تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
عاجل
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الأسبق
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يعزي الدكتور أحمد رشاد مدير مكتب وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية في وفاة والده .
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن السنة مصدر من مصادر تفسير القراّن الكريم
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فلسفة الإعلام
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن التجربة الشعرية بين الفن والمعتقد
- رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإعجاز العلمى فى القراّن الكريم
- “البرلمان العربي” يثمن جهود الملك عبدالله الثاني في دعم وتعزيز العمل العربي المشترك والدفاع عن فلسطين
- جامعة الوادي الجديد تواصل تنظيم ندوات الدعم النفسى والاجتماعى لطلاب المدارس الثانوية
- جامعة الوادى الجديد تشارك فى برنامج ” هُوّية ” بمعهد إعداد القادة
- جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة تدفع بفرص التعاون مع نامبيا في مؤتمر افتراضي.
كتبت /إيمان القاصد
مراجعة /منى منصور السيد
فى اللحظة التى تشعر فيها بأن ما بداخلك كبر وتضخم حتى فاض منك وسال على ارض الواقع واخترقها ونبت منه جذورا امتدت الى باطن الارض ليقوى عودك ويشتد وتورق اغصاناً وتزهر احلاما وتنضج ثماراً ، لتدرك فى تلك اللحظة ان الله أراد لك البقاء وآمر بوجودك جسدا وروحاً وإرادة .
-لا أعلم ما هى نقطة البداية التى يجب ان انطلق منها لسرد حكايتى وكيف كانت وكيف اصبحت ، ولكن لا يشئ يستحق البدايه للحديث اكثر من لحظة الافاقة من غفلة العمر اياما بل اعواما رحلت ومرت وليس بها غير نهار يسلم ليل وليل يسلم نهار وتمر الايام ويمر العمر بدون حياة لا اتذكر منه غير مراقبة انفاس امى المريضة وخوف من ان تنقطع تلك الانفاس فينقطع معها الحبل السرى الذى يربطنى بها لا ستمد منه الحياة ولكن ارادة الله كانت ورحلت امى وفرغ يومى وثقلت ايامى لاصحو على واقع اخر غفلت عنه ان الله اكرمنى بأولادى كنت كل ما اشعر به تجاههم هو اطعامهم ورعايتهم حتى يكبروا فهل هذا فقط يكفى لاقوم بدورى كأم لماذا اتعامل معاهم كأليف وليس كبشر؟ ان لهذا الطفلان حياة يجب ان اكون اهلا لها فهما يحملان من روحى الكثير يذكرونى بأشياء كنت اعشقها وغفلت عنها حتى تناسيتها كانت لى حياة فأين ذهبت ؟!
– ما ذهب يجب ان يعود لا بد للشمس ان تشرق من جديد لتيقظ الغافل وتدب فيه النشاط لكى أحيا ويحى معى طفلاى فكيف سيكون هذا وانا نصف متعلمة و عاجزة ان اوفر لهما ما يغنيهما او يحقق لهما ما يساعدهم على تنمية مواهبهما التى مـَن عليهما الله بها .
– اول مافكرت فيه هو العمل بما املكه فأنا كنت من اوائل الناس التى تعرف الكتابة على الكمبيوتر فعملت بتلك المهنة ولم تكن مجدية بما يكفى ارهقتنى كثيرا وما كانت تجلبه لى غير المتاعب قليل من المال يذر مع رياح الاعباء اليومية وايقنت انها ليست الملاذ الذى سيصل بى الى بر الامان فافى يدى مهنة اخرى اتقنها منذ صغرى واتميز فى اتقانى لها وهى الاعمال اليدوية فأتجهت للعمل بتلك المهنة دون ان اعرف ان التاجر هو من يحصد والصانع هو من يتحسر على ما قدمه من عمل الذى لا ينال منه غير القليل .. وما العمل ؟ كيف الوصول الى الأمل المنشود ؟ فقد شرفت على الاربعين من عمرى … ولكنى ما زلت على قيد الحياة مازالت قدماى تحملنى ويداى تصنع الكثير ومازالت الايام تجئ وترحل فلما لا؟ فالحلم مازال بداخلى ينتفض ومازالت عيناى تطلعان كلما ركبت الترام لاصل الى محطة الرمل و يمر الترام امام المجمع النظرى انظر الى ما خلف اسواره واشعر انه الجنة التى لم ادخلها واتحسر على ما فاتنى فكيف هى الحياة بداخل تلك الاسوار التى ارى أن كل ما بداخلها عجزت راسى ان تحتوى على ما بداخل رؤوس مريديها … ويدب بداخلى الامل فى ان اكون واحدة منهم .. ولكن كيف الولوج الى داخل هذا المكان فأنا تعليمى متوسط ولا احمل سوى شهادة دبلوم ادارة اعمال وسكرتارية شهادة يشهد بها الجميع ان حاملها فشل فى الثانوية العامة التى هى جواز المرور لهذا العالم الرائع الذى طالما حلمت انى من اهله … ولكن الحلم برغم صعوبته ليس مستحيلاَ فهو بالتأكيد اقل صعوبه من الوصول الى القمر فكل تلك النجاحات والاختراعات ماكانت سوى محض حلم وقد آن الآوان ليصبح حلمى حقيقة ولم اتردد وقدمت لامتحانات الصف الاول الثانوى وبطبيعة الحال قابلتنى عقبات ادارية وروتينية غبية لا تحفز ابدا على ان يطور الانسان من نفسه بل تعجزه على تحقيق ذاته وتعويض ما فاته من علم ..وكالعادة كان الله بجانبى وساعدنى على تجاوزتلك العقبات ونجحت فى الصف الاول الثانوى وفى تلك الفترة كانت الثانوية العامة منقسمة مابين الصف الثانى والثالث والجميع يتفق على انه لا مجال للنجاح فى هذان العامان سوى بالدروس الخصوصية فكيف لى بهذا وانا بالكاد املك قوت يومى ولكن تجاهلت تلك الحماقات فالعلم فى الورق وباللغة التى اتحدث بها وكتب العام المنصرم تملئ الارصفة وفوق كل هذا ارادة يقويها الخالق ويقين بان تلك الارادة ما هى الا امر بما اراد الله لى فهو مجيب الدعوات وهو القادر العظيم ونجحت فى الثانوية العامة لم اشعر فى حياتى بفرحة بقدر تلك الفرحة وحدثت المعجزة ووصلت الى ابواب الجامعة الذى لم يكن يقل بالنسبة لى عن الوصول الى القمر ..ولكنى شرفت على منتصف الاربعينات من عمرى وجاء وقت اختيار الكلية التى من المفترض انى سأدخل بها مجال عمل يناسب عمرى دون الخوف من ان يوقف طموحى سن المعاش فكانت كلية الحقوق والتى لم يثنينى تقدمى فى العمر عن ان اعيش حياتى الجامعية فكنت اعيشه بقلب شابة كبقية الطلبة ادخل مسابقات جامعية واحصد الجوائز واحضر جميع مسرحيات الطلبة والصدمة الكبرى اننى لم اجدد بها العقول التى توهمت وجودها بداخل الحرم الجامعى فوجدت طالبات كل ما يهمهن هى ان تجد داخل الحرم الجامعى عريس يقف عنده كل طموحها فهذا فقط ما تنشده من دخول الجامعة ووجدت شباب لايرى فى الجامعة غير فتيات يعبث معهن لم اجد الكثير من من يهتم بالثقافة الجامعية ومن تنحصر افكارهم عن شهادة الليسانس الا ما هى غير شهادة تزين حوائط غرف الجلوس … و مرت سنوات الجامعة وحصلت على شهادة ليسانس الحقوق وتحقق حلم الحصول على الشهادة الجامعية والان يدخل الحلم لطريق الامل ملمارسة مهنة اعشقها مهنة الدفاع عن الحق ونصرة المظلوم والاداء القوى فى المرافعات وحصد النجاحات يوما بعد يوم وانا فى طريقى للوصول لحلمى المنشود اصدمت بطلبات نقابة المحاميين المادية فلم يعاملونى على انى حديثة التخرج كغيرى من الخرجيين فنظروا الى خانة الميلاد ليفرضوا على ضريبة عمر مر بحياتى بلا مبرر يحترم عقلا ومنطقاً ،فطلبوا منى مبلغ كبير ولكى احصل على هذا المبلغ كنت اصل الليل بالنهار فى العمل بكتابة المواد العلمية واوراق المحاميين على الكمبيوتر وفى الاجازة الصيفية الجأ الى تطريز فساتين وطرح الزفاف والسوريهات حتى كدت ان افقد بصرى وتمر الايام ويزيد العمر عاما بعد عام وكلما زاد العمر زاد رسم الدخول للنقابة المحاميين حتى وصلت لسن الخمسين ووصل رسم النقابة الى اثنى عشر الف جنيها فى الوقت الذى كان يعتبر هذاالمبلغ هو المستحيل بذاته ووصلت الى مرحلة اليأس وفقدت شغفى وصبرى واصرارى وعلمت اننى وصلت للباب لن يفتح لى وضاقت حتى استحكمت حلقاتها وكنت اظنها لن تفرج هبط على ملاكى الحارس ليفتح لى باب الامل بطرف اصبعه اخى الاصغر الذى يعيش فى الولايات المتحدة الامريكية كعالم من علماء الهندسة الفضائية ودفع المبلغ المطلوب واخيرا اصبح فى يدى كارنية نقابة المحاميين والدخول الى مرحلة الوحش قد ان اوانه فى بادئ الامر لم اجد اى مكتب محاماة لكى اعمل تحت التدريب لامارس المهنة فكلما دخلت لمكتب نظروا الى تلك العجوز التى تتشبث بأمل يستحقه غيرها من الشباب دون اى محاولة لاثبات ما تمتلكه تلك العجوز من قدرات حتى وقعت فى يد مستغل ارهقنى بالعمل الادارى دون اى مقابل حتى مقابل التنقلات كنت ادفعها من يدى ويدى خاوية لا تملك حتى القليل فتركت العمل معه ودخلت غرفة النقابة لا انظر لاحد وليس لى حديث الا مع الله وانا انظر الى سقف الغرفة بعينين دامعتين واتحدث مع الله ” اعلم انك ستقف بجانبى وستتولى امرى اعلم وايقن انك على كل شئ قدير” وتمر عينى من سقف الغرفة لاحد جدرانها لاجد لافته مطلوب محاميين لمكتب استاذ من كبار اساتذة المحاماة وبها رقم هاتفه فحدثته واخذت منه ميعاد وعرفت ان مكتبه بالقرب من بيتى وذهبت اليه قبل الميعاد فإذا بى برجل وقور صارم وجهه لا يبشر بالبشاشه فامهلنى شهرا واحدا ان اجدت العمل بقيت وان لم اجد خرجت .. فهذا كل ما رجوته فقط مهلة لاثبت لهذا الوجه العابس انى اهلا للعمل واستلمت العمل لاجد ان وراء هذا الوجه العابس سيدا للقانون وقلبا رقيقا طيبا كلما مرت الايام اثبت له قدرتى على العمل وقد كان مكتبه بدائيا غير متطور مازالت اوراق العمل تكتب على الالة الكاتبة فعرفته انى قادرة على الكتابة على جهاز الكمبيوتر واعطانى جهاز اللابتوب خاصته لتصبح فى يدى جميع اوراق المكتب الدعاوى والاستئنافات وصحف النقض وفوق كل هذا خلاصة علم الاستاذ الكبير وهذا ما تعلمت منه المحاماة والحق يقال كان هذا الاستاذ الجليل منبع علم وافر العطاء و لا يبخل لا بالنصح ولا بالعلم و اعترف انى لو عشت ما تبقى لى من عمر اشكره على ما تعلمته منه لن اوفيه حقه ومرت خمس سنوات فى العمل بمكتبه حتى جائنى ملاكى الحارس واهدانى مكتب جميل فى مكان راقى ليكون بداية لاستقلالى فى عالم المحاماة … وما زال الحلم يسرى بداخلى وما زال الامل يشد من ازرى ويأكد لى ان العجز فى الارادة وان العمر ارقام تكسب الانسان وعيا ونضجا ولا عجز الا عجز الارادة