قنديل الثنايا وروائع ألأدب العربي
“قنديل الثنايا”
روايه للكاتب والأعلامى التونسي
علي الخميلي
متابعه/ حمدون سيد حمدون
رصد إبداعي لإفرازات المجتمع التونسي ما بعد “الثورة”..
……………………….
من الروايات التي نالت استحسان عديد النقاد والمتابعين للحركة الأدبية في العالم العربي، نجد رواية الإعلامي والكاتب التونسي علي الخميلي، – “قنديل الثنايا” التي صدرت عن دار الوطن العربي للنشر والتوزيع، وتعتبر عملا روائيا بكرا في مسيرة الخميلي الذي كتب في مجالات متعددة دون أن يغوص في الرواية قبل هذه المرة.
و”قنديل الثنايا”، هي من رحم الواقع المعيش في العالم العربي عامة، وبتونس خاصة، قد يكتشف فيها القارئ الكثير من المفاجآت والتفاعلات والخضخضات التي أثرت في مجرى حياة العامل المنجمي المحال على شرف المهنة، بعد عقود من العمل قضاها بين الكهوف والمغاور، مستخرجا رفقة زملائه، مادة الفسفاط التي يسميها رجال الإقتصاد “الذهب الأسمر”، والتي تحت مسمى ثروة وطنية، استفادت منها السلطات كثيرا، دون أن يجد مستخرجوها الذين هم عمال المناجم، نصيبهم حتى من الحياة مقابل ذلك، طالما أنهم ظلوا متأرجحين بين الموت واللاموت، بسبب سقوط جبال من الفسفاط من حين لآخر على رؤوس العمال، وتهديدهم بالفناء كلما ارتجت غيلان الطبيعة تحت الأرض.
كما أن المتصفح للرواية “قنديل الثنايا” سيكتشف القراءة الجديدة للمجتمع التونسي ما بعد “الثورة” التي مازالت محل جدل كبير بين مختلف شرائح المثقفين وغيرهم من المتيمين بعشق الوطن والإنسان أينما كان، ( ولا السياسيين المتلونين الذين زادوا في تعميق الجرح)، في مختلف أرجاء البلاد بما في ذلك الحوض المنجمي الذي يتكون من مدن المتلوي والرديف وأم العرائس والمظيلة، والذي انطلقت شرارة الثورة منه سنة 2008، وخاصة على مستوى العلاقات البشرية التي فقدت الكثير من حرارتها بسبب الايديولوجيات القديمة منها والحديثة وإفرازاتها غير المستقرة، بل المتباينة بين المكتسبات والخيبات.
كما تضمن “قنديل الثنايا” الصراع القديم الجديد بين مختلف شرائح السياسيين من جهة والناس العاديين ومنتهجي الإسلام السياسي من جهة أخرى، ما جعل بعضهم يؤكد أن الذي ينجح في الإنتخابات بتجارة الدين ويريد السيطرة وكل السيطرة على مفاصل الدولة وبشكل سريع ومتسم بالشتائم والغنائم لا يمكن له أن يكون إلا منفذا لأجندا أجنبية محددة ضد البلاد والعباد، في حين أن البعض الآخر يساند بشدة وحبّ التيارات الدينية، ودون تردد ولا ترمرم، اعتقادا منه أن المناصرة لا تكون إلا لمن يخاف الله، ومناصرة غيره يعتبر كفرا وعداء للدين.
وبين هذا وذاك، نقاط وتفاصيل عن الوطن والمجتمع التونسي والعربي عامة، غاص فيها الروائي علي الخميلي ووصفها بصدق وتحدّ ممتع، مؤكدا واقعيته التي لا شك أنه استمدها من خبرته الصحفية التي وفرت له مادة سردية إبداعية تترجم حقيقة التناقضات في الزمان، وفي المكان أيضا حيث التفوق والفشل والإحباط والأمل، والكذب والصدق، والعطالة والعمل.
وللتذكير فقط فإن الرواية التي لا تخلو كأيّ عمل إبداعي آخر من عملية تشييد معمار أدبي أساسه الواقع المرتبط ببعض الخيال الجمالي والذي يعطي للنمط الروائي جرعة واقعية تضفي للعمل ما يمكن أن ييسّر مهمة الهضم والتنوير ليبدو من خلال جماليته وخاصة في الجانب المتعلق ببعض الوقائع والأحداث لتكون “قنديل الثنايا” في حدّ ذاتها جرعة مهمة للمكتبة الروائية العربية ولا التونسية فقط
وللكاتب والإعلامي التونسي علي الخميلي، عدة أعمال أصدرها في تونس ومن أهمها “المتلوي.. شذرات من الذاكرة” في جزئين إثنين، و”الثورة التونسية بين المنقول والمجهول” و”..للحيارى والكادحين” وغيرها، كما له أعمال أخرى تنتظر النشر على غرار “وجع بين الفواصل والنقاط” و”هذيان في البرلمان” و”العمّ مبروك والفايسبوك”.