العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

هذه النعمة العظيمة..

0

هذه النعمة العظيمة..

لقد خلق الله عز وجل لنا الحياة منة منه لنا‏، وقدر نعمة الحياة كبير، حيث إنها فرصة للإيمان والعمل الصالح، فكل يوم يعيشه المؤمن فهو غنمية لان المؤمن لا يزداد من الدنيا الا خيراً، وأرشدنا سبحانه وتعالى لما فيه صلاح دنيانا‏، وأمرنا بان لا ننسى نصيبنا منها‏، فنتمتع بها وبطيباتها وبحلها كما أمر الله‏ تعالى، ولا نعدو فوق ذلك‏، فيقول تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ) سورة القصص‏:77، في نفس الوقت لا يضعها في قمة اهتمامه فتحجبه عن الله عز وجل، فالمسلم يحب الحياة لكن لا يلهيه هذا الحب عن حب الحياة الآخرة فهي الحيوان‏، وهي الحقيقة‏، وفيها الخلود.
ولاشك في أن الإنسان غارق في نعم الله عز وجل، يتقلب فيها آناء الليل وأطراف النهار، فكل عرق ينبض في العبد، وكل نفس يتنفسه شاهد بمنة الله عز وجل عليه وفضله، وأنه لا يستغني عن ربه طرفة عين، ومعرفة هذه الحقيقة هي أول طريق الشكر، والإنسان مهما اجتهد في الشكر فهو مقصر فيه، وسبيل قيامه بالشكر أن يعرف أنه عاجز عنه، ويقول تعالى: ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا )، حيث يخبر عن عجز العباد عن تعداد النعم فضلا عن القيام بشكرها.
والعبد يعرف قدر النعمة إذا حرم منها، فمهما كان متمتعًا بالصحة لا يعرف قدر الصحة، فإذا ابتلي بمرض، عرف قدر الصحة، وحسبك أن تسأل نفسك، ماذا لو سلبك الله نعمة البصر ؟ أو نعمة السمع ؟ أو ما هو أقل منها ؟، وكيف ستتمكن من الحياة المستقيمة؟ وهؤلاء العميان والصم والبكم لا شك في كونهم أنقص حظاً من القيام بمصالح أنفسهم ، فأولى بك ثم أولى أن تحمد الله الذي عافاك مما ابتلاهم به، وفضلك على كثير ممن خلق تفضيلا، وانظر لنفسك إذا مرضت كيف تضطرب أمورك، ويختل نظام حياتك، وحينئذ تعرف نعمة الله عليك بالصحة، وليس ما أنعم الله به عليك وعلى جميع العباد إلا محض فضل منه تبارك وتعالى، ولو شاء أن يسلبك ما وهبك لفعل، ولا معقب لحكمه ولا راد لأمره.
وليتذكر الإنسان نعم الله عليه، ويلزم شكرها، فإن الشكر هو سبب زيادة النعم، وحذار حذار من كفر نعمة الله، فإن ذلك خطر ما بعده خطر، قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) سورة إبراهيم:7.
فالحياة نعمة، والعمر نعمة، بل كل لحظة من لحظات العمر نعمة، فساعات الليل والنهار التي تمر بنا نعمة، تمنن الله -عز وجل- بها، فقال -تعالى-: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ . وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ . وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) سورةإبراهيم:32-34، فسخر الله -عز وجل- لنا الليل والنهار من أجل أن نعمرهما بطاعته، فكل يوم يعيشه المؤمن فهو غنيمة، لأن المؤمن لا يزداد من الدنيا إلا خيرًا، وكل نفس من أنفاس عمره فهو جوهرة، يستطيع أن يشتري بها كنزًا لا يفنى لأبد الآباد.
ونبقى مع الآيات القرآنية التي تبين نعمة الحياة، وأن من حرم هذه النعمة سيتمنى لو عادت إليه مرة ثانية، حتى يجتهد في الإيمان، والعمل الصالح، يقول -صلى الله عليه وسلم- مخبرًا عن المفرطين، وكيف يكون حالهم وهم بين طبقات النيران: (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) سورة فاطر:37، يذكرهم الله -عز وجل- أو تذكرهم الملائكة بنعمة الحياة، ونعمة العمر، (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ)، وقد أعذر الله إلى امرئ أجَّله ستين سن، أو سبعين سنة، (وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أرسل إليهم مَن يذكرهم، قيل النذير: المنذر الداعي بدعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
فاطمة عبد العزيز محمد
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد