تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
عاجل
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يهنىء اللاعب محمد صلاح فوزه بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن يوم الزينة
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن واجبنا تجاه الأبناء
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ينعي الفنان عادل الفار عضو الإتحاد
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ينعي المهندس عاصم أبو فريخة عضو الإتحاد
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يعزي النائب اللواء أحمد يحي الجحش في وفاة والده
- اختيار الإعلامية / رشا عبد السلام شحاتة عبد المجيد عضوة باتحاد الوطن العربي الدولي
- اختيار اللواء / ممدوح السيد محمد أبو النجا عضوا باتحاد الوطن العربي الدولي
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن القوات البحرية المصرية
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يزور صباح اليوم قاعدة الإسكندرية البحرية ويكرم قائدها
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد حرص النبي الكريم صلي الله عليه وسلم علي التعايش السلمي في المدينة المنورة بعد هجرته إليها، فقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم العهود والعقود مع المشركين والنصارى واليهود، ووفى لهم بما تضمنته هذه العقود، دون أن يغدر بهم أو يخون، بل كانوا هم أهل الغدر والخيانة، وهذا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي علم الأمة كيف يكون الانقياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم واسمعوا إلى موقفه الذي ترجم فيه خُلق الوفاء بالعهد، وهو عندما يرسل إليه أبو عبيدة بن الجراح يستفتيه في فتوى غريبة جدا، ويقول له إن أحد الجنود قد أمّن قرية من بلاد العراق على دمائهم وأموالهم وهي في طريقنا، فماذا نصنع؟ وتأمل هذا الموقف الغريب، وهو جندي لا يُعرف اسمه من جيش المسلمين يعطي الأمان لقرية بأكملها، وربما هذه القرية إن لم تفتح فقد تكون ثغرة عظيمة.
يتضرر بها المسلمون كثيرا إذا انقلبت عليهم، فبماذا أجابه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ قال بعد حمد الله والثناء عليه “إن الله تعالى قد عظم الوفاء، ولا تكونون أوفياء حتى تفوا، فأوفوا لهم بعهدهم واستعينوا الله عليهم” فما أبدع هذه العبارة، وما أروعها لمن فهم معناها، فالوفاء كباقي الأخلاق ليس شعارا يرفع في السماء ولا كلمة تطير في الهواء، ولكن الوفاء خلق لن يتحقق إلا إذا أتيت به وتحملت في سبيل إتيانه كل شيء، فبهذه الأخلاق فتح المسلمين بلاد الفرس وبلاد الروم، وإسبانيا وفرنسا وغيرها، ولذلك قال سيد قطب رحمه الله “ولقد انتصر محمد حين انتصر، حينما جعل من المصحف نسخا كثيرة، لا أقول مطبوعة في الأوراق، ولكن مزروعة في قلوب الرجال، فتحركوا بهذا القرآن يمشون على الأرض، حتى فتح الله على أيديهم ووصل الدين إلى ما وصل إليه”
وقيل أنه أتى شابان إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس، وهما يقودان رجلا من البادية فأوقفوه أمامه، قال عمر ما هذا؟ قالا يا أمير المؤمنين، هذا قتل أبانا، قال أقتلت أباهم؟ قال نعم قتلته، قال كيف قتلتَه؟ قال دخل بجمله في أرضي، فزجرته فلم ينزجر، فأرسلت عليه حجرا وقع على رأسه فمات، قال عمر النفس بالنفس، لا بد أن تقتل كما قتلت أباهما، وانظروا إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لم يسأل عن أسرة هذا الرجل، هل هو من قبيلة قوية أو ضعيفة؟ وهل هو من أسرة معروفة ولها أهمية في المجتمع؟ كل هذا لا يهم الفاروق عمر رضي الله عنه لأنه لا يجامل أحدا على حساب شرع الله، ولو كان ابنه القاتل لاقتص منه، قال الرجل يا أمير المؤمنين، أسألك بالذي رفع السماء بلا عمد أن تتركني ليلة لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية.
فأخبرهم بأنك سوف تقتلني ثم أعود إليك، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا، قال عمر مَن يكفلك أن تذهب إلى البادية ثم تعود إليّ؟ فسكت الناس جميعا إنهم لا يعرفون اسمه ولا داره ولا قبيلته، فكيف يكفلونه؟ وهي كفالة ليست على مائة دينار، ولا على عقار، ولا على ناقة، إنها كفالة على الرقبة أن تقطع بالسيف، فسكت الناس والفاروق عمر متأثر لأنه وقع في حيرة، هل يقدم فيقتل هذا الرجل وأطفاله يموتون جوعا هناك؟ أو يتركه فيذهب بلا كفالة فيضيع دم المقتول؟ وسكت الناس ونكس عمر رأسه والتفت إلى الشابين أتعفوان عنه؟ قالا لا، مَن قتل أبانا لا بد أن يقتل يا أمير المؤمنين، قال عمر مَن يكفل هذا أيها الناس؟ فقام أبو ذر الغفاري بشيبته، وقال يا أمير المؤمنين، أنا أكفله، فقال عمر هو قتل، قال ولو كان قاتلا، قال أتعرفه؟ قال ما أعرفه، قال كيف تكفله؟
قال رأيت فيه سمات المؤمنين فعلمت أنه لا يكذب، وسيفي بعهده إن شاء الله، قال عمر يا أبا ذر، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك؟ قال الله المستعان يا أمير المؤمنين، فذهب الرجل وأعطاه عمر ثلاث ليالى، يهيئ فيها نفسه، ويودع أطفاله وأهله، وينظر في أمرهم بعده ثم يأتي ليقتص منه؛ لأنه قتل، وبعد ثلاث ليالى لم ينسى عمر الموعد، وفي العصر نادى في المدينة الصلاة جامعة، فجاء الشابان، واجتمع الناس، وأتى أبو ذر وجلس أمام عمر، قال عمر أين الرجل؟ قال ما أدري يا أمير المؤمنين وتلفت أبو ذر إلى الشمس، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها، وقبل الغروب بلحظات، إذا بالرجل يأتي، فكبّر عمر وكبّر المسلمون معه، فقال عمر أيها الرجل أما إنك لو بقيت في باديتك ما شعرنا بك وما عرفنا مكانك، قال يا أمير المؤمنين، والله ما عليّ منك.
ولكن عليّ من الذي يعلم السرّ وأخفى، ها أنا يا أمير المؤمنين، تركت أطفالي كفراخ الطير لا ماء ولا شجر في البادية، وجئت لأقتل، وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس، فسأل عمر بن الخطاب أبا ذر لماذا ضمنته؟ فقال أبو ذر خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس، فوقف عمر وقال للشابين ماذا تريدان؟ قالا وهما يبكيان عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه ووفائه بالعهد، وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس، فقال الفاروق عمر الله أكبر، ودموعه تسيل على لحيته.
السابق بوست