لا تغضب: الوصية النبوية
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تغضب: الوصية النبوية
زمن القراءة: 4 دقائق
لم يأتي أمر أو نهي إلهي ونبوي إلا وله نفع وخير للإنسان وحياته بأكملها، وإذا قرأنا قول الله سبحانه وتعالى في مدح سلوكيات طيبة يحبها الله جل وعلا في سورة آل عمران: “وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. (134)”، مع حديث سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام البخاري: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب، يمكننا أن نخرج بمحتوى غني جدا للعقيدة والفكر والمعاملات.
فإذا ربطنا الآية الكريمة مع الحديث النبوي الشريف مع أحوال وواقع مشاكل عصرية حالية، سنجد أن تحكم الإنسان في إنفعالاته يحفظه على المستوى الشخصي الفردي وكذلك على المستوى الجماعي الذي يتفاعل مع البيئة المحيطة به.
وإذا قلنا أن الوصية النبوية هي: لا تغضب، سيأتي السؤال كيف؟ إذن فلنقرأ قول الله تعالى في التحلي بسلوكيات طيبة مثل كظم الغيظ (أي، كتمه وعدم إنفاذه أو العمل به)، وتوفير مساحة داخلية في النفس للعفو في أمور الحياة اليومية التي تمر بالفرد.
قد يتسائل بعدها سائل: لماذا النهي عن الغضب؟ ولماذا التحلي بكظم الغيظ والعفو عن الناس؟ بنظرة أولية على إنفعال الغضب، سنجد أنه يؤثر على حالة الاستقرار النفسي الداخلية للإنسان، فهو ينقله من حالة الهدوء إلى حالة الإنفعال غير المرغوب. لذلك كان تجنب الغضب عبارة عن تجنب الأثر السلبي على الفكر وعلى التصرفات. إضافة إلى ذلك، فالمطلوب أن يكون ذهن الفرد صافي ونفسه هادئة مستقرة لتكون قناعاته منصفة وموضوعية، لأن القناعات السليمة والحالة الداخلية المستقرة تساعد الإنسان على إتقان عباداته ومهامه وأعماله.
وإذا توسعنا لننظر إلى أثر الغضب على معاملات الفرد مع من حوله، سنجد أن ناتج إنفعال الغضب يمكن أن يكون في كلمة سلبية أو تصرف خاطىء أو قرار غير متزن، لأن خلفية كل ذلك يجب أن تكون قائمة على أساس صلب وراسخ من الفكر السليم والوعي الواضح، وهذا لا يتواجد في حالة الغضب، الأمر الذي قد يحدث اضطراب في العلاقات بين الأفراد، وأحيانا قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة نراها حولنا بسبب عدم التحكم في النفس والإنفعالات.
لذلك فقد أعطانا الله سبحانه وتعالى الإرادة والقدرة على التحكم في الإنفعالات لحفظ أنفسنا ومجتمعاتنا وكل ما نملك من موارد ونعم، فلا يأتي أحد بقرار أو تصرف يعود عليه بالضرر (لا قدر الله)، بل يحفظ الله جل وعلا لنا كل النفع لنختاره بإرادتنا التي قدرها الله تعالى لنا.
أما إذا انتقلنا إلى خلق الله سبحانه وتعالى في أنفسنا من مكونات سنجد أن للغضب تأثير سلبي على خلايا أدمغتنا وأجسامنا، وإذا نظرنا إلى الشكل التالي في تدرج إنفعال الغضب لن يسعنا إلا أن نقول: ” أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ. (14)” سورة الملك… ولذلك يأمرنا بما ينفعنا وينهانا عما يضرنا…. فسبحان الله الخالق العظيم.
اللهم اهدنا لما تحبه وترضاه.
كتابة وترجمة: داليا السيد