على ليلاه .. فهناك من عَنوَنَها إنفجارٌ هزّ إمارة دبي.! .. وآخرٌ لاح بحجم لوحة حرائق غابات كاليفورنيا، وثالثٌ رجّح صياغة الجمع على صيغة الفرد في تغريداته(حرائق وحرائق).. فلنتوقف على تلك الكلمة ولنتفق معهم (ولوجدلا) على أنها كانت حرائق جمع الحريق.!
والحريق كان قد حصل عدة مرات هنا في الإمارات، وليس السؤال لماذا حصل حريق لكونه تحصيل حاصل للمعيشة بالماء والنار في أى مكان، ولكنّ السؤال هو كيف تم التعامل مع هذا الحريق.؟!
نعم، كان الحريق في بعض الأبراج الشاهقة بالفترات الأخيرة، وكانت الردود الرسمية والشعبية في الإمارات، انها لم تكتف بإطفاء النيران وحسب وإنما، أسرعت الى توفير المعيشة الكريمة على ميزانية الدولة لكل من تضرّر بالحريق ولو جزئياً، أوعانى من الإخلاء ولو ليلة واحدة بإسكانهم في فنادق خمس نجوم.
وتسعفني الذاكرة اجواء بعض الدول(دون ذكرالأسماء) عشتُها، أن الحريق اذا التهم بعض المناطق المأهولة بالسكان، فإنّ تلك المناطق كان يلتهمها على الفور حريقٌ من نوع آخر، إنه حريق غلاء الاسعار واستغلال السماسرة الحرامية الدجّالين (منهم الشرطة المرتشون) لظروف هؤلاء الفقراء المتضررين المحتاجين، بمضاعفة الأسعار في الاحتياجات الطارئة من السكن والماء والكلأ وحتى الإسعافات الأولية وادوات الإطفاء إذ كلها تلتهمها حرائق غلاء الأسعار..!·
لكن لورجعنا أيام للوراء من اليوم9 يوليو2021، الى يوم9 سبتمبر 2020 .. يومذاك كان جبل علي موعد مع السفينة العملاقة(إتش إم إم جدانسك) أكبر سفينة حاويات في العالم لتستقبلها بالمرسى المناسب أثناء رحلة إبحارها الإستعراضي بين أوروبا والشرق الأقصى، وشهدت السفينة العملاقة امام العالم شهادة حق بقيادة (القبطان/هيونجيك تشو) أن جبل علي هو الميناء الوحيد في الإقليم المؤهل لإستقبال السفن العملاقة طولها 400 متر بسعة تحميل 24 ألف حاوية نمطية، إذ انطلقت العملاقة بعد الإنعاش من جبل علي إلى محطاتها بين سنغافورة وبوسان بكوريا الجنوبة في 29 يونيو2020 لتشمل يانتيان، هونغ كونغ، هامبورغ، أنتويرب، وروتردام .. فشهد الدهر يومذاك شرقا وغربا أن ميناء جبل علي هو الميناء الوحيد المطلّ على الخليج العربي، يمكنها إستقبال عشرات سفن الشحن العملاقة في وقت واحد، فضلا عن قدرته الإستيعابية الى 22.4 مليون حاوية نمطية سنويا·
هنا أوجّه سؤالي إلى المغردين بكلمة (حرائق) جبل علي، هل تعرفون أن:
1. (جبل علي) حلقة وصل بين إفريقيا والشرق الأوسط.؟
2. وتعرفون ترتيبها بين الموانئ العالمية.؟
3. وعدد خطوطها الملاحية.؟
4. وعدد الوظائف للفنيين من الكادر البشري محليا وعالميا..؟
5. ونسبة مساهمتها في إجمالي الناتج القومي.؟
فإن أجبتم على هذه الأسئلة بدرايةٍ وأمانة، فانه من المؤكد إن كلمة (الحرائق) في تغريداتكم ستتغير الى (الحدائق..!)