أهداف إسرائيل من الصراع السوري
تحليق الطيران الاسرائيلي المستمر فوق العاصمة دمشق وإصطياد أهداف محددة لحزب الله اللبناني أو الحرس الثوري الايراني يترافق مع تسليم موسكو منظومات صواريخ الدفاع الجوي (إس-300)، (اس- 40 ) إلى النظام السوري، اوجد حالة من الترقب والحذر داخل الدوائر الإسرائيلية والأميركية، وذلك بعد سقوط طائرة (إيل-20) في الأجواء السورية، ومقتل خمسة عشر جنديا روسيا وقد أعلنت موسكو المسؤولية الإسرائيلية التامة عن اسقاطها بعد عملية الخداع التي تعرض لها الروس.ورغم التطمينات الروسية لإسرائيل بعدم توجيه منظومة الصواريخ ضدها، إلا أن التقارير الإعلامية تؤكد عكس ذلك، وكان من بين التقارير التي تؤكد ذلك ما نقلته وكالة أنباء (نوفوستي) الروسية عن الخبير العسكري، “إيغور كوروتشينكو”، قوله أن قرار توريد هذه المنظومات لسورية “يمثل ردًا مناسبًا تمامًا” على تصرفات إسرائيل غير المسؤولة و التي تتحمل مسؤولية تحطم طائرة (إيل-20) الروسية.أبدت إسرائيل اهتماماً كبيراً بالأزمة السورية منذ بدء حركة التظاهرات في مارس 2011، والتي سرعان ما تحوّلت إلى ثورة شعبيّة، وذلك من خلال تقارير استخبارتية يومية لتطوّرات أحداثها واحتمالية نجاحها، فدمشق تحتل مكانة مركزيةّ في حسابات تل أبيب، إذ خاضت إسرائيل حروبا عدّة ضدّها في خضم الصراع العربي الاسرائيلي، وهي تحتلّ جزءاً من أراضيها (هضبة الجولان) ما انفكّت سورية تطالب باستعادتها، علاوةً على ذلك فإنّ سورية دولة محوريّة مركزية في المشرق العربيّ، وترتبط بعلاقات تاريخية وثيقة مع إيران، وتمتلك القدرة على التّأثير في تطوّر الأحداث، من خلال ضبط إيقاع حركات المقاومة التي تواجه إسرائيل، سواء “حزب الله “في جنوب لبنان أو حركتي “حماس” و”الجهاد” داخل قطاع غزة، لذلك حرصت تل أبيب على الاستفادة من تداعيات هذه الأزمة الإيجابية عليها وتفادي سلبيات ومخاطر أي سيناريوهات مستقبلية.
الثاني: بقاء الأسد، وإذا تم دعم هذا الخيار من قبل إسرائيل سيكون بسبب التخوف من وصول نظام ثيوقراطي متشدد يخلف النظام السوري يطالب باستعادة هضبة الجولان المحتلة، ويكون بداية لانطلاق عمليات مقاومة عسكرية ضد الوجود الإسرائيلي.ومن المعروف أن نظام بشار الأسد وقبله الأسد الأب قد حافظا على أمن إسرائيل وبخاصة في هضبة الجولان المحتلة، على مدار أربعة عقود برغم الحملات الدعائية لجبهة الصمود والمقاومة، ورغم عدم وجود أي اتفاقية سلام بينهم، ظلت الحدود هادئة دائماً لم تشهد أي مواجهات بين الطرفين.وأثبتت التّجربة عبر العقود الماضية أنّ بإمكان إسرائيل التّوصّل إلى تفاهمات مع النظام السوريّ على أرضيّة المصالح المشتركة بشأن القضايا العربيّة الأكثر حساسيّة،حتّى وإن كانت المواقف العلنيّة والرسميّة للنّظام السوريّ عكس ذلك تماماً. فعلى سبيل المثال: في الحرب الأولى الإسرائيلية على لبنان ضد منظمة التحرير الفلسطينية عام 1982، تم التفاهم الشفهي بين إسرائيل وسورية على التزام الحياد السوري.ومنذ بداية الأزمة رسمت إسرائيل أهم المحددات والتي يجب تحقيقها قبل أي وقف لإطلاق النار والبدء في محادثات السلام وإعادة البناء،وأهم بنود هذه الستراتجية:
2- العمل على تفكيك علاقات النظام السوري الستراتيجية، وتحالفاته الإقليمية، وبخاصة مع”حزب الله” اللبناني و”حماس” و”الجهاد” في فلسطين، وغيرها من حركات المقاومة التي تناهض المشروع الصهيوني.
أ- الحرص الإسرائيلي على عدم الانخراط علناً فيما يحدث في سورية، وترقب الأوضاع الميدانية من بعيد، وإبداء القلق بشأن ما يجري من أحداث، وأبسط مثال تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بعد ضرب بلدة خان شيخون بصواريخ محملة بغاز السارين راح ضحيتها المئات من الأطفال والنساء.وبخاصة أن مواقف السياسيين والرأي العام منقسم داخل إسرائيل: فقسم مع سقوط النظام لما في ذلك من مزايا كما ذكرنا،أهمها تقويض الدور الإيراني و”حزب الله” في المنطقة، والقسم الآخر مع بقائه، بعد تقييم الموقف العسكري في متابعة استخباراتية يومية لما يحدث ميدانياً، ومراقبة ومنع انتقال الأسلحة غير التقليدية إلى يد “حزب الله” بلبنان، والذي يشكل خطراً على أمن إسرائيل.ب- استخدمت إسرائيل أدوات عدة، كالأداة الإنسانية وتقديم المساعدات الطبية والإنسانية التي تمنحها لبعض فصائل المعارضة السورية القريبة من الجولان متل “جبهة النصرةط وأيضاً الأداة الدبلوماسية، فقد اتفقت ضمنياً مع القوى الغربية على إطالة أمد الصراع، والتخلص من الأسلحة الكيميائية، وأيضاً عرقلة تسليح المعارضة، كما حاولت التواصل مع روسيا حول عدم تزويد سورية بصواريخ مضادة للسفن.
وقد استفادت إسرائيل من الازمة السورية إقليمياً، وذلك من خلال لعب دور يحافظ على مصالحها السياسية والاقتصادية والامنية في منطقة الشرق الأوسط، فاستغلت تلك الأزمة للضغط على فاعلين إقليميين كإيران من خلال العمل ديبلوماسياً على تقويض دورها في سورية، ومراقبة تزويد الأسلحة لحزب الله كما دعمت الحركات الانفصالية للأكراد كورقة ضغط وإضعاف لمركز تركيا الاستراتيجي في المنطقة، وبخاصة أن الملف الكردي هو أكثر الملفات إيلاماً لنظام أردوغان بعد تحركه العسكري في بلدة عفرين وإدلب شمال سورية.