العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

# قصة يوسف ويعقوب # عليهما السلام

0

# قصة يوسف ويعقوب #

عليهما السلام

لمَّا تَمَكَّنَ مِن إخوةِ يوسُف الحَسَد
حين رَأىَ فى مِرآةِ نَومِهِ
أنَّ الجَميعَ له قد سَجد
فتَلطَّفوا بخِداعِ الأب
الَّذى كان حُبِّهُ ليوسُفُ مِنَ الرَّب
ما لكَ لا تأمنَّا
دعنا نصحِبهُ أماكِنَّا
وسيكونُ دوماً بمأمَنِنا
وشَوَّقوا يوسُف
نرتع ونلعب
وفاقَ مَكرَهُم
مَكرَ الذِئبِ والثَعلب
فلمَّا أصحَروا بهِ أظهروا المَقتَ له
ورموا بِسَهمِ العَداءِ لِمَقَتَلُه
فَانسَلَخَ نهارَ رِفقَهُم
بِحُلولِ ليلَ بُغضَهُم
فصاحَ فيهِم أحَدَهُم
من بقايا الشَّفَقةِ والحُبِّ
أن ألقوهُ فى غيابةِ الجُبِّ
فلمَّا ألقوهُ وقالوا هلك
جاءهُ مَلَكٌ مِن عِندِ من مَلَك
إنَّ اللهَ مُتِمُ ما بِهِ أرسَلك
فعادوا كما الأعْشىَ عِشاءً باكين
وتَحجْجَوا بِحُجَجِ الخائبين
أنْ أكَلهُ الذِّئبُ ونحنُ عنهُ غافلين
وما أنتَ بِمؤمِنٍ لنا ولو كُنَّا صادقين
وقد أكَّدت كَلِمة ( ولو ) أنَّهُم كاذِبين
فلاحتْ سَلامةُ القميصِ
كى يُظْهِرُ الله ما سَوَّلَ لَهُم إبليس
فقال حاكِمُ الفراسةَ
إذ أنَّ لِلأنبياءِ كَياسة
بل سوَّلتْ لكُمْ أنفُسَكُمْ أمراً
وتَعلَموا أنِّى لِفِراقهِ لا أطيقُ صَبراً
فلما وردَ وارِدَ السيَّارة
باعوا صَدَفةَ المَحَارة
وما تَلمَّحوا فيهِ الدُرَّةَ النَيَّارة
ويا عجَباً لِقمرٍ قُومِرَ بهِ
إذ تَفَرَّسَهُ عَزيزُ مِصرَ بِقَلبهِ
فأجلسهُ بإعزازِ
أكرِمى مثواه
فشَغَفَ قلبَ سيِّدَتهِ
لَمَّا اشتَدتْ قواه
فراودَتْه لِما تهواه
فسار بِأقْدَامِ الطَّبعِ فى الغَفلات
فَهَمَّتْ به وهَمَّ بِها
لولا أنْ رأىَ بُرهانَ ربِهِ
فَهَمَّ بِالإفلات
فأرادَ أن يلوذَ بالفرارِ لِما استَبْقىَ
فاتَّجَهَ يُوسُفُ إلى البابِ ، فاستَبَقا
فانبسَطتْ يَد العُدوانِ وامتدَّت
وأمسَكتْ بقَميصِهِ وقدَّت
فَلمَّا بَانتْ حُجَّتهُ فى إبَّان
وشَهِدَ شاهِدٌ مِن أهلِها ، وأَبَان
فراحت تُزَكّيِ مُرادَها بإصرار
لِيَفْعْلَنَّ أو للسِجنِ يختار
فاختارَ السِجنَ حِصناً ودار
ربِّ السِجنُ أحبُّ إليَّا
وما كانَ للعِصيانِ بَغِيَّا
فَلَمَّا ضاقَ قَفصُ الحَصر
مالَ لِمن حان خروجَهُ للقَصر
فتَرَنَّمَ لإحدىَ صاحِبِىَ السِجنِ الَّذى نَجا
اذكُرنى عِندَ رَبِكَ ، فخابَ الرَّجا
فلبِثَ فى السجنِ جَزاءً لِمَا لجا
فلمَّا آنَ أوانَ الفَرج
وحانَ وقتَ الخروجِ فَخَرج
زالَ عنهُ الضِّيقَ والهَلك
وتَجَهَّزَ لِمُلاقاةِ المَلِك
هذا ، ويعقوبُ يفترِشُ فِراشَ الأسىَ
على حُزنِ الحَبيبِ ، وما نَسىَ
لا يستَلِذُ مِنَ النَّومِ سِنَه
وبلغَ من العُمرِ ثمانين سَنه
حتى ذهبَ البصرَ وسَلقتهُ الألسِنه
فلمَّا عمَّ عامَ القحطِ أرضَ كنعان
خرجَ إخوَتَهُ إلى مِصرَ معَ الجيران
لِطَلبِ الميرةِ لِأهلِهِم
فدخلوا عليه فى ظلامِ ظُلمِهِم
فرآهُم المظلومُ بعينِ ، لتُنبِّئنَّهُم
وأخفىَ عليهِم نِعمةَ اقتلوا يوسُف
فأقبلَ عليهِم سائلا
وفى قلبِهِ الدمعُ سايلا
وتَقَلْقَلَ تَقَلْقُلَ الوَاجِد
ليسمعَ أخباراً عن الوَالِد
فقالوا جئنا من أرضِ كنعان
فتَصَدّْق علينا ، إنَّا نراكَ بِإحسان
ولنا شيخٌ يُقالُ له يعقوب
قد أعياهُ الحَزَنْ وأقعَدَهُ اللُّغوب
فانتَفضَ وجدَهُ على الحبيبِ وشَغَلَهُ
ولكِنَّه كفَّ شأنَهُ عَمَّا شَغَلَهُ
ثُمَّ أمَرَهُم بِإحضارِ أخاه
قالوا سنُراودُ عنه أباه
فاحتالوا بحُجةِ ، مُنِعَ مِنَّا الكيل
فلمَّا حملوه إليه حال بينَهُم بِالحَيل
ومالَ إلى أخيهِ كُلَّ المَيل
وما أرادَ منهُم ثأراً ولا نَيل
وجعلَ السقايةَ فى رَحلِ أخيهِ
بَغياً أن يُبقيه
وفى وقتِ الإتِهامِ أُذَّنَ بالنَّفير
أيَّتُها العير
نفُقِدُ صواعَ الملِك ولِمن جاءَ بِهِ حِملُ بَعير
فلمَّا أخرَجَهُ مِن رحلِ أخيهِ
قالوا قد سرقَ مِنْ قبلُ أخٌ من أبيهِ
فكَظَمَ الحُزنَ فى صَدرهِ ولمْ يُبديهِ
فعادوا لِأبيهِم بشجنٍ ودَمعِ التَّرح
وقَرحٌ يُدْمى قديمَ الجَرح
فقامَ وقدْ تَقوَّسَ
وتحاملَ على بابِ ، وعسىَ
ثُمَّ تَلَطَّفَ بلُطفِ ، لا تقنَطوا
وبَعثَهُم برسالةِ ، فتَحَسَّسوا
فلمَّا رجعوا دخلوا من أرضٍ قفر
مُزمِعينَ إدِّعاءِ الفَقر
وراحوا يَرقُبون ما أصابهُ مِن شَر
فما وجدوهُ مُغَلَّلاً بل طَليقاً حُر
فلمَّا عرفوهُ اعترفوا
فقالَ لا تثريبَ لِما اقترفوا
فرفعَ مِنَ تلكَ المَوائِد
نصيبَ الوالِد مِنَ الفَوائد
أذهبوا بقميصى ، فهَبَّ نَسيمُ الفَرْح
فاشتَمَّ ريحَهُ فَذَبُلَ الجَرْح
فخرَّ رُكامَ الزُكامِ عن مِنْخَرِ الضُّر
واستَشَعَرَ قُربَهُ بعدَ الفِراقِ المُر
إنِّى لأجِدُ ريحَ يوسُفَ
مِن أمامى تَمُر
فلمَّا أن جاءَ البَشير
وألقى عليهِ القميصَ النَّمير
فكَشَفَ عنهُ الوَجدْ
ورُدَّ بصَرهُ رَدْ
بقلم / ممدوح العيسوى
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد