كيف تفاعل الشارع المغربي مع سقوط الإخوان”
كيف تفاعل الشارع المغربي مع سقوط الإخوان“
وقد عبر الشاب الثلاثيني الذي يعمل أستاذا متعاقدا، عن سعادته بالنتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع، ليس لأنه “مناصر للحزب الفائز، بل لأنه تخلص من حزب العدالة والتنمية الذي اتخذ قرارا مسه بصفة شخصية”.
وفي تصريح يؤكد محمد أن فرض نظام التعاقد في التعليم، “كان من أسوء القرارات التي تم اتخاذها خلال السنوات العشر التي قضاها الإسلاميون في التدبير الحكومي
ويكشف الشاب المغربي أنه صوت ضد حزب العدالة والتنمية، الذي تعرض حسب مراقبين لتصويت عقابي شديد من طرف المغاربة”.
ووفق النتائج شبه النهائية بعد فرز 96 في المئة من الأصوات، فقد حل حزب العدالة والتنمية في المرتبة الثامنة، بعد حصوله على 12 مقعدا.
وشكلت هذه النتائج مفاجئة مدوية حتى لدى أكثر المتنبئين بهزيمة العدالة والتنمية، فقد كانت التوقعات تفيد بأن الحزب سيحل ضمن الأحزاب الثلاثة الأولى.
وعاد حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه بهذه النتيجة إلى “مربع الصفر” في المشهد السياسي المغربي، حيث تعتبر هذه النتيجة الأضعف التي سجلها منذ أول مشاركته في الانتخابات عام 1997، التي نال فيها 9 مقاعد.
وقد خسر الحزب، حسب النتائج المعلنة، 113 مقعدا في البرلمان، بعدما فاز بـ125 مقعدا في الاستحقاقات التشريعية التي شهدها المغرب في 2016.
ووفق النتائج شبه النهائية، فقد حل حزب التجمع الوطني للأحرار في المرتبة الأولى بـ97 مقعدا، يليه حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة) بـ82 مقعدا، وحزب الاستقلال (معارضة) في المرتبة الثالثة بـ78 مقعدا.
وكان حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يصنف ليبراليا، قد شارك في الحكومة السابقة على رأس وزارات مهمة، كالاقتصاد والصناعة والفلاحة.
وقد بلغت نسبة المشاركة 50.35 في المئة، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالاستحقاقات الماضية، حيث بلغت نسبة المشاركة 43 في المئة. ويرى مراقبون أن إجراء الاستحقاقات التشريعية والبلدية والجهوية في يوم واحد، ساهم في الرفع من نسب المشاركة.
وجاءت هزيمة حزب العدالة والتنمية بطعم المرارة، بعدما فقد مقاعد برلمانية في دوائر كانت في السابق تصوت له بكثافة، وعلى رأس الخاسرين سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة المنتهية ولايته، والذي لم يتمكن من الظفر بمقعد نيابي في دائرة المحيط بالعاصمة الرباط، على عكس زعماء باقي الأحزاب الثلاثة الأولى.
بدوره، مني الأمين العام السابق ورئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران بالهزيمة، بطريقة غير مباشرة، بعدما لم يتمكن مرشحو الحزب من الحصول على مقاعد في معقله بمدينة سلا.
لكن “السقوط الحر” للحزب كان في مدينة طنجة، التي لم يحصل فيها على أي مقعد.
وكان الحزب الذي سير المدينة في السنوات الخمس الماضية، قد فاز بثلاثة مقاعد في الاستحقاقات السابقة، حيث حصد أكثر من 60 ألف صوت، مقابل 7 آلاف صوت حاليا.
وتفاجأ الجميع بالنتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع في مدينة طنجة، التي كانت تمثل خزانا انتخابيا لحزب العدالة والتنمية.
وفي رسالة بخط اليد تكرس الشرخ الذي يعيشه الحزب منذ مدة، وتنذر بمزيد من التصدعات في أوساط الإخوان، نشر بنكيران رسالة دعا فيها الأمين العام الحالي للحزب إلى “تحمل مسؤولياته وتقديم استقالته من الأمانة العامة”.
وبهذه النتائج التي حصل عليها، فإن حزب العدالة والتنمية لن يكون قادرا حتى على تشكيل كتلة نيابية داخل البرلمان، وإنما سيكتفي بمجموعة صغيرة لن يكون لها أي وزن أو تأثير.
وأمضى أعضاء حزب العدالة والتنمية ليلة خيم عليها الذهول والحزن داخل مقرات التنظيم، وهم يتابعون النتائج التي تأتي تباعا من الدوائر الانتخابية.
وكعادته، لجأ الحزب للدفاع عن نفسه عبر لعب دور “الضحية“، حيث صرح أمينه العام، سعد الدين العثماني، أنه “لا يمكن التعليق على النتائج قبل التوصل بمحاضر الاقتراع”.
وادعى حزب العدالة والتنمية في بيان، أن “الإدارة المركزية للحملة الانتخابية للحزب توصلت، بعد انتهاء عملية الفرز، باتصالات كثيرة من مختلف الدوائر الانتخابية، تفيد بامتناع الكثير من رؤساء مكاتب التصويت عن تسليم نسخ من محاضر التصويت لممثلي مرشحي العدالة والتنمية في عدد مهم من الدوائر”.
وتابع البيان أن “ما وقع لا يتيح التأكد من النتائج الحقيقية للعملية الانتخابية”.
وفي مقابل الفتور الذي شهدته المقرات الحزبية للعدالة والتنمية وحلفائه، كانت الأجواء على مواقع التواصل الاجتماعي “ملتهبة“، حيث تابع المغاربة حتى الساعات الأولى من صباح الخميس نتائج “السقوط المدوي” للحزب الذي هيمن سير الحكومة لمدة عقد من الزمن.
وقد تقاطعت التدوينات الكثيرة في التأكيد على أن حزب العدالة والتنمية عاد إلى “حجمه الطبيعي“، وعلى أنه تلقى “تصويتا عقابيا” من طرف المغاربة “الساخطين” من قراراته التي أضرت بشكل كبير بالطبقة الوسطى.
وكان اللافت على مواقع التواصل الاجتماعي هو غياب “الذراع الرقمي” للحزب، حيث توارى أنصاره عن الأنظار بعدما كان يملؤون الدنيا “ضجيجا” في كل مناسبة.