العمق نيوز
جريدة أخبارية شاملة

نسائم الإيمان ومع أم كلثوم بنت عقبه

0

إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

أم كلثوم بنت عقبة بن معيط ، وهى صحابية من صحابيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أول من هاجر من النساء بعد أن هاجر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، ولم نعلم قرشية خرجت من بين أبويها مسلمة مهاجرة إلى الله ورسوله إلا أم كلثوم بنت عقبة، فقد خرجت من مكة وحدها وصاحبت رجلا من خُزاعة حتى قدمت المدينة في الهدنه لصلح الحديبيه، واسمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، الأموي، وأمية بن عبد شمس هو الجد الجامع لبني أمية إحدى بطون قبيلة قريش الكنانية المضرية العدنانية.

وأمها هي أروى بنت كريز بن ربيعة، وأم كلثوم هي أخت عثمان بن عفان لأمه، فقد كانت أروى بنت كريز، زوجة عفان بن أبي العاص، والد عثمان، فلما مات عفان، تزوجها عقبة بن أبي معيط، ونشأت أم كلثوم في أسرة لها أب شديد الكره والعداء للإسلام وللنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك كان إخوتها: عمارة والوليد وخالد، ورغم هذه البيئة المُعادية للنبي صلى الله عليه وسلم، والكارهة للإسلام، فإن أم كلثوم تفكرت سرًّا في دعوة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وقارنت بين أصنام متعددة من الحجر أو العجوة صنعها الناس بأيديهم، وهي لا تضر ولا تنفع.

وبين إله واحد لا شريك له، خلق الكون كله، فهداها تفكيرها إلى الإله الواحد، وقد زادت كراهيةُ إخوة أم كلثوم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والمسلمين بعد مقتل أبيهم في غزوة بدر، فقد خرج أبوها للقتال مع المشركين فقُتل وانهزم المشركون، وقد أسلمت في مكة المكرمه وبايعت النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يتهيأ لها الهجرة إلى سنة سبع للهجرة، وكان خروجها فى زمن صلح الحديبية، وكان من الأمور الصعبة على أم كلثوم كفتاة وحيدة الخروج وحدها لتقطع الطريق إلى المدينة دون حماية فخرجت أم كلثوم ورغم المخاطر من مكة وحدها.

وفي الطريق قام بحراستها أحد المؤمنين من قبيلة خزاعة وفي ذلك الوقت لم تنزل بعد آيات التحريم والحجاب، وعندما بلغت المدينة، ولم تكن تعلم أن أخويها: الوليد وعمار قد انطلقا من مكة خلفها، فلم يمض يوم على استقرارها في المدينة حتى وصلا إلى المدينة وتقدما إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ليقولا له “أوف لنا بشرطنا وما عاهدتنا عليه”، وكان المشركون قد شرطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الحديبية: إنه من جاء من قبلنا وإن كان على دينك رددته إلينا ومن جاءنا من قبلك رددناه إليك، فكان يردّ إليهم من جاء من قبلهم يدخل في دينه.

فلما جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مهاجرة جاء أخواها يريدان أن يخرجاها ويرداها إليهم، فوقفت أم كلثوم بجرأة لتقول: ” يا رسول الله أنا امرأة وحال النساء إلى الضعف ما قد علمت، أفتردني إلى الكفار يفتنونني في ديني ولا صبر لي” فجاءت فيها وفي النساء من مثل حالتها، سورة الممتحنة “إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن” فكان يقول لهن محلفا: ” الله ما أخرجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام، ما خرجتن لزوج ولا مال ؟ فإذا قلن ذلك، لم يرجعهن إلى قومهن، وعندما قالت أم كلثوم هذا، التفت الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى الوليد وعمارة قائلا.

” قد أبطل الله العهد في النساء بما قد علمتاه”، فانصرفا، وذكر ابن إسحاق أن أخويها رحلا بعد رفض النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يردها إليهماوفي المدينة تزوجت أم كلثوم من أربعة من الصحابة الكرام فى حياتها، فتزوجت زيد بن حارثة الذي قتل يوم مؤتة، وبعده تزوجت من الزبير بن العوام، وولدت زينب ثم طلقها، فتزوجت مرةً أخرى من أغنى الصحابة عبد الرحمن بن عوف فولدت له إبراهيم وحميداً وإسماعيل، وعندما توفي عنها، تزوجها عمرو بن العاص وقد توفيت بعد شهر من زواجه وذلك في فترة خلافة الإمام علي بن أبى طلب رضى الله عنه.

وبهذا كانت هجرة أم كلثوم خيرا وبركة على المهاجرات اللاتي أتين مِن بعدها، حيث صارت أي امرأة تؤمن بالله ورسوله لا تخشى أن يُعيدها النبي إلى الكفار بسبب المعاهدة صلح الحديبية، وقد جاءت بالفعل بعد أم كلثوم بنت عقبة نساء كثيرات أسلمن، وتركن مكة وهاجرن إلى المدينة فرارا بدينهن من أذى الكفار، ولما قدمت أم كلثوم من مكه إلى المدينه كانت ما تزال فتاة صغيرة السن لم تتزوج بعد، وقد أعجب بصدق إيمانها وشجاعتها كثير من الصحابة، فتقدم لخطبتها الزبير بن العوام، وزيد بن حارثة، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، فاستشارت أخاها لأمها عثمان بن عفان.

فأشار عليها أن تأتي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فتستشيره، فأتته، فأشار عليها بزيد بن حارثة، فتزوجته وعاشا في سعادة وخير، وولدت له ابنا وابنة، لكنهما ماتا صغيرين، ثم إن زوجها زيدا قُتل يوم غزوة مؤتة، فتزوجها الزبير بن العوام، فولدت له زينب، ثم طلقها، فتزوجها عبد الرحمن بن عوف، فولدت له أولادا، ومات عنها، فتزوجها عمرو بن العاص، لكنها لم تلبث أن ماتت بعد زواجها منه بشهر، وقد روت هذه الصحابية عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عشرة أحاديث في مسند بقي بن مخلد، ولها أيضاً في الصحيحين حديث واحد، وهو حديث حالات الكذب.

وهو عن عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب أن حميد بن عبد الرحمن أخبره أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا رواه البخاري، وعنها أنها قالت ولم أسمعه، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم،” يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث الحرب والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها” رواه أحمد ومسلم، وعن عبد الله بن أبي أحمر قال: قالت أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط: “أنزل فيّ آيات من القرآن.

وكنت أول من هاجر في الهدنة حين صالح رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قريشاً على أنه من جاء رسول الله بغير إذن وليه رده إليه، ومن جاء قريشاً ممن مع رسول الله لم يردوه إليه، قالت: فلما قدمت المدينة قدم عليّ أخي الوليد بن عقبة، قالت: ففسخ الله العقد الذي بينه وبين المشركين في شأني، فأنزل الله:” يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ” إلى قوله: ” ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجوره ” ثم قالت: ثم أنكحني رسول الله صلى الله عليه وسلم، زيد بن حارثة، وكان أول من نكحني فقلت: يا رسول الله، زوجت بنت عمك مولاك؟

فأنزل الله: ” وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ” قالت: فسلمت لقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم” ثم قتل عني فأرسل إلى الزبير بن العوام أبي بن خالد فاحبسني على نفسه، فقلت نعم، فأنزل الله: ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سراً إلا أن تقولوا قولاً معروفاً ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) قالت: ثم حللت فتزوجت الزبير، وكان ضراباً للنساء، فوقع بيني وبينه بعض ما يقع بين المرء وزوجه فضربني وخرج عني وأنا حامل في سبعة أشهر.

فقلت: اللهم فرق بيني وبينه، ففارقني فضربني المخاض فولدت زينب بنت الزبير، فرجع وقد حللت فتزوجت عبد الرحمن بن عوف، فولدت عنده إبراهيم ومحمداً وحميداً بني عبد الرحمن بن عوف، وعن عمرو بن ميمون بن مهران، عن أبيه: أن أم كلثوم بنت عقبة كانت تحت الزبير بن العوام، وكانت له كارهة، وكان شديداً على النساء، فكانت تسأله الطلاق فيأبى، فضربها المخاض وهو لا يعلم، فألحت عليه يوماً وهو يتوضأ للصلاة فطلقها تطليقة، ثم خرج إلى الصلاة فوضعت، فأتبعه إنسان من أهله وقال: إنها وضعت، قال: خدعتني خدعها الله، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له.

فقال: سبق فيها كتاب الله، أخطبها قال: لا، لا ترجع إلي ذكر اللعان” وروى عنها ابناها: حميد، وإبراهيم، وبسرة بنت صفوان، وروى لها الجماعة، سوى ابن ماجه، وساق أخبارها ابن سعيد وغيره، وهكذا كانت أم كلثوم، صحابية جليلة، ضربت لنساء الأمة الإسلامية أروع مثال للمرأة المدافعة والمحبة لدينها ولرسولها، والتي لا تخاف في الله لومة لائم في قول الحق، وكان لها دور فعال في رواية أحاديث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ونزل فيها قرآن ثلاث مرات، وفي نهاية المطاف تزوجت أم كلثوم عمرو بن العاص ، وقد توفيت بعد شهر من زواجه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد