العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  يتحدث عن تفسير سورة الزخرف

0
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي  يتحدث عن تفسير سورة الزخرف
بقلم \ المفكر العربي الدكتور  خالد محمود عبد القوي  عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
فسره الإمام الزركشي من سورة الزخرف
﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الزخرف: 3]
قوله تعالى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ﴾، أي صيّرناه يُقرأ بلسان عربي؛ لأن غير القرآن ما هو عبري وسرياني، ولأن معاني القرآن في الكتب السالفة، بدليل قوله تعالى ﴿ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴾[1]، ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ﴾ [2].
وبهذا احتج من أجاز القراءة بالفارسية، قال: لأنه ليس في زُبُر الأولين من القرآن إلا المعنى، والفارسية تؤدي المعنى، وإذا عُرِف هذا فكأنه نقل المعنى من لفظ القرآن فصيره عربيًا.
وأخطأ الزمخشري حيث جعله بالخلق[3]، وهو مردود صناعةً ومعنى، أما الصناعة فلأنه يتعدى لمفعولين، ولو كان بمعنى الخلق لم يتعد إلا إلى واحد، وتعديته لمفعولين -وإن احتمل هذا المعنى- لكن بجواز إرادة التسمية أو التصيير على ما سبق، وأما المعنى فلو كان بمعنى “خلقنا التلاوة العربية” فباطل؛ لأنه ليس الخلاف في حدوث ما يقوم بألسنتنا، وإنما الخلاف في أن كلام الله الذي هو أمرُه ونهيه وخبره، فعندنا أنه صفة من صفات ذاته وهو قديم.
وقالت القدرية: إنه صفة فعل أوجده بعد عدمه، وأحدثه لنفسه، فصار عند حدوثه متكلما بعد أن لم يكن، فظهر أن الآية على تأويله ليس فيها تضمن لعقيدته الباطلة.
وقال الآمدي[4] في “أبكار الأفكار”: الجعل فيه بمعنى التسوية[5]، كقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ﴾ [6]، أي يسمُّونه كذبًا.
قال: ويحتمل أن الجعل على بابه، والمراد القرآن بمعنى القراءة دون مدلولها، فإن القرآن قد يطلق بمعنى القراءة، ومنه قوله ع: «ما أذن الله لشيء إذنه لنبي يتغنى في القرآن![7] أي بالقراءة.
وقال بعضهم: قاعدة العرب في الجَعْل أن يتعدى لواحد، وتارة يتعدى لاثنين؛ فإن تعدى لواحد لم يكن إلا بمعنى الخلق، وأما إذا تعدى لاثنين فيجيء بمعنى الخلق، كقوله تعالى﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْن ﴾ ِ[8]، وبمعنى التسمية: ﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا ﴾ [9]، ﴿ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِين ﴾ َ[10]، ويجيء بمعنى التصيير، كقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ [11]، أي صيرناهما.
إذا علمت هذا فإذن ثبت أن الجعل المتعدي لاثنين ليس نصًا في الخلق، بل يحتمل الخلق وغيره، ولم يكن في الآية تعلق للقدرية على خلق القرآن؛ لأن الدليل لا بد أن يكون قطعيًا لا احتمال فيه، ويجوز أن يكون بمعنى الخلق على معنى: جعلنا التلاوة عربية.
قلت: وهذا يمنع إطلاقه؛ وإن جوزنا حدوث الألفاظ؛ لأنها لم تأت عن السلف، بل نقول: القرآن غير مخلوق على الإطلاق[12].
﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾
قال القاضي أبو المعالي عزيزي بن عبدالملكرحمه الله: وسماه -أي القرآن–عليًّا، فقال: ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [13].
وقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَاب ﴾ِ، فإن حقيقته أنه في أصل الكتاب، فاستعير لفظ “الأم” للأصل؛ لأن الأولاد تنشأ من الأم كما تنشأ الفروع من الأصول، وحكمة ذلك تمثيل ما ليس بمرئي حتى يصير مرئيًا، فينتقل السامع من حد السماع إلى حد العيان وذلك أبلغ في البيان[14].
﴿ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ ﴾، أي بل أتخذ؟ لأن الذي قبلها خبر، والمراد بها التوبيخ لمن قال ذلك، وجرى على كلام العباد[15].
وقال أبو البقاء في قوله تعالى: ﴿ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ ﴾، تقديره: بل “أتخذ!”، بهمزة مقطوعة على الإنكار، ولو جعلناه همزة وصل لصار إثباتًا -تعالى الله عن ذلك- ولو كانت “أم” المنقطعة بمعنى “بل” وحدها دون الهمزة وما بعد “بل” متحقق، فيصير ذلك في الآية متحققًا، تعالى الله عن ذلك![16].
﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾
قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ﴾، بين ذلك بقوله في النحل: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ﴾ [17].
﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾
قوله تعالى: ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ ، فإنه سبحانه كنى عن النساء بأنهن يُنشأْن في الترفه والتزيّن والتشاغل عن النظر في الأمور ودقيق المعاني، ولو أتى بلفظ “النساء” لم يشعر بذلك، والمراد نفي ذلك -أعني الأنوثة- عن الملائكة، وكونهم بنات الله -تعالى الله عن ذلك[18].
﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ ﴾ أي: “سمّوا الملائكة”، على قول، ويشهد له قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى ﴾ [19] أو يكون المعنى: اعتقدوهم إناثًا[20].
وقوله تعالى: ﴿ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ﴾ أي: ما شهدوا ذلك[21].
﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُون ﴾ َ، أي: على دِين[22].
قال رحمه الله: ومن معاني “الهدى”: السُّنة، كقوله سبحانه: ﴿ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [23].
﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾
قوله تعالى: ﴿ لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾، ردَّ عليهم بقوله: ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ﴾[24].
وقال أبو علي[25] في قوله تعالى: ﴿ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ ، إن ظاهر اللفظ يقتضي أن يكون من مكة والطائف جميعًا، ولما لم يمكن أن يكون منهما، دلَّ المعنى على تقدير: “رجل من إحدى القريتين”[26].
﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾
قال ابن فارس[27]: وكل شيء في القرآن من “يسْخَرون” و”سِخرِيًّا”، فإنه يراد به: الاستهزاء، غير التي في سورة الزخرف ﴿ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾، فإنه أراد أعوانا وخدمًا[28].
وقوله تعالى: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ ﴾ ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا ﴾[29]، بالسين: تفريق الأرزاق والإنعام، وبالصاد: تفريق الإهلاك والإعدام[30].
﴿ وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾، أي: ما كل، فجعلوا “إن” بمعنى “ما”، واللام بمعنى “إلا” في الإيجاب[31].
﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾
قال ابن قتيبة[32] في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ ﴾، أنه من عَشَوْت أعشو عشوًا: إذا نظرت، وغلَّطوه في ذلك، وإنما معناه: يعرِض، وإنما غلط؛ لأنه لم يفرق بين عشوتُ إلى الشيء، وعشوت عنه[33].
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾
قوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ ﴾، أراد المشرق والمغرب، فغلَّب المشرق؛ لأنه أشهر الجهتين، قاله ابن الشجري[34].
﴿ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾، وذلك لأن الاشتراك في المصيبة يخفف منها ويسلى عنها، فأعْلَم سبحانه أنه لا ينفعهم ذلك[35]، وهذا أعظم ما يكون من التحسير[36].
﴿ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾
قوله تعالى: ﴿ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ ﴾ ، أي: ليس ذلك إليك، كما قال تعالى:﴿ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ﴾[37]، وهنا أمران:
أحدهما: أنَّ الإنكارَ قد يجيء لتعريف المخاطَب أن ذلك المدَّعى ممتنع عليه، وليس من قدرته، كقوله تعالى: ﴿ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ ﴾؛ لأن إسماع الصم لا يدّعيه أحد، بل المعنى أن إسماعَهم لا يمكن؛ لأنهم بمنزلة الصم والعمي؛ وإنما قدم الاسم في الآية، ولم يقل: “أتسمع الصم”؟ إشارةً إلى إنكار موجّه عن تقدير ظنّ منه أنه يختص بإسماع مَنْ به صمَم، وأنه ادعى القدرة على ذلك، وهذا أبلغُ من إنكار الفعل[38].
﴿ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾، نزلت عليه ليلة أسري به[39]، ونزل ومعها عشرون ألف ملك وسائر القرآن نزل به جبريل بلا تشييع[40].
﴿ وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ﴾، معناه: ما من آية من التسع إلا وهي أكبر من كل واحدة منها، فاضلة ومفضولة، في حالة واحدة.
وأشار الزمخشري[41] بأنّ الغرض وصفهن بالكبر من غير تفاوت فيه، وكذلك العادة في الأشياء التي تتفاوت في الفضل التفاوت اليسير، أن تختلفَ آراء الناس في تفضيلها، وربما اختلف آراء الواحد فيها كقول الحماسي:
من تلقَ منهم تقُل لاقيتُ سيّدَهم♦♦♦ مثل النجوم التي يَسري بها الساري[42]
وأجاب ابن الحاجب[43] بأن المراد الأعلى أكبر من أختها عندهم، وقت حصولها، لأن لمشاهدة الآية في النفس أثرًا عظيمًا ليس للغائب عنها[44].
﴿ وَقَالُوا يَاأَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَ السَّاحِرُ ﴾ أي يا أيها الرجل الساحر[45]، أو: يأيها العالم الكامل، وإنما قالوا هذه تعظيمًا وتوقيرًا منهم له؛ لأن السحر عندهم كان عظيمًا وصنعة ممدوحة، وقيل: معناه يأيها الذي غَلَبنا بسحره، كقول العرب “خاصمته فخصمته” أي غلبته بالخصومة، ويحتمل أنهم أرادوا تعييب موسى÷ بالسحر، ولم ينافسهم في مخاطبتهم به، رجاء أن يؤمنوا[46].
وقوله تعالى: ﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ﴾ قيل: إن قوله: ﴿ بِمَا عَهِدَ ﴾ قَسَم، والأولى أن يقال: إنه سؤال لا قسم[47].
قال رحمه الله: سقطت الألف الزائدة لتطويل هاء التنبيه في النداء في ثلاثة أحرف: ﴿ أَيُّهَ الْمُؤْمِنُون ﴾ َ[48]، و﴿ يَاأَيُّهَ السَّاحِر ﴾ ُ[49]، و﴿ أَيُّهَ الثَّقَلَان ﴾ ِ[50]، والباقي بإثبات الألف، والسِّر في سقوطها في هذه الثلاثة: الإشارة إلى معنى الانتهاء إلى غاية ليس وراءها في الفهم رتبة يمتد النداء إليها، وتنبيه على الاقتصار والاقتصاد من حالهم والرجوع إلى ما ينبغي[51].
﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ ﴾ [الزخرف: 51، 52]، فإنهم إذا قالوا له: أنت خير، كانوا عنده بصراء، فكأنه قال: أفلا تُبصِرُون أم أنتم بصراء؟[52].
﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴾
قال البغوي في قوله: ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ﴾، بمعنى “بل” وليس بحرف عطف، على قول أكثر المفسرين.
وقال الفراء وقوم من أهل المعاني: الوقف على قوله “أم”، وحينئذٍ تم الكلام، وفي الآية إضمار، والأصل: أفلا تنصرون أم تبصرون؟ ثم ابتدأ فقال: ﴿ أَنَا خَيْرٌ ﴾ [53].
قلت: فعلى الأول تكون منقطعة، وعلى الثاني متصلة.
وفيها قول ثالث، قال أبو زيد[54]: إنها زائدة، وإن التقدير: أفلا تبصرون أنا خير منه!
والمشهور أنها منقطعة؛ لأنه لا يسألهم عن استواء علمه في الأول والثاني؛ لأنه إنما أدركه الشك في تبصرهم بعد ما مضى كلامه على التقرير، وهو مثبت وجواب السؤال “بلى”، فلما أدركه الشك في تبصرهم، قال:﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ ﴾ .
وسأل ابن طاهر[55] شيخَه أبا القاسم بن الرَّماك[56]: لِمَ لم يجعل سيبويه “أم” متصلة! أي “أفلا تبصرون أم تبصرون”؟ أي أيّ هذين كان منكم؟ فلم يُحر جوابًا، وغضب وبقى جمعة لا يقرّر حتى استعطفه.
والجواب من وجهين:
أحدهما أنه ظن أنهم لا يبصرون، فاستفهم عن ذلك، ثم ظن أنهم يبصرون، لأنه معنى وقوله: ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ ﴾ ، فأضرب عن الأول واستفهم، كذلك أزيد عندك أم لا؟
والثاني: أنه لو كان الإبصار وعدمه مُتَعَادِلَين لم يكن للبدء بالنفي معنى، فلا يصح إلا أن تكون منقطعة، وقد تحتمل المتصلة والمنقطعة، كما قال في قوله تعالى: ﴿ أَمْ تُرِيدُون ﴾ َ[57].
قال الواحدي: إن شئت جعلت قبله استفهاما رُدّ عليه، وهو قوله:﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ ﴾[58]، وإن شئت منقطعة عَمّا قبلها مستأنفًا بها الاستفهام، فيكون استفهامًا متوسطًا في اللفظ، مبتدًا في المعنى، كقوله تعالى: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾ [59]، ثم قال:﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ ﴾. أ. هـ
والتحقيق ما قاله أبو البقاء: إنها –هاهنا- منقطعة؛ إذ ليس في الكلام همزة تقع موقعها، وموقع “أم” “أيهما” والهمزة في قوله: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ ﴾[60]، ليست من أم في شيء، والتقدير: بل أتريدون أن تسألوا؟ فخرج بـ”أم” من كلام إلى آخر[61].
﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾
قال ابن فارس: كل ما في كتاب الله من ذكر “الأسف” فمعناه: الحزن، كقوله تعالى في قصة يعقوب ﴿ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ ﴾ [62]، إلا قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا ﴾، فإن معناه: أغضبونا، وأما قوله في قصة موسى﴿ غَضْبَانَ أَسِفًا ﴾ [63]، فقال ابن عباس: مغتاظًا[64].
﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾، هذا أشد ما يكون من التنفير عن الخُلة إلا على التقوى[65].
﴿ يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ﴾، فإن “الياء” ثبتت؛ لأنه خطاب لهم في الآخرة غير محجوبين عنه -جعلنا الله منهم- إنه منعم كريم، وثبت حرف النداء، فإنه أفهمهم نداءه الأخروي في موطن الدنيا، في يوم ظهورهم بعد موتهم، وفي محل أعمالهم، إلى حضورهم يوم ظهورهم الأخروي، بعد موتهم وفي محل جزائهم[66].
﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الزخرف: 70، 71].
قوله تعالى: ﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ﴾، ثم قال: ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ ﴾ ، فانتقل عن الخطاب إلى الغيبة، ولو ربط بما قبله لقال: ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ ﴾؛ لأنه مخاطَب لا مخبَر، ثم التفت فقال: ﴿ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾[67]، فكرَّر الالتفات[68].
وقوله تعالى: ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾، هذا أبلغ ما يكون من الوصف بكل ما تميل إليه النفس من الشهوات وتلذ الأعين من المرئيات، ليعلم أن هذا اللفظ القليل جدًا حوى معاني كثيرة لا تنحصر عددًا[69].
﴿ وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾
قال رحمه الله: ومن معاني اللام: “الابتهال وهو الدعاء”، نحو: ﴿ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾ [70].
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾
قال مكِّي في قوله تعالى: ﴿ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾ أي: أول من يعبد الله[71]، ومن قال: “الأنِفين” فقوله مردود؛ لأنه يلزم أن يكون العَبِدين لأنه إنما يقال: عَبِد من كذا أي أنف[72].
قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾، أي: ولكن ليس له ولد فلا أعبد سواه[73].
________________________________________
[1] سورة الشعراء: 196.
[2] سورة الأعلى: 18.
[3] الكشاف 5/ 425.
[4] العلامة المصنف فارس الكلام سيف الدين علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التغلبي الآمدي الحنبلي ثم الشافعي، ولد سنة نيف وخمسين، وقرأ بآمد القراءات على عمار الآمدي، ومحمد الصفار، وتلا ببغداد على ابن عبيدة، وحفظ “الهداية” وتفقه على ابن المني، وله كتاب “أبكار الأفكار” في الكلام، و”منتهى السول في الأصول” و”طريقة” في الخلاف، وله نحو من عشرين تصنيفًا، قال سبط الجوزي: لم يكن في زمانه من يجاريه في الأصلين وعلم الكلام، وكان يظهر منه رقة قلب وسرعة دمعة، أقام بحماة، ثم بدمشق، مات في رابع صفر سنة إحدى وثلاثين وستمئة، وله ثمانون سنة. (تهذيب سير أعلام النبلاء 3/ 230، رقم الترجمة (5700).
[5] العبارة فيها تصحيف حيث إن عبارة الآمدي هي “فإن الجعل قد يطلق بمعنى التسمية..” أبكار الأفكار في أصول الدين، للآمدي، مطبعة دار الكتاب والوثائق القومية – القاهرة، ط/ 2 ت/ 1424هـ – 2004م، ج/ 1 ص/ 363.
[6] سورة الحجر: 91.
[7] رواه البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ: «لَمْ يَأْذَنِ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ»، كتاب فضائل القرآن – باب “من لم يتغن بالقرآن”، ص/ 1283، رقم الحديث (5023)، ورواه مسلم، كتاب صلاة المسافر وقصرها، باب “استحباب تحسين الصوت بالقرآن”، ص/ 356، رقم الحديث (792).
[8] سورة الإسراء: 12.
[9] سورة الزخرف: 19.
[10] سورة الحجر: 91.
[11] سورة المؤمنون: 50.
[12] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – لفظ جعل 4/ 84-85.
[13] المصدر السابق: معرفة أسمائه واشتقاقاتها 1/ 192.
[14] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – الاستعارة 3/ 266.
[15] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات – أم 4/ 116.
[16] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات – أم 4/ 118.
[17] سورة النحل: 58. البرهان: معرفة تفسيره وتأويله – تقسيم القرآن إلى ما هو بين بنفسه.. 42/ 121.
[18] البرهان: الكنايات والتعريض في القرآن – أسباب الكناية 2/ 191.
[19] سورة النجم: 27. البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – لفظ جعل/ أحواله 4/ 83.
[20] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – لفظ جعل/ أحواله 4/ 85.
[21] المصدر السابق: أقسام معنى الكلام – استفهام الإنكار 2/ 204.
[22] البرهان: معرفة تفسيره وتأويله – الإجمال ظاهرًا وأسبابه 2/ 132.
[23] المصدر السابق: جمع الوجوه والنظائر – معاني الهدى 1/ 85.
[24] سورة القصص: 68. البرهان: معرفة تفسيره وتأويله – تقسيم القرآن إلى ما هو بين 2/ 123.
[25] انظر قوله في: الحجة للقرّاء السبعة، دار المأمون للتراث – دمشق/ بيروت، ط/ 1 ت/ 1411هـ – 1991م، ج/ 4 ص/ 11-12.
[26] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – المثنى وإرادة الواحد 3/ 5.
[27] أفراد كلمات القرآن العزيز لابن فارس ص/ 12.
[28] البرهان: جمع الوجوه والنظائر 1/ 87.
[29] سورة الأنبياء: 11.
[30] البرهان: علم مرسوم الخط – حروف متقاربة تختلف في اللفظ لاختلاف المعنى 1/ 295.
[31] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات – اللام غير عاملة 4/ 205.
[32] تفسير غريب القرآن، لابن قتيبة، ص/ 398، وقد عزا هذا القول لأبي عبيدة، انظر قول أبي عبيدة في “مجاز القرآن” 2/ 204.
[33] البرهان: معرفة غريبه 1/ 206.
[34] أمالي ابن الشجري 1/ 19، المجلس الثاني في تقاسيم التثنية. البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – تغليب الأشهر 3/ 196.
[35] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – الاحتراس 3/ 46.
[36] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – الإيجاز 3/ 146.
[37] سورة النمل: 80.
[38] البرهان: أقسام معنى الكلام – استفهام الإنكار 2/ 204 – 205.
[39] المصدر السابق: معرفة المكي والمدني – ما نزل ببيت المقدس 1/ 141.
[40] المصدر السابق: ما نزل مشيعًا 1/ 143.
[41] الكشاف 5/ 447.
[42] البيت للعَرَنْدس، انظر شرح ديوان الحماسة، للمرزوقي، دار الجيل – بيروت/ لبنان، ط/ 1 ت/ 1411هـ – 1991م، ج/ 2، ص/ 1593.
[43] أمالي ابن الحاجب، ص/ 208 عند تفسير الآية.
[44] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – قواعد في أفعل التفضيل 4/ 108.
[45] المصدر السابق: حذف الموصوف 3/ 101.
[46] المصدر السابق: الخطاب بالشيء عن اعتقاد المخاطب دون ما في نفس الأمر 4/ 38.
[47] المصدر السابق: القسم 3/ 31.
[48] سورة النور: 13.
[49] سورة الزخرف: 49.
[50] سورة الرحمن: 31.
[51] البرهان: علم مرسوم الخط – حذف الألف1/ 275.
[52] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات – 4/ 118.
[53] تفسير البغوي، ص/ 1170.
[54] سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير بن أبي زيد أبو زيد الأنصاري، صاحب النحو واللغة، حدّث عن عمرو بن عبيد وأبي عمرو بن العلاء، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره، مات سنة أربع عشرة ومائتين، وقيل سنة خمس عشرة ومائتين، وله ثلاث وتسعون سنة، بالبصرة. (إنباه الرواة 2/ 30 رقم الترجمة (269).
[55] هو محمد بن أحمد بن طاهر الأنصاري الإشبيلي، تقدم عند تفسير الآية رقم (60) من سورة النمل.
[56] عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن عيسى أبو القاسم الأموي الإشبيلي النحوي المعروف بابن الرَّمّاك، كان أستاذًا في العربية، مدققًا قيِّمًا بكتاب سيبويه، أخذ عن ابن الطَّرَاوة وابن الأخضر، مات كهلاً سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. (بغية الوعاة 2/ 86 رقم الترجمة (1505).
[57] سورة البقرة: 108.
[58] سورة البقرة: 107.
[59] سورة الزخرف: 51.
[60] سورة البقرة: 107.
[61] إملاء ما من به الرحمن 2/ 122. البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات – أم 4/ 116-117.
[62] سورة يوسف: 84.
[63] سورة الأعراف: 150.
[64] أفراد كلمات القرآن العزيز لابن فارس ص/ 10، البرهان: جمع الوجوه والنظائر 1/ 86.
[65] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – الإيجاز 3/ 146.
[66] البرهان: علم مرسوم الخط – حذف الياء 1/ 280.
[67] سورة الزخرف: 71.
[68] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – الالتفات من الخطاب إلى الغيبة 3/ 199.
[69] المصدر السابق: الإيجاز 3/ 147.
[70] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات – اللام العاملة جزمًا 4/ 213.
[71] تفسير القرطبي 19/ 89.
[72] البرهان: معرفة تفسيره وتأويله – الإجمال ظاهرًا وأسبابه 2/ 133.
[73] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – إبراز الكلام في صورة المستحيل 3/ 33.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد