نسائم الإيمان ومع أم أبان بنت عتبه بن ربيعه
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
أم أبان بنت عتبة بن ربيعة وهي أم أبان بنت عُتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف وكان أبوها عتبة بن ربيعة العبشمي القرشي الكناني سيد عبد شمس ووجيه من وجهاء مكة، ومن حكماء قريش، وشخصية بارزة عند ظهور الإسلام، ويلقب بالعدل لأنه يعدل قريش كلها بالحلم والرأي السديد، وقد كان أوقف حرب الفجار، وكان فرسان مكة لما قدموا غزوة بدر قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إن يكن في القوم خير فعلى صاحب الجمل الأحمر، يقصد عتبة، وقد كان آوى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في بستانه إذ طرده أهل الطائف وكان احد شرفاء قريش والعرب .
والسيده أم أبان هى خالة معاوية بن أبي سفيان، وهو أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي، وهو من أصحاب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأحد كتّاب الوحي، وهو سادس الخلفاء في الإسلام ومؤسس الدولة الأموية في الشام وأول خلفائها، وقد ولد بمكة وتعلم الكتابة والحساب، وأسلم قبل فتح مكة، ولما استُخلف أبو بكر الصديق، ولاه قيادة جيش تحت إمرة أخيه يزيد بن أبي سفيان، فكان على مقدمته في فتح مدينة صيداء وعرقة وجبيل وبيروت، ولما استُخلف عمر بن الخطاب جعله واليا على الأردن، ثم ولاه دمشق بعد موت أميرها يزيد بن أبى سفيان.
ثم ولّاه عثمان بن عفان الديار الشامية كلها وجعل ولاة أمصارها تابعين له، وبعد حادثة مقتل عثمان أصبح علي بن أبي طالب الخليفة فنشب خلاف بينه وبين معاوية حول التصرف الواجب عمله بعد مقتل الخليفة عثمان إلى أن اغتال ابن ملجم الخارجي عليًا فتولى ابنه الحسن بن علي الخلافة ثم تنازل عنها لمعاوية عام واحد وأربعين من الهجره، وفق عهد بينهما، فأسس معاوية الدولة الأموية واتخذ دمشق عاصمةً له، وكانت السيده أبان أمها هي خناس بنت مالك بن مضرِّب بن عمرو بن حُجير بن عبد بن مَعيص بن عامر بن لؤي القُرشية، ولها من الإخوة من جهة والدها الصحابي أبو حذيفة بن عتبة.
وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشي هو صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، وقد استُشهد في معركة اليمامة، ولها من الإخوة من جهة أُمها الصحابي مصعب بن عمير، وأبو عبد الله مصعب بن عمير العبدري وهو صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، ومبعوث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، للدعوة إلى الإسلام في يثرب بعد بيعة العقبة الأولى، وحامل لواء المهاجرين في غزوتي بدر وأحد، وفي غزوة بدر حارب في جهة المشركين والدها عتبة بن ربيعة، وعمها شيبة بن ربيعة، وقد قتلا في معركة بدر أثناء المبارزة الشهيرة التي كان بطلاها أسد الله حمزة بن عبد المطلب.
وفتى الإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وقد كان مقتله هو وأخوه عتبة على يد علي وحمزة يوم بدر، وهو والد الصحابية رملة بنت شيبة، وأخيها من أبيها الوليد بن عتبة، وأخيها من جهة أُمها أبو عزيز زُرارة بن عمير بن هاشم، وخالها أبو خُناس شيبة بن مالك بن مضرب، وحارب في جهة المسلمين مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في ذات الغزوة عمها الصحابي معمر بن الحارث بن معمر وهو أخ والدها من أُمّهما هند بنت المضرب، وحارب أيضًا في صف النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في غزوة بدر أخيها من أبيها الصحابي أبو حذيفة بن عتبة.
وأخيها من جهة أُمها الصحابي مصعب بن عمير، وخالها الصحابي عبد الله بن سهيل وهو أخ والدتها خناس بنت مالك بن مضرِّب من جهة أمهما حبي بنت قيس بن ضبيس بن ثعلبة الخزاعية، وبذلك تكون أم أبان المرأة الوحيدة التي شهد أخويها غزوة بدر مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأخوين آخرين مع المشركين، وشهد عمها غزوة بدر مع النبي وعمها الآخر مع المشركين، وأحد أخوالها شهد بدر مع النبي وخالها الآخر مع المشركين، وكانت بالشام مع زوجها أبان بن سعيد بن العاص فقُتِل عنها بأجنادين، وعادت إلى المدينة، وهو أبان بن سعيد بن العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي.
أبو الوليد الأموي، وهو الذي أجار عثمان بن عفان يوم الحديبية حين بعثه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رسولاً إلى مكة، وهو ابن سعيد بن العاص وهو من أكابر قريش ومن الصحابة الأجلاء، وكان أبان له سبع أخوة اثنان أسلما قبله وهما خالد بن سعيد وعمرو بن سعيد واثنان ماتا علي دين الجاهلية وهما العاص بن سعيد وعبيدة بن سعيد وقد قتلا في غزوة بدر ولا يعرف الباقين، واسم زوجته فاطمة بنت صفوان الكنانية قال ذلك بن إسحاق، وهو ابن عمّة أبو جهل، وقد أسلم أبان بعد خصومة شديدة للإسلام وهاجر إلى المدينة، وقد استعمله الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، سنة تسعه من الهجره، علي البحرين
ومات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو والى عليها، فآلى على نفسه ألاّ يكون عاملا لأحد بعد ذلك، ولما قدمت من الشام خطبها من العشرة المبشرين بالجنة أربعة هُم الخليفة عمر بن الخطاب، والخليفة علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، فاختارت طلحة، فتزوجها، وطلحه بن عبيد الله هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده، وقال عنه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه شهيد يمشي على الأرض فقال الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، : “من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله “.
وقد أسلم طلحه مبكرًا، فكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وهاجر إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، وشارك في جميع الغزوات في العصر النبوي إلا غزوة بدر حيث كان بالشام، وكان ممن دافعوا عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في غزوة أحد حتى شُلَّت يده، فظل كذلك إلى أن مات، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: ” هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راض “، وبعد مقتل عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبًا بالقصاص من قتلة عثمان فقُتل في موقعة الجمل.
فكان قتله في رجب سنة ست وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستون سنة، وقيل اثنان وستون سنة، وكان لطلحة أحد عشر ولدًا وأربع بنات، وكان يُسمّي أبناءه بأسماء الأنبياء، فمنهم محمد بن طلحة السجاد وعمران بن طلحة وموسى بن طلحة وعيسى بن طلحة، وغيرهم، وعن موسى بن طلحة بن عبيد الله ، قال : خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، فأبته فقيل لها : ولم ؟ قالت : إن دخل دخل ببأس ، وإن خرج خرج ببأس ، قد أذهله أمر آخرته عن أمر دنياه ، كأنه ينظر إلى ربه بعينيه ، ثم خطب الزبير بن العوام ، فأبته ، فقيل لها : ولم ؟ قالت : ليس لزوجته منه الإشارة في قراملها.
ثم خطبها علي، فأبت، قيل لها : ولم ؟ قالت : ليس لزوجته منه إلا قضاء حاجته ، ويقول : كيت وكيت، وكان وكان، ثم خطبها طلحة فقالت : زوجي حقا، قالوا : وكيف ذاك ؟ قالت : إني عارفة بخلائقه إن دخل دخل ضاحكا، وإن خرج خرج بساما، إن سألت أعطى، وإن سكت ابتدأ، وإن عملت شكر، وإن أذنبت غفر، فلما أن ابتنى بها، قال علي : ” يا أبا محمد، إن أذنت لي أن أكلم أم أبان ؟ ” قال : كلمها، قال : فأخذ بسجف الحجلة ثم قال : ” السلام عليكم يا عزيزة نفسها ” قالت : وعليك السلام.
قال : ” خطبك أمير المؤمنين فأبيتيه ” قالت : قد كان ذلك، قال : ” وخطبك الزبير ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحد حواريه فأبيت ” قالت : وقد كان ذلك، قال : ” وخطبتك أنا وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأبيت ” قالت : وقد كان ذلك، قال : ” أما والله لقد تزوجت أحسننا وجها ، وأبذلنا كفا ، يعطي هكذا وهكذا .