العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

جراجوس قلعة الخزف بجنوب مصر شاهد على تاريخ مصر

0

كتبت فاطمة حساني
من قديم الأزل ومن عهد الفراعنة والمصريين يهتمون بالصناعات اليدوية و بخاصة الحرف اليدوية التقليدية والتي من أهمها صناعة الخزف و التي ظهرت في الحياه المصرية مع العصر الحجري
ومصر من أقدم الدول التي شهدت صناعة الخزف وقامت بتطويرها علي مر العصور وفي جميع محافظاتها ..

والجدير بالذكر قرية جراجوس التابعة لمركز قوص محافظه قنا ؛ والتي تقع في مكان متميز عن باقي القرى حيث شمالاً قنا التي يوجد بها معبد دندرة ؛ وجنوباً الأقصر التي يوجد بها معبد الأقصر ؛ وغرباً نقادة ؛ وشرقاً حجازة ..

السؤال المتداول لما تم اختيار جراجوس دون القرى الأخرى ؟؟ سر هذا السؤال يكمن في اهالي القريه وكرمهم ومعاملتهم الحسنة وطموحهم لرقي وسمو قريتهم ..

مصنع خزف جراجوس تم تشييده عام 1948 ميلادية على مساحة تبلغ 323 متر وليس نصف قدام كما يقال لان يوجد طرقات مشاركه بين المصنع وباقى المباني داخل السور الخارجي ؛ ويتكون المصنع من 4 لوطات يتم داخلهم العمل ؛ تم تشييده على يد المهندس المعماري القدير حسن فتحي ؛ قام بتصميمه بنظام القباب لتحمل حرارة الجو القاسية بصعيد مصر أثناء العمل ؛؛ وكان صاحب فكرة بناء المصنع مسيو لوفرية أحد أفراد البعثة الأثرية وتحمس لها الأب الفرنسي اسطفيان دي مونجولوفيه ؛ وكان الهدف من إنشاء المصنع تعليم اهالي القريه حرفه بجانب الزراعة التي كانت حرفة رئيسيه في ذلك الوقت .. وبدأ بتعليم الحرفية لـ 4 شباب من القريه واستئجاه المكان من الكنيسة الكاثوليكية وبعد ذلك أصبح المصنع اهم قلاع الصناعة الشعبية واطلع عليه العالم بأكمله نظراً لجودة منتجاته ذات الطابع المتميز .. واقيم اول معرض له بالقاهرة في ذلك الوقت ..

وكان المصنع ينتج أواني المطبخ بجميع انواعها كما أن كانت النساء في البلدة تعمل لصناعة الغزل والنسيج ، والسجاد ، والطرح ، والاكسسوارات ؛ وكان المصنع يضم هذه الأعمال أيضا ضمن مبيعاته في المعارض والأسواق ..

كما شهد المصنع العديد من الملوك والرؤساء والمشاهير والمثقفين والشعراء مثل ملك وكلمة السويد اللذان لهما صوره علي جدار الحائط منذ زيارتهما للمصنع عام 1986 ميلاديا ؛ والشاعر عبد الرحمن الابنودي الذي كان دائم التردد على المصنع هو وأسرته ؛ والفنانة فاتن حمامة ؛ والفنان صلاح مجاهد

لم ينمو النبات بدون اهتمام ومراعاته له !! كذلك مصنع خزف جراجوس يرجع نهوضه إلى الحرفيين والفنانين الذين يعملون به ؛ ومن امهر الحرفيين في المصنع اسحاق يوسف ، فواز سيدهم ، حبشي كامل حبيشي ، نصير رنان بخيت ، عبد المسيح فهمي ، وكذلك ألف الأب وليم سيدهم كتاب يروي رحلة القرية مع الفخار ، كما أن يحتوى الكتاب على صور نادرة لبناء المصنع ، وصور الفراعنه وايضا اله الفخار وخالق البشر ‹خنوم › في النقوش علي هيئه شخص جالس علي عجله التي تشبه الآلة التي يستخدمها صانع الفخار ، والتي يسير عليها الصانع ويتخذها في تشكيل قطعه الطين ..

ولم يكتف الاب اسطيفان بعمل مصنع الخزف فقط ولكنه قام بعمل مشاريع كثيرة لنهضة القرية مثل ورشة النجارة ، وورشة حدادة ، مصنع سجاد وموتور يسقي المزارع ، ومدرسه الأقباط الكاثوليكية الراقيه حتى الآن التابعة لجمعية الصعيد ، مصنع الخزف الذي على وشك الدمار !!

وتداول الاسئله الي بطريرك الأقباط الكاثوليكية أين هذه المشاريع الكثيرة وما سبب اختفائها ؟!
و نكمل الحديث عن قرية جراجوس مصنع الخزف تحديدا وكيف يتم به التصنيع ؛ وكيف تتميز منتجاته عن باقي المصانع في جميع أنحاء الدولة..

يقول ‘ اسحاق يوسف ‘ الذي يبلغ من العمر 56 عاماً ؛ أحد النحاتين في المصنع الذى مارس المهنة منذ نعومة أظفاره حيث كان يعمل به أبيه من بداية تاريخه وأخذ المهارة عنه
وقال إنهم يعتمدون على خامة *الطين الأحمر* في منتجاتهم الخزفية، التي لا يتم خلطها بأي مواد أخرى، بالإضافة إلى أننا نقوم بتشكيل رسومات معينة تسمى منتجات جراجوس، لا ينافسنا فيها أحد، ولا نستخدم سوى اللونين الأزرق والأخضر في عملنا، بالإضافة إلى أن كل منتجاتنا تعبر عن البيئة المحيطة، مثل النباتات والعصافير والأسماك وأواني الطعام التي تتناسب مع البيئة المحلية، وهي تعبر عن التراث..

كما قال أيضاً لـ « رؤيه مصريه » عن ما يتم داخل لوطه التصنيع حيث يبدأ بـ جلب الطين الأسوانى، ومروره خلال موتور يكسر ، ومن ثم غربلته ليسقط بعد ذلك فى أحواض من المياه تبلغ مساحتها 4 أمتار طولاً و30 سنتيمتر ارتفاعاً ، ليسقط فى أسفل الحوض بينما تطوف الشوائب على سطح الحوض ، وجمع الطين من الأحواض بعد سحب المياه منها وتركها لمدة شهر او عده اشهر حتى تتبخر منها المياه ليتم وضعها بعد ذلك فى غرفة التخزين وتغطيتها بقطع من الخيش التى ترش بالمياه يومياً حتى يكون سهل التشكيل ؛ بعد ذلك ليدخل فى المرحلة الثالثة وهى التشكيل حيث يتم نقلها إلى المصطبة داخل الورشة ، ويتم اقتطاع مربعات يصل وزنها إلى 25 كيلو لبدء العمل بها، ويتم تدليكها باليد لمدة ساعة حتى تصبح قابلة للتشكيل، ثم يتم نقلها إلى الدولاب لتشكيل المنتجات المختلفة منها، أما عن الآلات المستخدمة في صنع المنتجات، فنستخدم قوالب مصنوعة من الجبس ، ونحن من نقوم بتصنيع هذه القوالب بأنفسنا لتتناسب مع المنتجات التي نقوم بتصنيعها بالإضافة إلى أدوات من البيئة المحيطة ؛؛ اما المرحلة النهائية وهى التلوين .. ثم يكتبوا اسم قريتهم «جراجوس» بأحرف من ذهب على المنتجات التى يقتنيها السائحون أثناء زيارتهم إلى مصر ..

وقال أيضا ” أننا نقوم بعمل معارض خاصة في القاهرة والإسكندرية، بالإضافة إلى بازار في الأقصر لعرض منتجاتنا، لكن البازار تم هدمه ضمن أعمال التطوير بالأقصر، وفي أعقاب الثورة وانهيار القطاع السياحي أصبحنا نعاني بشدة “

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد