العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

الدكروري يكتب عن تمام نعمة تعالي الله على العبد بقلم/ محمـــد الدكــــروري

0

الدكروري يكتب عن تمام نعمة تعالي الله على العبد

بقلم/ محمـــد الدكــــروري

لقد كان الصحابي الجليل خباب بن الأرت مولى لأم أنمار بنت سباع الخزاعية، وكان حدادا، فلما أسلم عذبته مولاته بالنار، فكانت تأتى بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره أو رأسه، ليكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يزيده ذلك إلا إيمانا وتسليما، وكان المشركون أيضا يعذبونه فيلوون عنقه، ويجذبون شعره، وقد ألقوه على النار، ثم سحبوه عليها، فما أطفأها إلا ودك ظهره‏، وقد اشترى الصحابي الجليل والخليفة الراشد الأول أبوبكر الصديق رضي الله عنه الكثير من الإماء والعبيد رضي الله عنهم وعنهن أجمعين، فأعتقهم جميعا‏ وقد عاتبه في ذلك أبوه أبو قحافة، وقال‏ له أراك تعتق رقابا ضعافا، فلو أعتقت رجالا جلدا لمنعوك أي أنهم يكونوا معه ويدافعوا عنه ويعملوا معه‏، فقال‏‏ إني أريد وجه الله ‏عز وجل فأنزل الله قرآنا مدح فيه أبا بكر، وذم أعداءه‏.
فقال تعالي كما جاء في سورة الليل ” فأنذرتكم نارا تلظي لا يصلاها إلا الاشقي الذي كذب وتولي ” وهو أمية بن خلف، ومن كان على شاكلته، ثم قال تعالي ” وسيجنبها الاتقي الذي يؤتي ماله يتزكي، وما لأحد عنده من نعمة تحزي إلا ابتغاء وجه ربه الأعلي ولسوف يرضي” ‏وهو الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه‏، والحاصل أنهم لم يعلموا بأحد دخل في الإسلام إلا وتصدوا له بالأذى والنكال، وكان ذلك سهلا ميسورا بالنسبة لضعفاء المسلمين، وخصوصا العبيد والإماء منهم، فلم يكن من يغضب لهم ويحميهم، لهذا استحقوا فعلا أن يكونوا صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وإن من تمام نعمة الله على العبد أن يجمع له مع المال العلم النافع الذي يتقي به ربه تعالى ويضعه في موضعه ويقول النبى صلى الله عليه وسلم.
“لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ” رواه البخاري ومسلم، وسبيل السعادة ليس يدرك بالجاه والشهرة، ففي ختام قصة قارون صاحب المال والثروة العظيمة يقول الله تعالى “تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين” فلا يسعد العبد بالشهرة بحال من الأحوال بل قد تكون من أسباب الضيق والكدر، وربما انتهت حياة كثير منهم بالبؤس والشقاء وربما الانتحار، وإن الجاه والمنصب بريق زائف زائل لا يسعد به العبد في الدنيا ولا في الآخرة إلا من وفقه الله ليسخرها في الطاعة والمعروف والإصلاح بين الناس، فذلكم هو الجاه المحمود، وبعض الناس طلبوا السعادة في الشهوات المحرمة فظل عاكفا على ذلك في ليله ونهاره وغدوه ورواحه.
فقبع في سجن الشهوة ثاويا وفي بئر المعصية ساقطا وفي أودية الحيرة هائما، وشقاء القلب بالمعاصي، وضيق الصدر بالإعراض عن ذكر الله، والسعادة والطمأنينة بطاعة الله وعبادته، فيقول تعالى “ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة” وبعض من الناس الذين بُهروا بغير المسلمين ومدنيتهم المزعومة وظنوا أنهم في قمة السعادة لأنهم يعيشون في أغنى بلاد العالم وعندهم من الشهوات والحريات والإباحية ما هو كفيل بإسعادهم وراحتهم، ولكن الواقع يشهد على أن القوم في قمة الشقاء والبؤس والضنك لأنهم يجهلون أن طريق السعادة الحقيقي إنما هو في عبادة الله وتوحيده، ولم يحصلوا على السعادة التي ينشدونها إلا وهما نتاجه فساد العقائد وانحلال الأخلاق، أسر متفككة وقيم ضائعة، فهم في شقاء وضنك بسبب كفرهم وإعراضهم عن الحق، فهم كما يقول تعالى “في ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور”
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد