العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي ورئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين يتحدث عن فقه القوامة

0
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه القوامة
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
الرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بكمبوديا
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بأمريكا
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس )
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الفخري للمركز الدولي الفرنسي للعلماء والمخترعين
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
نائب رئيس المجلس العربى الافريقى الاسيوى
مما لاشك فيه أن هناك صفة فُقِدَتْ في كَثيرٍ مِن البُيوت -إلّا مَن رَحِمَ الله-، عَن صِفَةٍ جعَـلَهَا اللهُ -تعالى- مِيزَانًا دقيقًا تُمُتَحَنُ به رُجولَةُ المَرْءِ في بَيتِهِ ومَعَ أهلِهِ، إنّها: صِفَةُ “القَوَامَة”. يقولُ ربّنا -سُبحانه-: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ﴾، وقال -جلّ وعلا-: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾.
اليَوْم.. إذا ذَكَرتَ قوامة الرّجُل على المَرأة.. كثيرٌ من النّاسِ يَنصَرِفُ ذهنُهُ مُباشرةً إلى النَّفقَة المَادِيّة، وبالرَّغم مِن كَوْن النَّفقةِ جُزءً مُهِمًّا مِنَ القَوَامَة -فقد قال صلَّى الله عليه وسلّم: “كفى بالمرء إثمًا أن يُضيّعَ مَن يَقُوت”[أبو داود]- إلّا أنّها ليْسَتْ وحدَهَا هِيَ القَوَامَة، وإذا تحدَّثتَ عن درجَةِ فضل الرّجال على النَساء، مِنَ النّاسِ مَن ينصرفُ ذهنهُ إلى قُوَّةِ البدَن، ومِنهُم مَن ينصرِفُ ذهنُهُ إلى فضله على المرأة في الميراث والجهاد والولاية ومَا شابَهَ ذلكَ مِن الصّفات.
بينما يُخبرُنا المولى –جلّ جلاله- في هذه الآيات عن قانونٍ لو فَهِمَهُ كلُّ رجُلٍ ولو فهمته كلُّ امرأة لاسْتَقَرَّتْ به كثيرٌ مِنَ البُيُوت، ولَقَلّت به كثيرٌ من مَظاهِر الخلاف والخِـصام بين الأزواجِ، ولَمَا كان لأحَدِ الزَّوجَـيْنِ أن يَظلمَ الآخر في ظِلّ هذا القانون الرّبّانيّ الحكيم.
فهل تعلمُ أنَّ الدّرجةَ التي جعَـلَها اللهُ لك على زوجتك في هذه الآيةِ هي درجةُ الصّبرِ والتّحمُّل والتّنازُل عن بعض الحُـقـوق؟!. يقول الطّبريّ -رحمه الله-: “الدّرجة التي ذكَرَ اللهُ في هذا الموضِعِ: الصّفحُ من الرّجلِ لامرأتِهِ عن بعضِ الواجبِ عليها، وإغضاؤُهُ لها عَنْهُ، وأداءُ كُلّ الواجبِ لها عليه..” [جامع البيان عن تأويل آي القرآن]. فالمطلوبُ مِنَ الرَّجُلُ أن يتحمّلَ أكثرَ مِمَّا تتحمّلُ المَرأةُ، فيعفو ويصفَـحُ إن هي قصّرت في بعض واجباتها، ويَتغافلُ ويغُـضُّ الطّرفَ عن كثيرٍ مِن عُيوبِهَا وسَلبيّاتِهَا، وفوقَ ذلكَ هو مُطالبٌ بأن يَقُومَ بكلّ واجباتِهِ الشّرعيّةِ تِجَاهَهَا.
إذا فهم الزّوجُ ذلك.. عَلِمَ أنّ هذه الدّرجَةَ هِيَ درجَةُ تكليفٍ لا تشريفٍ، عَلِمَ أنّها دَرَجَةٌ لا ينالُها إلّا بصبرِهِ عليها، وصفحِهِ عنها، وتحمُّلِهِ لما يكونُ منها من اعوجاج، وتنازُلِهِ عن كثيرٍ من الأمور في سبيل استمرار العِشرَة الزّوجيّةِ.
بل إنّ ربّنا يُطالبُهُ بأكثَرَ مِن ذلك، فيقولُ لَهُ قَبلَ ذِكْرِ هذِهِ الدّرَجَة -يقولُ له-: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، فيُعلّمُ الأزواجَ أنَّ مَن هَمَّ بمُطالَبَةِ زوْجَتِهِ بحَقٍّ مُعيَّنٍ مِن الحقوق؛ يجبُ عليهِ -أوّلا- أن يكونَ قائمًا في المُقابِلِ بحقّها الذي أوجَبَهُ اللهُ عليه، فإذا طالبَهَا باحترامِهِ، فالواجبُ عليه أن يحترِمَهَا ولا يُهينَها بقولٍ أو يحتقرَهَا بفِعْل، وإلاَّ كانَ مُعتَدِيًا ظالمًا، وإذا طالبها بطاعَتِهِ، فالواجِبُ عليْهِ أن لا يأمُرَها إلاَّ بالمعروفِ المُستطاعِ فعلُه، فلا طاعة له في مُنكَرٍ ولا مُحرّمٍ ولا في ما لا يُستَطَاعُ.
وهكذا – مَا مِن حَقٍّ للزَّوجِ إلّاَ ويسبِقُهُ ويُصَاحِبُهُ قيامٌ بواجب. فَهِمَ الصّحابَةُ هذا الأساسَ القرآنيَّ العظيم؛ فاستقامَت لهُم حياتُهُم الزّوجيّة، وعاشوا السّعادَةَ بأتمّ معنى الكلمة. روى الإمامُ الطَّبريُّ عن ابن عباسٍ -رضي الله عنه- قال: “إنّي لأتزيّنُ لامرأتي كما أحبُّ أن تتزيّنَ لي” [جامع البيان للطبري]. فها هو -رضي الله عنه- يُطبّقُ هذه القاعدَةَ القرآنيّةَ في قضيّةٍ لا تخطُرُ على بال كثير من الأزواجِ، وهي التَّزيّنُ للزَّوجَة، فمن باب أولى أن نجدَهُ يُطبّقُها في قَضيّةِ عِفّةِ الفَرجِ واللّسانِ واليَدِ، وفي حُسنِ العِشرَةِ وكَفّ الأذى والظُّلم؟!.
عباد الله: إنّ النَّاظِرَ في واقِعِ الأزواجِ اليَوْمَ، يَجدُ الكثيرين مِنهُم فِي غفلَةٍ تامّةٍ عمَّا بَيَّنَّا وقُلنا، بل إنّ كثيرًا مِنَ الأزواج اليوم يُريدُ أن يَعلُوَ على زَوْجتِهِ درجَةً في مُخالفَتِهِ للشَّرع، فيسْمَحُ لِنفسِهِ بخيانَةِ زَوجَتهِ بالتَّواصُلِ مَع الأجنَبيّات، وربّما يَصلُ بِهِ الأمرُ إلى مُصاحَبَةِ الفاسِداتِ واتّخاذ الخليلات، بينما لِسَانُ حَالِهِ ومَقالِهِ مَع زَوْجَتِهِ: “كُونِي صَحَابِيّة”، فيُريدُ أن لا يُحادِثَها أحَدٌ، وتجِدُهُ يَتَجَسَّسُ علَيْهَا، وَيَشُكُّ في تَصَرُّفاتِهَا، ويَرتَابُ في أمْرِهَا، وكأنّ الأمْرَ حَلالٌ عليْهِ حَـرَامٌ عَلَيْهَا، فَدِينُهُ مَعها هو ما قرّرَهُ العُـرف لا الشّرع، العُرف الذي قرّر بأنَّ خيانَةَ الزّوْجِ أمرٌ قد يُغتَفَر، وأنّ خيانَةُ الزّوجَةِ جريمةٌ لا يُمكِنُ أن تُغتفرَ أبدًا، ﴿أَلَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾.
.. إنّ ربَّنا عندمَا جَعَلَ للرّجُلِ درجَةً على المَرأَة، وحِينَمَا أسنَدَ لَهُ أمْرَ قوَامَتِهَا، فإنّهُ لم يُكَلّفْهُ ما لا يُطِيق، بل أَوْدَعَ فِيهِ مِن الصّفاتِ مَا يُمَكّنُهُ مِن أن يَسُوسَ امرأتَهُ وأهلَ بَيْتِهِ، فيكونُ هو المُدبّر فيه والمُسَيّرُ لَهُ والمسؤول عليه.
وإنّ ما نَراهُ في زمَنِنَا مِن تحكُّم النّساء في كثير من الرّجال، حتّى أصبَحَت المرأةُ هي الآمرة النَّاهِيَةُ في كثيرٍ مِن البيوت، وليتها تأمُرُ بالمعروف وتنهى عن المُنكر، ولكنَّها تأمُرُ بالمُنكر وتنهى عن المعروف، ففي أعراسنا الكلمَةُ كلمَةُ النّساء، وفي ما تلبسُهُ بناتُنا وزوجاتُنا هو ما يَرُوقُ للزَّوجَةُ وما تَشتَرِيهِ وتبيعُهُ النّساء، تجدُ مِن الزّوجات مَن تأمرُ زوجها بجمع المال ولو بالكسب الحرام لتلبّي رغباتها فيطيعها، وتجدُ مِن الأزواج مَن يسمعُ لزوجته في كلَّ صغيرة وكبيرة، فَتَسُوءُ علاقتُهُ بوالديه وإخوانه وأرحامه لأجلها. وما هذه المظاهر التي نُعايُنُهَا ونُعانِيهَا إلَّا بسبَبِ تخَلّي الرّجل عن قوامته على بيْتِهِ وأهلِه.
إنّ تخلّي الرّجل عن قوامته هو ممّا يقدحُ في رُجُولَتِه، ألا يقدحُ في رُجولة الزّوج انعدامُ الغيرةِ في ما يتعلّقُ بلباسِ بناتِهِ وأهلِ بَيْتِه؟!، فلا يَعنِيهِ أن تخرُجَ ابنتُهُ للجامعّةِ والمدرسة كاشِفَةً عَوْرَتَها للنَّاس، ونبيُّنا -عليه الصّلاة والسّلام- أعلَمَنا أنّ مِن أهلِ النّارِ: “نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، مائلاتٌ مُمِيلاتٌ، رؤوسُهُنَّ كأسنِمَةِ البُختِ المائلة -كسنام البعير- لا يَرِدْنَ الجنَّةَ ولا يجِدْنَ ريحَهَا، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام”، والرّجُلُ المُؤمِنُ مُطالَبٌ بأن يَقِيَ نفسَهُ وأهلَهُ النّار، ألم يقل ربُّنا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾؟.
فلْيَحذَرِ الزَّوجُ مِن أن يَنجَرِفَ مَع هوى زوجَتِهِ في ارتداءِ الملابِسِ الشّفّافةِ أو الضَّيّقة، وعليه أن يمنعها من اقتنائها، ولا يأذَنَ لها في أن تُلَبِّسَ بناتِهَا تلك الملابس القبيحة شرعًا وعقلاً، قال الحسن -رحمه الله-: “والله ما أصبح اليوم رجلٌ يُطيعُ امرأتَهُ فيما تَهوى إلَّا كَبَّهُ اللهُ في النَّار”.
وإنّ ممّا يقدح في رجولة الرّجل وضعف قوامّتِهِ أن يُلقِيَ للزَّوجَةِ الحَبلَ على الغارِب، تخرجُ مَتَى تشاءُ، وتعُودُ مَتَى تَشاءُ، حتّى أصبحنا نسمَعُ عن رَحَلَاتٍ نِسَائيّةٍ إلى المُدُن السَّاحليَّة، تَبيتُ فيها الزّوجَةُ أو البنتُ أيَّامًا ولَيَالِيَ بعيدَةً عن زَوْجِهَا وأهلها، وتتجَوَّلُ كيفَمَا تشاءُ وتتصرّفُ كما تُريد، لا مَحْرَمَ يُرافِقُها، ولا ضَرُورَةَ إلى ذلكَ تُلجِئُها -والله المُستعان-.
إنّ هذه انتشار هذه المظاهر وعدم انشغالَ الرَّجُلِ بِهَا يدُلُّ على فُقدَانِ الغِيرَةِ وضُعف القَـوَامَة، وإنّ ذلك يفتح من الشُّرُور على مجتمعنا وبلدتنا ما الله به عليم، لذا نجدُ أنّ شريعَتَنَا قد وضعت كلّ واحدٍ مِنَّا أمامَ مسؤوليَّاتِهِ، فقالَ نبيُّنا -صلَّى الله عليه وسلَّم-: “كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها” [البخاري]، ويقول: “إنّ الله سائلٌ كل راع عمّا استرعاه، حفظ أم صيّع؟، حتى يُسأل لرّجُلُ عن أهل بيته” [النسائي]
هذه تذكرةٌ لي ولكم لعلّ الله ينفعُ بها أو بشيء منها، وإنّي أهنَيءُ كثيرًا من الأزواج لوجودِ هذه الفضيلة في أخلاقهم، وأعزّي كثيرًا من الأزواج لفواتِ هذه الفضيلةِ من أخلاقهم.
نسألُ اللهَ التّوفيقَ إلى ما يحب ويرضَى، اللهُمَّ حَبّبْ إليْنا الإيمان وزيّنهُ في قُلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
 

 
 
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد