العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

نسائم الإيمان ومع السيده أسماء بنت عميس

0

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

أسماء بنت عميس بن معد ، وأمها هند وهي خولة بنت عوف بن زهير بن الحارث، وأسلمت أسماء بنت عميس قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بمكة وبايعت وهاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب .

وكانت أسماء بنت عميس وزوجها جعفر بن أبي طالب من السابقين إلى الإسلام منذ أن كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام سرا، وفي الحبشة أنجبت أسماء لزوجها جعفر ثلاثة أولاد هم عبدالله بن جعفر وكان أول مولود للمسلمين في الحبشة ثم محمد وعَون

ومحمد وعون ابنا جعفر بن أبي طالب ، ولم يكن جعفر زوجا عاديا أبدا، فقد كان من أولئك القلّة المميزين الذين يشار إليهم بالبنان أينما ارتحلوا وحيثما حلوا، وكانت أسماء مسرورة بهذا وكثيرا ما كانت تفتخر على صويحباتها بأنها زوجة لجعفر بن أبي طالب.

وكانت السيده أسماء ذات يومٍ مع أم المؤمنين حفصة تتسامران وتتذكران أيام الصبى الجميلة التي قضياها في مكة، وماهو إلا القليل حتى جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستأذن ودخل إلى بيت ابنته حفصة وعندها أسماء بنت عميس، فهلل عمر لرؤية أسماء زوجة الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب .

ورحب بها في يثرب مدينة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بعد غياب ثلاثة عشر عاما في الحبشة، ولكن دقائق الصفاء في تلك الجلسة كانت قليلة جدا، مالبث بعدها أن شاب الجو شيئا من العكر والغضب، فقال لها عمر يا حبشية سبقناكم بالهجرة فقالت لعمري لقد صدقت كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

يطعم جائعكم ويعلم جاهلكم وكنا البعداء الطرداء ، أما لربما أراد عمر من هذا أن يهز الورد ليشم رائحته، فهو يعرف أن أسماء ذات شخصية قوية لاتخاف في الله لومة لائم فهل غيرتها السنون ياترى؟ لا بل يبدو أن السنين زادتها قوة وجرأة وثباتا وثقة بالنفس، هذا ما اكتشفه عمر حين هبّت أسماء واقفة وقالت بحماسة:

والله لأذكرن ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأتته ، وشكت للنبي صلى الله عليه وسلم ما عيّرها به عمر فابتسم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وقال: ” ليس بأحقّ بي منكم له ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان ” رواه البخارى .

فلم تسعها الدنيا من الفرحة فلها ولأخوانها الذين هاجروا إلى الحبشة ثوابا يفوق ثواب عمر وأصحابه المهاجرين إلى المدينة، لها ثواب الهجرة إلى الحبشة وثواب الهجرة إلى المدينة المنورة، هرعت أسماء وأخبرت زوجها جعفر وأخوتها في الله تعالى الذين صحبتهم في الحبشة بقول النبي صلى الله عليه وسلم ففرحوا بذلك فرحا شديدا.

ولم تستمتع أسماء وعائلاتها بهناءة الاستقرار في المدينة المنورة سوى سنة ونصف تقريبا،وبعدهات زوجها جعفر فى غزوة مؤته ، ولكن كيف تلقّت أسماء خبر استشهاد زوجها ومن الذي نقل إليها ذلك الخبر الأليم؟ إنه النبي صلى الله عليه وسلم الرسول العظيم والقائد الرحيم هو من ذهب بنفسه ينعى إلى أسماء زوجها جعفر

وتقول أسماء رضى الله عنها دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي أصيب به جعفر وكنت قد عجنت عجيني وغسلت بَنيّ ودهنتهم أي عطّرتهم، فقال لي: يا أسماء أين بنو جعفر؟ فجئت بهم إليه فجعل يتشمّمهم ويضمّهم وعيناه تذرفان بالدمع، استغربت أسماء فهي لم ترَ النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا من قبل .

فلا بد أن أمرا طارئا ما عساه يكون هذا الأمر الطارئ؟ وجف قلبها عندما خطر في بالها أن مكروها ما حدث لزوجها الحبيب جعفر، سألته بصوت مرتجف: “يارسول الله لعله بلغك عن جعفر شيء؟” فقال بصوت يغالب الدموع: “نعم، نعم ياأسماء لقد استُشهد جعفر في سبيل الله”

فلم تعد قدماها قادرتين على حملها، إنه جعفر زوجها الحبيب والد أولادها الثلاثة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وبكت أسماء كأي زوجة مُحبة لزوجها وبكت أسماء وأمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينهها النبي صلى الله عليه وسلم عن البكاء، فالبكاء على فراق الأحبّة أمر طبيعي وهو رحمة من الله عز وجل .

وعندما توفي عنها جعفر بن أبى طالب ، عرض النبي صلى الله عليه وسلم على أسماء أن تتزوج مرة أخرى فقبلت وكانت السمة البارزة في ذلك العصر هي إقدام الرجال على خطبة النساء الأرامل والمطلقات لإعالتهن ورعايتهن هن وأولادهن، وكان العريس الذى اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس إنه رفيقه وصديقه وخليله هو أبوبكرٍ الصديق رضي الله عنه .

وهل هناك خير من أبي بكر زوجا بعد جعفر، وقبلت أسماء رضي الله عنها وزفّت إلى أبي بكر رضي الله عنه ، وتزوجها ابو بكر الصديق رضى الله عنه وأنجبت له محمد إبن أبى بكر ، ورافقت أسماء بنت عميس أبا بكر بقية حياتها وشهدته وهو يُختار خليفة للمسلمين وكانت له عونا في السراء والضراء إلى أن توفي بعد سنتين ونصف من خلافته .

وكان أبوبكر الصديق يحب زوجته أسماء ويجلّها ويحترمها أيضا، وقد أوصى أن تتولى غسله بعد وفاته فوفّت وصيته وغسّلته وأعانها في ذلك ابنه عبد الرحمن بن أبي بكر ، وعندما توفى أبو بكر ، وبعد أن انقضت عدّتها خطبها علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخو زوجها الأول جعفر بن أبي طالب فتزوجته وأنجبت منه يحيى وعون .

وعلى هذا فإن لأسماء ولدان باسم عون أحدهما عون بن جعفر والآخر عون بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهي أيضا تدعى بأم المحمدين ، وكانت تخدم فاطمة إلى أن توفيت وهي أخت ميمونة أم المؤمنين ، ورافقت السيدة الفاضلة زوجها علي في رحلة جهاده ومعاناته حتى استشهد رضي الله عنه .

ولم تتزوج بعده أحدا، ودّعت السيّدة الفاضلة والصحابية الجليلة أسماء بنت عميس الحياة وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ستين حديثا ، وتوفيت سنة ثمان وثلاثين للهجرة، وقيل بعد الستين عاما .

وعن أسماء بنت عميس قالت: “كنت صاحبة عائشة التي هيأتها فأدخلتها على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، في نسوة فما وجدنا عنده قرى إلا قدح من لبن فتناوله فشرب منه ثم ناوله عائشة فاستحيت منه فقلت: لا تردي يد رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، فأخذته فشربته ثم قال: ناولي صواحبك .

فقلت: لا نشتهيه فقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : لا تجمعن كذبا وجوعا. فقلت: إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه لا أشتهي أيعد ذلك كذبا؟ فقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إن الكذب يكتب كذبا حتى الكذيبة تكتب كذيبة ”

وعن أم جعفر أن فاطمة قالت لأسماء بنت عميس إني أستقبح ما يصنع بالنساء يطرح على المرأة الثوب فيصفها قالت يا ابنة رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة ما أحسن هذا وأجمله إذا مت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلن أحد علي.

وعن ابن عباس قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبة إذ قال: “يا أسماء هذا جعفر مع جبريل وميكائيل مر فأخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا فسلم فردي عليه السلام” وقال: “إنه لقي المشركين فأصابه في مقاديمه ثلاث وسبعون فأخذ اللواء بيده اليمنى فقطعت ثم أخذ باليسرى فقطعت”، قال: فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة آكل من ثمارها.

وقالت أسماء بنت عميس: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الحجة فبينما نحن نسير إذ تجلى له جبريل على الراحلة فلم تطق الراحلة من ثقل ما عليها من القرآن فبركت فأتيته فسجيت عليه برداء كان علي.

وعن أسماء بنت عميس أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء فذكر أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فلتغتسل ثم لتهل” وأيضا عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب ، الله الله ربي لا أشرك به شيئا”

وروي أن أسماء بنت عميس رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب ، فدخلت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن؟ قلن: لا، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار، قال: “ومم ذاك؟” قالت: لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال ، فأنزل الله هذه الآية: ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين ) .

وقيل أنه دخل نفر من بني هاشم ، دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ، فرآهم فكره ذلك، ثم ذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لم أر إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله قد برأها من ذلك” ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: “لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان”

وقال الشعبي: تزوج علي أسماء بنت عميس فتفاخر ابناها، محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، فقال كل منهما: أبي خير من أبيك، فقال علي: يا أسماء اقضي بينهما، فقالت: ما رأيت شابا كان خيرا من جعفر، ولا كهلا خيرا من أبي بكر، فقال علي: ما تركت لنا شيئا، ولو قلت غير هذا لمقتك ، فقالت: والله إن ثلاثة أنت أخسهم لخيار.

وقالت عائشة رضى الله عنها: كان لأسماء بنت عميس علي دينار وثلاثة دراهم فكانت تدخل علي فأستحي أن أنظر في وجهها لأني لا أجد ما أقضيها فكنت أدعو بذلك فما لبثت إلا يسيرا حتى رزقني الله رزقا ما هو بصدقة تصدق بها علي و لا ميراث ورثته فقضاه الله عني وقسمت في أهلي قسما حسنا وحليت ابنة عبد الرحمن بثلاث أواق ورق وفضل لنا فضل حسن.

وعن أسماء بنت عميس قالت: قلت: يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله هذا من الشيطان لتجلس في مركن فإذا رأت صفارة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا ثم توضأ فيما بين ذلك .

فسلام لكى منا يا صحابية رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يا زوجة ذي الجناحين جعفر الطيار يا أم عبدالله بن جعفر الكريم الذي عُد من أجواد العرب وسلام لكى منا يا زوجة الخليفتين أبي بكر وعليّ رضي الله عنكم أجمعين .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد