هل نحن أمة غير عقلانية وعبثية ؟
عندما يصيح المواطن بإستنكار ضد الظلم يصيح به بائعو العبودية إصبر ” دولة الظلم ساعة ، ودولة الحق حتى قيام الساعة . وإذا حاول هذا المواطن ان يرفض يقال له تجاوزت الخط الأحمر : ” وأَطِيعُوا ولي الامر ” . وهكذا يُفسر أهل الدين مثل هذه المواقف إرضاء لمانح النعم كما يعتبرونه ! يحلل القتل بإسم الشريعة ، تنسحق الشعوب أمام حكامها المستبدين الذين يعيثون بحياتها فسادا بإسم الشريعة ايضا . يرفض بعض فقهاء هذه الأمة غير المنطقية والعبثية في بعض بلدانها أيّ قانون يمنع زواج القاصرات بحجة أن الرسول تزوج عائشة وهي في التاسعة من العمر على الرغم من ان هذا ليس صحيحا . في بلد أخر تُجلد المرأة اذا لبست بنطالا ! هل يُعقل أن تُشغل مثل هذه القضايا فكر المجتمع . جماعة تقول يجوز ان تقود المرأة السيارة وجماعة أخرى تشهر السيوف ضد هذه المقولة .
نُشغل فكرنا وحياتنا بقضايا أتفه من التفاهة بفتاوى مصنعة مثل إرضاع الكبير ! هل بلغنا شأوًا كبيرا في ميادين العلم والصناعة والتكنولوجيا والإقتصاد وصناعة الحواسيب والهواتف الخلوية وفاض الكثير من الوقت لنناقش ونغوص في قضايا الدين والمعتقدات الشخصية والقيم الروحية والفروقات بين المذاهب الفقهية ! مداخيل هذه الأمة من النفط والسياحة أضعاف أضعاف مداخيل أوروبا الصناعية بأكملها ، ولكن أين هذه المداخيل تُصرف ؟
إنها تُنفق على الترف والرفاهية وإقتناء لوحات فنية وسيارات مذهبة ومقابض أبواب من ذهب بدلا من أن تُنفق على البحث العلمي من قِبَل الشباب العرب الأذكياء المنتجين والذين من الممكن أن يصنعوا المعجزات في ” بقاع المشلولين” كما يٌطلق علينا في الغرب . البحث العلمي غائب تماما الا من النزر اليسير لأن هذه البقاع ملغمة بديناميت الخطوط الحمراء والمُسّلمات واليقين الديني المستنبط من لدن الفقهاء والمذاهب الفقهية الاخرى في ديارنا . الدنيوي في ديارنا مخلوط بالديني لأن بعض رجال الدين يقضون وقتهم بأصدار الفتاوي التي لا تسمن ولا تغني من جوع !
لغة هذه الامة غير العقلانية والعبثية تنقصها معظم كلمات ومصطلحات العلم الحديث وتقنياته لأننا فقدنا الريادة التي كانت لنا ! تعاني لغتنا من ” أنيميا الترجمة ” ، لا يُترجم لها الا قسط زهيد لا يستحق الذكر ومختص بالروايات والقصص والأشعار وبعض المقالات البعيدة كل البعد عن البحث العلمي . لم تعد لغتها تُستخدم في تدريس مواد العلوم الا نادرا في كل الجامعات وفي بعض المدارس . أنزلنا في هاوية سحيقة بلا قاع ليتم الخراب ! تتوالى المصائب على أمم غير عقلانية وعبثية : ” غيبوبة حضارية تقاوم الدهر ، تعليم يصنع الخنوع ويغتال العقلية العلمية ، تنمية ضعيفة وثروات تتبدد يوميا ، قتل. وتعذيب ، حكام مخلدون وجمهوريات توريث ، قمع دائم وعدم أحترام كلي للمواطن وحريته .”