العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

مَن الظالم ومَن المظلوم : الأب أم الأبناء ؟

0

مَن الظالم ومَن المظلوم : الأب أم الأبناء ؟

حديث الشكوى من الأبناء حديث متكرر بل يكاد يكون قاسما مشتركا بين الآباء إلا النادر منهم .
تلك الشكوى التى تشعر منها بخيبة أمل الآباء في أبنائهم، وتلك مظلومية يعيشها الكثير من الآباء .

لكن للأسف فإن تلك المظلومية لها زاوية أخرى لو نظرت منها لعرفت أن الأمر مختلف وأن كثيرا من الأبناء هم الذين يعيشون تلك المظلومية لا الآباء .
فالابن مظلوم والأب للأسف ظالم لكنه لا يرى ظلمه ولا يستشعره.

بداية الظلم في حرص الآباء على الإنجاب تحت تأثير مشاهد البراءة التى يرى عليها الأطفال، وبحثا عن زينة الحياة الدنيا: الابناء، لكنه وبعد الإنجاب والفرح بملاعبة الصغار ينحصر حنانه في تأمين المأكل والملبس والحياة المرفهة للطفل ثم يجلس ينتظر ثمرة ذلك برا وحنانا .
وتلك أخطر آفة تصيب الآباء، فالأبناء ليسوا بهائم يصلحها جودة الطعام والشراب ونظافة الزرائب بل هم عقول وقلوب فارغة تنتظر من يملأها او بتعبير أدق يرشدها لمصادر المعرفة والتربية ويأهذ بيدها لتلمس سبل الرشاد .
فالأبناء هم ثمرة الآباء فإن رعيت شجرتها وتعهدتها خرج الثمر وفيرا يانعا، وإن اهملتها خابت مساعيك وحصدت الحسرة .
فهل هذا ذنب الشجر أم ذنب من أهمل الشجر؟
من الظالم إذن ومن المظلوم ؟

ثاني تلك الآفات يتمثل في الضجر من الأبناء والتعامل معهم تعامل الضابط او القاضي الذي يبحث عن أدلة الجريمة، والأصل أن الأب ليس بقاضٍ بل مربٍ أو طبيب .
وكلاهما لا يبحثان عن اصول الجريمة إلا إذا كان ذلك البحث مفيدا في العلاج .
كما أن الطبيب والمربي لا يوبخان مرضاهما ولا يعيرهما، لكن مسئوليتهما علاج المرض، وتلمس الوسائل الممكنة، فإن أعجزتهما الخبرة استدعيا من يفوقهما خبرة، فهما في النهاية يستشعران مسئوليتهما امام المريض .

ولكي تتضح الصورة فعلى كل أب أن يستشعر أن ابنه جزء منه فإن كان الجزء معطوبا فعلى من تقع مسئولية إصلاحه؟
طبعا لن يكون الغرباء هم المسئولون بل انت المسئول .
فإن ضجر المسئول وقصر في البحث عما يصلح نبتته ويعدل اعوجاج ساقها فهل يحق له أن يشكو يوما خيبة امله او يلوم ابنه؟
من الظالم إذن ومن المظلوم؟
أيكون الابن الذي عاش اليتم في حياة والديه هو الظالم أم هو المظلوم؟

ثالث تلك الآفات ان الآباء ينسون او يتناسون أن الله سيحاسبهم على جهدهم في تربية الأبناء، وأن الله مطلع على السرائر ويعلم إن كنت بذلت جهدك أم تشكو فقط خيبة الأمل.
ولنتذكر أن الدنيا دار ابتلاء، وقد يكون بلاء، الأب في أبنائه وأنه مأجور إن بذل طاقته وتلمس السبل لرعايته وتقويم نبتته حتى وإن كان الابتلاء فى اعوجاج الفرع رغم كل ذلك الجهد ، هنا فقط يحق لنا أن نقول أن الأب مبتلى وأجره على قدر صبره .
فقد ابتلى الله تعالى نوح بابن كافر لكن نوح لم يدخر جهدا حتى حانت لحظة الغرق وقد عرف مصير ابنه لكنه مع ذلك ظل يحاول حتى حال الموج بينه وبين ابنه .

أخيرا فإن من أخطر الآفات أن تتعامل مع ابنك بنديه خصوصا إن وصله ذلك الإحساس، فإنك بذلك تضع العقارب أمام التروس، ساعتها ينكسر العقرب ولا لوم على التروس فهى لا تعرف سوى الدوران .
الأصل أن أراعي ميول الأبناء وأغذى عقولهم دون الحجر عليهم ولا إشعارهم بتسلط الأب، ساعتها تتحول الأبوة لعبء لا يلبث الشيطان أن يدفع الابن لكسرها فيكون العقوق .
ساعتها يحق لنا أن نسأل من الظالم ومن المظلوم ؟

مقالي هذا لا ينكر فضل الآباء ولا يبرئ العاق لكنه فقط يسلط ضوءا على جانب متروك لا يلتفت إليه الجميع وهو مسئولية الآباء عما يصل إليه الأبناء

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد