بالمستندات مصنع الموت يهدد حياة أهالي شبرالخيمه من جديد
بالمستندات مصنع الموت يهدد حياة أهالي شبرالخيمه من جديد
تقرير/ هانى توفيق
أصبح التلوث يحيط بالمواطن المصرى فى كل مكان،فلم يعد يقتصر على عوادم السيارات بالشارع أو مداخن المصانع المحملة بالسموم، أو بعض الخضراوات التى يشتريها من السوق ملوثة بمياه الصرف، بل تحول الأمر من حالة مؤقتة إلى واقع يعيشه المواطن يوميًا، ما أدى فى نهاية المطاف لإصابة نسبة كبيرة منهم بأمراض خطيرة، ففى منطقة مسطرد التابعة لمنطقة شبرا الخيمة، والبالغ عددها نحو 50 ألف نسمة وفق آخر إحصاء تعداد سكانى، تنتشر العديد من المصانع حولتها لبؤرة ملوثة نتيجة العوادم المنبعثة منها، الأمر الذى أدى لدخول أهالى المنطقة فى صدام مع المسئولين، بسبب رفضهم لوجود تلك المصانع فى المنطقة.
مصنع الموت
كارثة تهدد حياة أهالى مسطرد عقب تشغيل مصنع المازوت، والذى بدأت النواة الأولى له عام 2015 ، عندما علم أهالى مسطرد أن هناك قرارًا بإنشاء مصنع «المازوت » أو بمعنى أوضح لتكسير المازوت، وهو مصنع بتروكيماويات يعتمد على المازوت الخارج من المجمع وتنقيته من الكبريت، ليتم استخدامه كوقود للطائرات والسيارات، وهو مشروع معمول به فى أكثر من دولة إلا أنه من المفترض أن يتم ذلك فى حيز صحراوى بعيدًا عن الأماكن العمرانية، خاصة أن مخلفات المصنع يتم إلقاؤها فى ترعة الإسماعيلية والتى يعتمد عليها أهالى مناطق كثيرة فى الزراعة وغيرها من الأمور، الأمر الذى تسبب لأهالى المنطقة فى أضرار بالجملة، هذا بخلاف الأدخنة الناتجة عن تلك المادة، فوفقًا لما قاله «عبد الحميد عليوة »، أحد سكان منطقة مسطرد: «منطقتنا ليست قليلة التعداد السكانى، إلا أن المسئولين يتعاملون معها على أنها منطقة فرز ثان، فقد علمنا أن أهالى دمياط رفضوا إنشاء المصنع ذاته على أراضيهم، واستمع لشكواهم المسئولون، ونفذوا ما يريده الأهالى وتم إيقاف بناء المصنع هناك، ونقلوه إلى مسطرد، وعندما غضب الأهالى لم يبال أحد لغضبهم، بل على العكس ظهر العديد منهم ينفى وجود أى ضرر واقع على المنطقة، الأمر الذى اضطر الأهالى لتنظيم حملة تمرد تحت عنوان «لا للمازوت فى مسطرد »، وتوقيع استمارات قدموها لكل القائمين على الأمر مطالبين بإغلاقه لتجنب الأخطار المتوقع حدوثها بسببه .»
فى الوقت ذاته أكد «سيد مطاوع »، أحد سكان المنطقة،أن مصانع تكرير المازوت فى أى مكان لها أضرار بيئية تمنع تواجدها فى أى مكان به سكان، فهى أحد الأسباب الرئيسية للتلوث فى مسطرد بشبرا الخيمة، بسبب السموم والأدخنة التى تخرجها نظرًا لأن معظم هذه المصانع لا توجد بها فلاتر تمتص الأدخنة والغازات السامة الناتجة، وحتى لو تم تركيب مداخن وفلاتر، فالخطر الناجم عنها يفوقها بكثير، ولن ينجو منه أحد، فالخطر ممتد من المطرية إلى الإسماعيلية .»
«ملناش ضهر » الجملة الأولى التى قالتها «سيدة رمضان » صاحبة كشك سجائر وحلويات بالقرب من المصنع، موضحة أنه بالرغم من حالتها المادية المتردية إلا أنها متعلمة وحاصلة على دبلوم التجارة وأرملة ولها 3 أبناء تعولهم جميعًا من خلال عملها فى هذا الكشك، منوهة إلى أنها حذرت كثيرًا أهالى المنطقة من السكوت على بناء هذا المصنع، بل وجمعت أسماء كل نواب الدائرة التابع لها منطقة بناء المصنع، وجمعوا توقيعات فيما بينهم وذهبت وفود عديدة منهم للقاء جميع المسئولين.
موقف المسئولين
على صعيد متصل، شهد البرلمان خلال شهر أغسطس الماضى مناقشة ساخنة حول طلب الإحاطة المقدم من النائب عاطف مخاليف و 20 نائبًا آخر، حول الأضرار البيئية والصحية لمشروع إنشاء مصنع البتروكيماويات للتكسير الهيدروجينى للمازوت بمسطرد، فى حضور وزير البيئة،وانتهى إلى اتخاذ اللجنة قرار بزيارة ميدانية إلى المشروع للوقوف على الوضع.
وقد أوضح وقتها خالد فهمى، وزير البيئة، أنهم على وشك الانتهاء من إنشاء المصنع الذى سيدخل قريبًا حيز التشغيل التجريبى، مؤكدًا اتفاقه مع وزير البترول ومحافظ القليوبية على ألا يتم السماح بالتشغيل النهائى للمشروع إلا بعد التأكد من تطبيق 19 اشتراطًا بيئيًا،يضمن من خلاله عدم وقوع ضرر على حياة المواطنين فى هذه المنطقة جراء وجود هذا المصنع.
الشروط المطلوبة
فيما قال «إسلام خيرت »، مهندس بترول: إن هناك شروطًا يجب مراعاتها عند بناء مثل تلك المصانع على رأسها أن يكون بعيدًا عن المناطق السكانية بحوالى 45كيلو متر مربع، حتى لا يضر بصحة المواطنين المجاورين له، كذلك ينبغى أن يكون على مجرى ملاحى، وليس مجرى مائى يحتاجه المواطنون مثل ترعة الإسماعيلية.
وأضاف خيرت، أنه فى حالة تجاهل تلك الاشتراطات فمن الممكن أن يؤدى ذلك لأضرار جسيمة تتمثل فى تلف وقصور فى أنسجة الرئة، وهذا وفقًا للأبحاث التى قام بها فريق من معهد البحوث البيئية بجامعة عين شمس، حيث أوضحت نتائج الأبحاث أن هناك مواد تنتج من عملية تكرير البترول بها كمية غاز تسبب ضررًا للإنسان، وتدمر أنسجة الرئة، وهو ما يؤثر على الجهاز العصبى ووظائف الكلى وغيرها من الأمراض.